اعتبر مراقبون أن دخول الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية العراقية الأميركية مرحلة جديدة بتوقيع عدد من الاتفاقات خلال زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى واشنطن في مجالات الطاقة والكهرباء، سيعبّد الطريق أمام إبعاد إيران عن بغداد ويقلص نفوذها التجاري في البلد الذي ترى فيه متنفسا من ضغوط حظر الولايات المتحدة. واشنطن - استأثرت المجالات الاقتصادية بمعظم الاتفاقات المبرمة في واشنطن بين العراق والولايات المتحدة خلال زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في خطوة تراهن عليها إدارة الرئيس دونالد ترامب لإبعاد بغداد عن فلك إيران، التي تهيمن على جارتها النفطية. وقبل يوم من أول زيارة للكاظمي إلى البيت الأبيض وقعت خمس شركات أميركية من بينها شيفرون اتفاقات مع الحكومة العراقية تهدف إلى تعزيز استقلال بغداد في مجال الطاقة عن طهران. وقالت وزارة الطاقة الأميركية إن “شركات هانيويل إنترناشونال وبيكر هيوز وجنرال إلكتريك وستيلر إنرجي وشيفرون وقعت اتفاقات تجارية بقيمة تصل إلى 8 مليارات دولار مع وزيري النفط والكهرباء العراقيين”. ويقول محللون إن هذه الشراكات الاقتصادية تمثل خطوة مهمة لاسيما في ظل ضغوط شعبية متواصلة لإنهاء سيطرة السياسيين الفاسدين الموالين لإيران على دواليب الدولة. ولطالما أكدت مصادر حكومية أن الولايات المتحدة تضغط على بغداد للشراكة مع شركات أميركية، مثل جنرال إلكتريك وإكسون موبيل وهانيويل، ووقف الاعتماد على الطاقة الإيرانية. مصطفى الكاظمي: سوف نزيل كافة العقبات أمام الشركات والمصارف الأميركية مصطفى الكاظمي: سوف نزيل كافة العقبات أمام الشركات والمصارف الأميركية وتكمن صعوبة مهمة وزارة الكهرباء العراقية في انقسام البرلمان والحكومة بين فريق يُدين بالولاء لإيران، وفريق متحفظ على نفوذها، في ظل ضغوط أميركية لوقف شراء الكهرباء والغاز من إيران. كما توجد تقاطعات بشأن عقود التطوير الشامل للكهرباء بعد تفضيل بغداد لشركة سيمنز الألمانية لتولّي تلك المهمة، بموجب عقود تصل قيمتها إلى 16.5 مليار دولار. وتضرر الاقتصاد العراقي بسبب إجراءات الإغلاق العام للحد من انتشار فايروس كورونا المستجد وبسبب تراجع أسعار النفط وأدت احتجاجات اندلعت العام الماضي إلى استقالة رئيس الوزراء السابق. واجتمع الكاظمي الخميس بعدد من أعضاء منتدى رجال الأعمال الأميركي وغرفة التجارة الأميركية حيث ناقشوا مواضيع تخص ملفات الاقتصاد والطاقة وغيرها من المجالات المشتركة. ودعا رئيس الوزراء العراقي الشركات والمصارف الأميركية للاستثمار في بلاده، متعهدا بإزالة العقبات أمام عملها. وقال خلال اللقاء الذي جمعه بوزير الطاقة الأميركي دان برويلت إن “هناك أهمية للتعاون الاستراتيجي المستدام مع الولايات المتحدة، ومع الشركات والبنوك الأميركية”. وأشار إلى “استعداد الحكومة لإزالة كل العقبات أمام عمل الشركات الأميركية في العراق”. وتتخوف الكثير من الشركات من دخول السوق العراقية نتيجة مخاوف أمنية، فضلا عن البيروقراطية والفساد المتفشي في البلاد. إلا أن البلاد، بحسب مراقبين محليين، تعتبر قبلة ناجعة للشركات العالمية للمساهمة في إعادة إعمار المدن والمحافظات التي تضررت بنيتها التحتية، خاصة خلال الحرب على تنظيم داعش. وقال الكاظمي إن “الفرص الاستثمارية متاحة أمام رجال الأعمال والشركات الأميركية”، داعيا البنوك إلى “التعاون في مجال تطوير النظام المصرفي العراقي، ليواكب المصارف العالمية بوصفه المنفذ الأساس إلى انفتاح اقتصادي كبير”. وقال برويليت إن “الاتفاقات المبرمة مهمة لمستقبل الطاقة بالعراق وإنني على ثقة من أن الشركات التي مكنت الولايات المتحدة من الاستقلال في مجال الطاقة ستستخدم خبراتها الواسعة لمساعدة العراق على تحقيق إمكانياته الكاملة في قطاع الطاقة”. ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن وزير النفط إحسان عبدالجبار قوله إنه “تم التوقيع اتفاق مع شيفرون العالمية لتأسيس شركة طاقة جديدة في ذي قار يشمل إدارة ملف الطاقة المتكامل في المحافظة من إنتاج النفط والغاز والخدمات الساندة الأخرى”. وأضاف أن “الهدف من هذه الشركة هو خلق تنمية مستدامة كبيرة في ذي قار من شأنها أن تخلق فرص عمل كبيرة جدا ومن شأنها أيضا أن تخلق تنمية هائلة عند توفر المقومات”. والجدول الزمني للمباشرة مع شيفرون للبدء في مجال تأسيس شركة طاقة ذي قار هو سنة واحدة، كما أن الشراكة تتضمن ضخ مليارات من الدولارات في مجال توفير البنى التحتية لصناعة النفط والغاز بصورة متكاملة. وأشار عبدالجبار إلى أنه تم أيضا التوقيع مع هانيويل التي ستسهم بشكل كبير في المساعدة والتنسيق المباشر في مجال تطوير البنى التحتية في قطاعي المصافي والغاز، كما تم التوقيع مع شركة بيكاريوس بصفتها إحدى أكبر شركات الخدمات النفطية التي تتعامل مع شركات وزارة النفط العراقية. 8 مليارات دولار قيمة الاتفاقيات المبرمة بين العراق وشركات أميركية في قطاع النفط والكهرباء ولعل أبرز اتفاقية مع بغداد تلك التي تم إبرامها مع جنرال إلكتريك العملاقة في مجال الطاقة، إذ وقعت صفقتين مع العراق بقيمة تتجاوز 1.2 مليار دولار لإجراء صيانة في محطات الطاقة الكهربائية وتحسين شبكة نقل الطاقة وربطها مع الأردن. وقال وزير المالية العراقي علي عبدالأمير علاوي إن “الوزارة وقعت 3 اتفاقيات مع شركات أميركية لدعم الاقتصاد وتمويل المشاريع الكبيرة وتطوير قطاع الكهرباء”. وتشمل الاتفاقيات وكالة التنمية الأميركية لإعادة برامجها في العراق ودعم الاقتصاد العراقي خاصة في مجال التنمية الاجتماعية. أما الاتفاق الثاني فكان مع إحدى المؤسسات الحكومية الأميركية، التي تدعم الاستثمارات المباشرة عن طريق أخذ حصص في مؤسسات شركات، بما فيها شركات عراقية وستكون مصدرا مهما في تمويل المشاريع الكبيرة. كما تم التوقيع مع شركة جي للتجهيزات الكهربائية لتمويل مشاريع في قطاع الكهرباء، وستكون الاتفاقية مهمة لإعادة بناء قطاع الكهرباء وتوليد الطاقة في العراق. وتسارعت وتيرة تقليص العراق لاعتماده على إمدادات الغاز والكهرباء الإيرانية في أبريل الماضي. وفجّرت وزارة الكهرباء العراقية في أبريل الماضي مفاجأة كبيرة بالإعلان عن خفض استيراد الطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي من إيران بنسبة 75 بالمئة واقترابها من تحقيق الاكتفاء الذاتي من توليد الطاقة الكهربائية. وتشير تقارير دولية إلى أن العراق يستورد الغاز من إيران بأسعار تفوق أضعاف الأسعار العالمية، رغم أن بغداد ضاعفت استثمار الغاز المصاحب وصدّرت الكثير من الشحنات إلى الخارج. ويعاني العراق من نقص كبير في إمدادات الكهرباء بفعل العديد من المشاكل، من بينها انهيار البنية التحتية في العديد من المدن بسبب الحرب المستمرة منذ الغزو الأميركي لبغداد في العام 2003. ووفق البيانات الرسمية، تبلغ الطاقة الإنتاجية المحلية للكهرباء 19.5 غيغاوات من الكهرباء، بينما تحتاج البلاد إلى 26.5 غيغاوات، حيث تعوّض الواردات من إيران تلك الفجوة ولا تشمل تلك الأرقام إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق. وستقدم وكالة التنمية مع المؤسسة الأميركية لدعم الاستثمار خمسة مليارات دولار وستكون على دفعات وستوجه نحو مشاريع إنمائية لغرض تطوير الاقتصاد العراقي.
مشاركة :