بايدن يتطلع للبيت الأبيض وقد يصبح الرئيس الأمريكي الأكبر سناً

  • 8/21/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أن كان على وشك إنهاء مسيرته المهنية الطويلة وواجه فاجعة، أصبح جو بايدن أخيراً مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة، الذي يراهن على قدرته على كسب تأييد الأمريكيين الذين فاض بهم الكيل من خصمه المناقض له تماماً: دونالد ترامب.وفي خطاب قبول ترشيحه للرئاسة من قبل حزبه الديمقراطي، دعا جو بايدن الخميس الأمريكيين إلى التصويت بكثافة لإنهاء «فترة مظلمة» وجعل دونالد ترامب رئيساً لولاية واحدة. وقد قبل ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر، متوجاً بذلك حياة سياسية بدأها قبل نحو خمسين عاماً.وفي خطاب دعا فيه إلى «أمريكا سخية وقوية»، هاجم بايدن بعنف الرئيس الأمريكي الحالي، بدون أن يذكر اسمه.وإذا كان ترامب قد حمل معه الصخب والتهور إلى البيت الأبيض، حيث حطّم كل شيء من تقاليد ومعاهدات دولية، فإن بايدن يقدم تطمينات؛ إذ يعتبر نفسه شخصية موحّدة بجذور عمالية ويقيم علاقات شخصية مع الناخبين.وبشعره الأشيب وابتسامته العريضة وتاريخه كسيناتور، يبرز كشخصية أبوية قادرة على تهدئة بلد يعاني الانقسام.وبينما يصف ترامب خصمه المخضرم في مؤسسات واشنطن البالغ 77 عاماً بـ«جو الناعس»، يراهن بايدن على أن الأمريكيين لن يمانعوا الحصول على بعض الهدوء بعد ولاية الرئيس الجمهوري الصاخبة.وفي وقت يلخّص ترامب سياساته بإيجاز على أنها «رابحة، رابحة، رابحة»، يشير بايدن الذي سيتم ترشيحه رسمياً خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي الذي يبدأ الاثنين إلى أنه يسعى إلى ما هو أعمق من ذلك: «معركة من أجل روح أمريكا».ويرى بايدن أن «العائلات العاملة تحتاج إلى من يقف إلى جانبها (...) لأنه بكل تأكيد لا يوجد من هو بجانبهم في ظل هذا الرئيس. سيتغيّر ذلك في إدارة بايدن-هاريس»، في إشارة إلى كامالا هاريس التي اختارها لخوض المعركة الانتخابية معه لمنصب نائب الرئيس. - مسيرة مهنية طويلة - يبلغ ترامب من العمر 74 عاماً بينما سيدخل بايدن عامه الـ78 بعد وقت قصير من انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، ليكون بذلك الرئيس الأكبر سناً على الإطلاق الذي يتولى السلطة في الولايات المتحدة.ويعد بايدن تاريخاً حياً، إذ إنه كان واحداً من أصغر أعضاء مجلس الشيوخ سناً الذين انتخبوا، ليقضي ثلاثة عقود في الكونجرس قبل أعوامه الثمانية كنائب لأول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة: باراك أوباما.وترافقت هذه النجاحات مع إخفاقات مهينة، خصوصاً فشله في انتخابات 1988 و2008 الرئاسية.حتى هذه المرة، كان على وشك الفشل في الوصول إلى الاقتراع بعدما خسر في الانتخابات التمهيدية أمام اليساري بيرني ساندرز في آيوا ونيوهامبشير ونيفادا.لكن بايدن عاد بقوة في كارولاينا الجنوبية بفضل الدعم الهائل الذي حصل عليه من الناخبين المتحدّرين من أصول إفريقية، الذين يعدّون قاعدة أساسية لدعم الديمقراطيين. - جانب إنساني - تستند رسالة بايدن إلى حد كبير، إلى ارتباطه بأوباما الذي لا يزال يحظى بشعبية، وسياساته المعتدلة في أوقات الانقسام.