اليوم.. ذكرى ميلاد أسد الصحراء عمر المختار

  • 8/20/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عمر المختار، من أبرز المحاربين الذي تصدوا للاحتلال والغزو الخارجي في الدول العربية، ويعد بطلًا شعبيًا في ليبيا حتى بعد إعدامه منذ سنوات طويلة.لقب بشيخ الشهداء أو أسد الصحراء، وولد في مثل هذا اليوم 20 اغسطس 1862 وأعدمه الاحتلال الايطالي في يوم 16 سبتمبر 1931.ينتسب عمر المختار إلى قبيلة المنفه إحدى كبريات قبائل المرابطين ببرقة، ولد في قرية جنزور بمنطقة دفنة في الجهات الشرقية من برقة التي تقع شرقي ليبيا على الحدود المصرية، وتربى يتيما، حيث وافت المنية والده مختار بن عمر وهو في طريقه إلى مكة المكرمة بصحبة زوجته عائشة.عندما تمكنت قوات الاحتلال الإيطالي من إلقاء القبض على "عمر المختار"، ردد عند إعدامه "نحن لن نستسلم ننتصر أو نموت، وهذه ليست النهاية، بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه، أما أنا فإن عُمري سيكون أطول من عُمر شانقي".وفي يوم 16 سبتمبر عام 1931، تدلى جسد الشيخ الشهيد عمر المختار في السن (73 عاماً) ، من حبل المشنقة بعد عروض مغربة رفضها، ثم محاكمة صورية قضت بإعدامه، لتبقى صورته معلقة على المشنقة رمزاً للكفاح لأجيال تلت، وكان والد عمر المختار توفي مبكرا في مكة أثناء تأدية فريضة الحج، وأثناء مرضه أوصى للشيخ حسين الغرياني (شيخ زاوية جنزور الواقعة شرق طبرق) أن يتعهد بتربية ولديه عمر ومحمد، وتولى الشيخ الغرياني رعايتهما، وأدخلهما مدرسة القرآن الكريم في الزاوية، ثم ألحق عمر المختار بالمعهد الجغبوب الديني لينضم إلى طلبة العلم من أبناء الأخوان والقبائل.تميز عمر المختار بنبوغه منذ الصغر، ودرس لمدة 8 سنوات في معهد واحة الجغبوب، التي كانت وقتها عاصمة للدعوة السنوسية شرقي ليبيا، فدرس فيه على مدى ثماني سنوات، الفقه والحديث والتفسير واللغة العربية، على يد كبار علماء ومشايخ السنوسية، وفي مقدمتهم الإمام المهدي السنوسي قطب الحركة السنوسية، وشهد له شيوخه بالنباهة ورجاحة العقل، ومتانة الخلق، وحب الدعوة، وكان يقوم بما عليه من واجباتٍ عملية أسوة بزملائه.وكان أساتذة المعهد يبلغون الإمام محمد المهدي السنوسي أخبار الطلبة وأخلاق كل واحد منهم، فأكبر السيد محمد المهدي السنوسي في عمر المختار صفاته وما يتحلى به من مناقب، وكان عمر المختار منذ شبابه على قدر عالي من الفطنة والذكاء، فهو على إلمام واسع بشؤون البيئة التي تحيط به وعلى جانب كبير في الإدراك بأحوال الوسط الذي يعيش فيه وعلى معرفة واسعة بالأحداث القبلية وتاريخ وقائعها، ومعرفة الأنساب والارتباطات التي تصل هذه القبائل بعضها ببعض، وبتقاليدها، وعاداتها، ومواقعها.وتعلم عمر المختار من بيئته التي نشأ فيها وسائل فض الخصومات البدوية وما يتطلبه الموقف من آراء ونظريات، كما أنه أصبح خبيراً بمسالك الصحراء وبالطرق التي كان يجتازها من برقة إلى مصر والسودان في الخارج وإلى الجغبوب والكفرة من الداخل، وكان يعرف أنواع النباتات وخصائصها على مختلف أنواعها في برقة، وكان على دراية بالأمراض التي تصيب الماشية ببرقة ومعرفة بطرق علاجها نتيجة للتجارب المتوارثة عند البدو.تولى المختار في بداية حياته العديد من المناصب، ففي سنة 1897 أصبح بتكليف من المهدي السنوسي شيخاً (بمثابة والي) لبلدة تسمى زاوية القصور ، التي تقع في منطقة الجبل الأخضر (شرق)، كان فيها منصفا حكيماً لما يعلمه من فنون فض النزاعات بين الناس.وحين بلغ مرحلة الشباب، انتقل عمر المختار، إلى بلاد "التشاد" الإفريقية، حيث زاوج بين نشر تعاليم الدين الإسلامي ومقاومة المستعمر الفرنسي عندما بدأ استعمارهم لتشاد عام 1900، كما انتقل أيضاً إلى أنحاء شرق إفريقيا والصحراء الكبرى، حيث بنى المساجد والزوايا فيها ليعلم الناس دينهم وينشر الإسلام بينهم.