نتباهى كثيرا بارتياد أبنائنا للمدارس العالمية واستيراد المفردات الأجنبية داخل أحاديث صغارنا وكأنهم أنجزوا فتوحات كبيرة بهذه اللغة الخليط الغريبة عنا. تعلم اللغات الأجنبية موهبة ومهارة رائعة كما أنها مطلب مهم جدا في حياتنا، ولكن الخطر أن ننظر للغتنا الأصلية وهويتنا على أنها معيق لمسار حياتنا الفعلية، أو أنها وصمة عار داخل أحاديثنا إذا ما تحدثنا ببعض مفرداتها، أو استشهدنا بأشعارها، فأجد أن هناك من يفخر بأنه لا يجيد العربية كثيرا!! اللغة الأم هي من تشكل طرائق تفكيرنا، واختياراتنا بل تمتد لتكون هي القيم والمبادئ فإذا ما تم إهمالها، أو حتى استبدالها في التعليم بأخرى لا بد أن تقرع الأجراس ونبدأ في الفعل الجاد للحيلولة دون أن يجرفنا السيل، ولنتساءل كيف يمكن أن تكون صورة جيلنا الحالي بعد عشر سنوات من ابتعاده عن اللغة العربية وتعاطيه للغة أجنبية في التعليم والتفكير والحياة؟ لا نريد أن نستعرض تجارب أمم سابقة تحطمت وانتهت نتيجة حروب أو تقسيمات عرقية، وعندما بدأت في النهوض كانت اللغة الأصلية هي المظلة الحامية لهذا التوحد والبداية الحقيقية للعمل على نهوضها، فما بالنا نحن ولدينا كل مقومات البداية الحقيقية للنهوض الحضاري ومع ذلك نوليها ظهورنا ونتحدث وكأننا غرباء عن هذه اللغة، فمن يبدأ في تعليق الجرس؟!! نعلم أيضا أن هناك من يقول إن هذه المشكلة ليست بجديدة بل إن تهويلها بهذه الطريقة مبالغ فيه بدليل أن شعوبا عاشت تحت الاستعمار وما زالت تحتفظ بلغتها وهويتها، وهنا يكمن الفارق عندما تحافظ شعوب على لغة ترى فيها الهوية والانتماء وبين من يراها معوقا وسدا ضد الحضارة والتمدن!!! ولكن الصورة ليست بهذه السوداوية فهناك جهود رائعة في تطوير المناهج في لغتي الجميلة ولغتي الخالدة.. من تحبيب الصغار في التعاطي بهذه اللغة والاستراتيجيات الحديثة في تدريسها وكذلك جهود مؤسسة الفكر العربي الرائدة في هذا المجال، ولكن يبقى الطموح وتظل الرغبة جامحة في الدفاع والإبقاء على لغتنا هي الجمال الأوحد والتاج الأبقى على رؤوسنا دائما.
مشاركة :