لكنها تتميّز بجانب إنساني مؤلم، في تناقض كبير مع أسلوب ترامب الواثق والذي يصوّر نفسه على أنه لا يقهر.فقد توفيت زوجة بايدن الأولى نيليا هانتر وابنته ناعومي التي كانت تبلغ من العمر عاماً واحداً في حادث سيارة عام 1972 أثناء التسوّق بمناسبة عيد الميلاد، بعد أسابيع على فوز بايدن بانتخابات مجلس الشيوخ عن ديلاوير.وأصيب نجلاه بو الذي كان يبلغ أربع سنوات وهانتر (عامين آنذاك) بجروح بالغة. وتم تنصيب بايدن الذي كان في الثلاثين من عمره حينها في مجلس الشيوخ بينما كان إلى جانبهما في المستشفى.وعام 1975، التقى بايدن زوجته الثانية جيل جاكوبز وهي مدرّسة من بنسلفانيا وتزوجا بعد عامين وأنجبا ابنتهما آشلي.وتعافى الصبيان من إصاباتهما وسار بو على خطى والده فدخل عالم السياسة، ليصبح نائب عام ديلاوير حيث فكّر في الترشّح لمنصب حاكم الولاية، قبل أن يتوفى بسرطان الدماغ عام 2015 عن 46 عاماً.ولعل إصرار بايدن على المضي قدماً هو ما أكسبه شعبية في أوساط الكثير من الأمريكيين الذين يعملون في وظائف منخفضة المستوى.وخلال جلسة أسئلة وأجوبة مع أنصاره عبر الإنترنت جرت مطلع نيسان/إبريل، عاد للتذكير بذلك قائلاً نقلاً عن رئيس الوزراء البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل «حتى وإن كنت تمر بالجحيم، فلا تتراجع». - النجل الثاني - يكرر بايدن هذه الروايات المرتبطة بعائلته لدرجة أنها تحوّلت إلى جزء من علامة تجارية سياسية.وأما بالنسبة لنجله الأصغر هانتر، فالوضع مختلف تماما.وحصل هانتر المحامي على راتب مرتفع من خلال عمله في مجلس إدارة شركة غاز أوكرانية اتهمت بالفساد عندما كان بايدن نائباً للرئيس.وضغط ترامب الذي وجد في ذلك ما قد يقضي على فرص بايدن للترشّح في الانتخابات، على أوكرانيا للتحقيق بشأن ماضي هانتر، وهو ما أدى في النهاية إلى موافقة مجلس النواب على عزل الرئيس.ونجا من الفضيحة ولم ينجح في استخدام مسألة هانتر بايدن كسلاح ضد والده.واليوم، يشير ترامب إلى ما يصر على أنها حالة بايدن الذهنية المتردية، بينما يشيد بإمكانياته هو الشخصية ويتحدّث عن كيفية «تفوقه» في اختبار إدراكي.ولعل ذلك ما دفع بايدن للرد بغضب هذا الشهر عندما سأله صحفي إن كان على استعداد للخضوع إلى اختبار كهذا. وقال بايدن «لم أخضع لاختبار كهذا؟». - «العم جو» - ولد جوزف روبينيت بايدن الابن في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1942 في مدينة سكرانتون في بنسلفانيا. وكان والده بائع سيارات.ويتفاخر بايدن بجذوره العمالية ويستذكر كيف أنه كان يتلعثم كثيراً في صغره وكان عرضة للسخرية من زملائه.وتجاوز الحالة التي اعتبر في النهاية أنها مكنّته من «إدراك ألم الآخرين».ويعرف «العم جو» كما يطلق عليه بأسلوبه الشعبي. لكنه معروف كذلك بزلّاته بينما أثارت خطاباته التي كثيرا ما يميل إلى الثرثرة خلالها تساؤلات بشأن صحته العقلية.ولا شك في أن مسيرة بايدن المهنية الطويلة في مجال السياسة ستجعل منه هدفاً سهلاً لترامب ليسلّط الأضواء على أخطائه ولحظاته المحرجة.لكن طول مسيرته المهنية منح بايدن ميّزة، إذ إن خبرته قد تأتي بالفائدة في أوقات الاضطرابات.

مشاركة :