منذ اتفاق الصخيرات في المغرب المبرم عام 2015 برعاية الأمم المتحدة، أُعلن عن مبادرات عدة لإخراج ليبيا من الأزمة، إلا أنها بقيت في الواقع حبراً على ورق. والجمعة، أعلنت السلطتان المتحاربتان في ليبيا، كل على حدة، وقفاً فورياً لإطلاق النار وتنظيم انتخابات في البلاد التي شهدت سنوات من النزاعات، في مبادرة رحّبت بها الأمم المتحدة ودول عربية وغربية عدة. ومنذ الإطاحة بنظام الزعيم الراحل معمر القذافي عام 2011، تتنازع سلطتان الحكم، حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج مقرها طرابلس وسلطة أسسها المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي الذي يحظى بدعم جزء من البرلمان المنتخب وخصوصاً رئيسه عقيلة صالح. اتفاق الصخيرات وفي 17 كانون الأول/ ديسمبر 2015، وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب في الصخيرات في المغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة ينصّ على تشكيل حكومة وفاق وطني مقرها طرابلس. لكن البرلمان المنتخب عام 2014 والمؤتمر الوطني – وهو مجلس انتقالي انتُخب في أغسطس/آب2012، أبديا تحفظات عن الاتفاق. في 23 ديسمبر/ كانون الأول، صادق مجلس الأمن الدولي على الاتفاق على أمل التصدي لتنامي انتشار تنظيم داعش في ليبيا ووضع حدّ للهجرة منها إلى أوروبا. وفي 12 مارس/ آذار 2016، أُعلن تشكيل حكومة الوفاق الوطني. وصل رئيسها فائز السراج أواخر الشهر نفسه إلى طرابلس عبر البحر، آتيا من تونس. وفي الشرق، بقيت الحكومة الموازية المدعومة من المشير حفتر والبرلمان، معارضةً له. قمتان في فرنسا في يوليو/تموز 2017، تعهد السراج وحفتر أثناء اجتماع في سيل سان كلو في المنطقة الباريسية، بالعمل لإخراج البلاد من الفوضى ودعوا إلى وقف إطلاق نار وتنظيم انتخابات. وفي 29 مايو/ أيار 2018، تعهّد فائز السراج وخليفة حفتر وكذلك عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري الذين اجتمعوا في باريس، العمل سوياً من أجل تنظيم انتخابات عامة، وفق إعلان تمت تلاوته بعد المؤتمر، لكن هذين الإعلانين بقيا من دون تنفيذ. باليرمو في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، نّظمت إيطاليا القوة الاستعمارية السابقة، مؤتمراً دولياً في باليرمو لمحاولة تحقيق تقارب جديد بين السراج وحفتر، لكن المؤتمر فشل بسبب الانقسامات المستمرة بين الليبيين من جهة والدول الأخرى الداعمة للمعسكرين من جهة أخرى، وقاطع حفتر رغم وجوده في باليرمو، الاجتماعات. فيما خرجت تركيا من المؤتمر. أبوظبي في 28 فبراير/ شباط 2019، أعلنت الأمم المتحدة عن اتفاق جديد أُبرم في أبوظبي أثناء لقاء بين السراج وحفتر بشأن إجراء انتخابات في ليبيا، لكن من دون تحديد جدول زمني ولم يتمّ تنفيذه. وفي العشرين من مارس /آذار 2019، أعلنت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا “مؤتمراً وطنياً” في منتصف أبريل/ نيسان في غدامس (وسط) على أن يتمّ خلاله وضع “خارطة طريق” لإخراج البلاد من الأزمة. وفي الرابع من أبريل/ نيسان 2019، أمر المشير حفتر قواته بشنّ هجوم على طرابلس، مقر حكومة الوفاق، وفي يونيو/حزيران 2020 ومع التدخل العسكري التركي المتزايد، تمكنت حكومة الوفاق من التصدي لهجوم القوات الموالية لحفتر وسيطرت على مجمل أراضي شمال غرب البلاد. إعلانان في ليبيا وفي 21 أغسطس/ آب 2020، أعلن السراج وصالح بشكل مفاجئ في بيانين منفصلين وقفاً فورياً لإطلاق النار في أنحاء البلاد وتنظيم انتخابات مقبلة. إلا أن البيانين ليسا متطابقين. والسؤال الذي يبقى مطروحاً: هل سيُطبّق هذان الإعلانان أم سيبقيان كالاتفاقات السابقة حبراً على ورق؟
مشاركة :