وعمل عمر المختار في دولة السودان سنوات طويلة نائباً عن المهدي السنوسي، الذي قال فيه بإعجاب قوله المعروف: "لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم"، وذلك لما أبداه الرجل من حكمة وفراسة، وأقام أيضًا في "قرو" (غرب السودان) مدة من الزمن، ثم عينه السيد المهدي شيخاً لزاوية "عين كلك"، فاستمر المختار في السودان وقتاً طويلاً نائباً عن السيد السنوسي، وكان يقوم بتعليم أبناء المسلمين، وينشر الإسلام في هذه البقاع النائية، وشارك في القتال الذي نشب بين السنوسية والفرنسيين في المناطق الجنوبية في السودان.وحصل عمر المختار على لقب "سيدي" عمر، الذي لم يكن يحظى به إلا شيوخ الحركة السنوسية الكبار (دعوة إسلامية أسسها الشيخ العالم المجاهد محمد بن علي السنوسي)، وذلك لحكمته ومكانته التي اكتسبها، إضافة إلى علاقته وقربه من العائلة.وبعد وفاة محمد المهدي السنوسي، ثاني رجال الحركة السنوسية عام 1902، عاد عمر المختار مجددا إلى برقة بطلب من القيادة السنوسية، ليعين مجددا وللمرة الثانية شيخاً لبلدة زاوية القصور، والذي أحسن إدارتها لدرجة أن العثمانيين (كانوا يحكمون ليبيا وقتها) رحبوا بإدارته للمنطقة التي جلب إليها الهدوء والاستقرار.وقد تميز عمر المختار إضافة إلى الإجتهاد في طلب العِلم، بقدرته على ركوب الخيل في الصحراء والجبال الليبية، التي ساعدته نشأته فيها على تعلّم جميع مسالكها، ودعي في سنة 1908 للمشاركة في المعارك بين الكتائب السنوسية والقوات البريطانية على الحدود الليبية المصرية في مناطق البردية والسلوم ومساعد، وخاض معركة السلوم التي انتهت بوقوع البلدة في أيدي البريطانيين.انطلقت مسيرة عمر المختار في المقاومة الشرِسة ضد المستعمر الإيطالي، الذي أعلن في 29 سبتمبر 1911 الحرب على الدولة العثمانية التي كانت ليبيا حينها جزءاً منها، بدأت قواته في النزول في مدينة بنغازي الساحلية في 19 أكتوبر 1911، حيث سارع شيخ المجاهدين حينها إلى جمع حوالى 1000 مقاتل من قبيلته وكون حركة الجهاد ضد الغزاة الإيطاليين، مؤسسا أول معسكرات منطقة الخروبة (جنوب مدينة المرج القديمة) قبل أن ينتقل إلى الرجمة (شرق بنغازي) ، ليشاركوا في معركة السلاوي أواخر 1911، لتبدأ معركة الكر والفر والتصدي لقوات الاحتلال حيث حدثت مناوشات في سنة 1912، إلى جانب العديد من المعارك والغارات وأساليب الكر والفر التي استمرت ما يقارب 20 عاماً.فأنزل عمر المختار بالإيطاليين خسائر فادحة، تركز معظمها على مدينة درنة (شمال شرق)، منها معركة "يوم الجمعة" 16 مايو 1913، دامت يومين، وانتهت بمقتل 70 جندياً إيطالياً وإصابة نحو 400 آخرين، كما دارت في 6 أكتوبر من العام نفسه معركة "بو شمال" في منطقة عين مارة، وفي فبراير عام 1914 معارك "أم شخنب" و"شلظيمة" و"الزويتينة"، كان خلالها المختار ينتقل بين جبهات القتال ويقود المعارك.ومن أشهر المعارك التي قادها المختار، هي معركة يوم الرحيبة في شرق ليبيا، في 28 مارس 1927، وهي من أكثر المعارك التي حصدت فيها إيطاليا خسائر فادحة وانفضح أمرها في روما وبات المختار شبحاً يتمنى جميع الإيطاليين الوصول إليه، ورصدت جائزة مالية بلغت قيمتها 200.000 فرنك لمن يأتي بالقائد عمر المختار ويقوم بتسليمه إلى الإيطاليين.وفي إحدى المعارك التي اندلعت في شهر سبتمبر 1931، تمكنت قوات الاحتلال الإيطالي من إلقاء القبض على أسد الصحراء "عمر المختار"، الذي اقتيد وحيداً وسط الجيوش المسلحة إلى مدينة بنغازي وتم سجنه واعتقاله والتحقيق معه بتهم مقاومة الإيطاليين لعشرين عاماً، ليردد عند إعدامه ببسالة "نحن لن نستسلم ننتصر أو نموت، وهذه ليست النهاية، بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه، أما أنا فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي".

مشاركة :