أظهر مسح أمس أن تعافي اقتصاد منطقة اليورو من أكبر تراجع له على الإطلاق تعثر هذا الشهر، على الأخص في قطاع الخدمات، إذ تآكل الطلب المكبوت الذي انطلق الشهر الماضي بفضل تخفيف إجراءات العزل العام الهادفة إلى مكافحة فيروس كورونا، ليصبح أمام مفترق طرق، إما تسريعا جديدا للنمو إما استمرار التباطؤ. ولاحتواء انتشار الفيروس، الذي أصاب ما يربو على 22.5 مليون في أنحاء العالم، فرضت الحكومات إجراءات عزل عام صارمة، لتجبر الأنشطة على الإغلاق والمواطنين على البقاء في المنازل، ما أدى إلى شبه توقف للأنشطة الاقتصادية، بحسب "رويترز". وبعد تخفيف عديد من تلك القيود، نما النشاط في منطقة اليورو الشهر الماضي بأسرع وتيرة منذ منتصف 2018. لكن معدلات الإصابة ترتفع مجددا في أجزاء من المنطقة، وجرت إعادة فرض بعض القيود السابقة. وانخفضت القراءة الأولية لمؤشر آي. إتش. إس ماركت لمديري المشتريات، الذي يعد مقياسا جيدا لمتانة الاقتصاد، إلى 51.6 من قراءة نهاية في تموز (يوليو) عند 54.9 ما يشكل مثار قلق لصانعي السياسات. وبينما يظل المؤشر فوق مستوى الـ50 الفاصل بين النمو والانكماش فإنه يقل عن جميع التوقعات في استطلاع للرأي أجرته "رويترز" أشار إلى عدم تسجيل تغيير عن تموز (يوليو). وتراجع مؤشر يقيس الأنشطة الجديدة إلى 51.4 من 52.7 ومجددا جاء جزء من النشاط في آب (أغسطس) من استكمال الشركات لأعمال متراكمة. في غضون ذلك، تعثر النمو في قطاع الخدمات المهيمن على التكتل، إذ نزل مؤشر مديري المشتريات للقطاع إلى 50.1 من 54.7، ليهبط دون جميع التوقعات في استطلاع أجرته "رويترز" تنبأ بانخفاض طفيف إلى 54.5. وفيما يضعف الطلب، خفضت شركات الخدمات عدد الموظفين للشهر السادس وبوتيرة أكثر حدة مقارنة بتموز (يوليو). وتراجع مؤشر التوظيف إلى 47.7 من 47.9. لكن أنشطة المصانع، التي لم تعان انخفاضا حادا مثل قطاع الخدمات خلال ذروة الجائحة، نمت للشهر الثاني. وتراجع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الصناعات التحويلية إلى 51.7 من 51.8، ما يخالف توقعات استطلاع "رويترز" لزيادة إلى 52.9. وارتفع مؤشر يقيس الإنتاج، ويغذي مؤشر مديري المشتريات المجمع، إلى 55.7 من 55.3. وتباطأ نمو القطاع الخاص في منطقة اليورو في آب (أغسطس) بعد انتعاش قوي في تموز (يوليو) بسبب عودة تفشي وباء كوفيد - 19 في مناطق مختلفة، وفقا لأول تقديرات صدرت أمس عن مكتب "ماركيت". وعلق الاقتصادي في مكتب "ماركيت" أندرو هاركر على أرقام "مؤشر مديري المشتريات"، أن "التعافي الاقتصادي في منطقة اليورو فقد زخمه في آب (أغسطس)، وهو اتجاه يعكس ضعف الطلب في إطار تفشي الوباء"، بحسب "الفرنسية". وانخفض هذا المؤشر إلى 51.6 نقطة في آب (أغسطس) بعدما كان 54.9 في تموز (يوليو)، وهي فترة تميزت بانتعاش قوي بعد أشهر عدة من الانكماش المرتبط بفيروس كورونا المستجد. والأرقم الصادرة لشهر آب (أغسطس) أسوأ مما كان يتوقعه المحللون. وعندما يكون هذا المؤشر أعلى من 50 نقطة، فهذا يعني أن النشاط يتقدم، بينما يكون في تراجع إذا كان أقل من هذا الحد. في آب (أغسطس)، "ضعف انتعاش النشاط بسبب ارتفاع عدد الإصابات بكوفيد - 19 في مناطق مختلفة من منطقة اليورو وإعادة فرض القيود التي تؤثر خصوصا في قطاع الخدمات" وفق هاركر. وأضاف "واصل قطاع التصنيع تسجيل زيادات قوية في مستويات الإنتاج والطلبات الجديدة". ورأى أن "منطقة اليورو على مفترق طرق، فأمامها احتمالان، إما تسريعا جديدا للنمو في الأشهر المقبلة وإما استمرار التباطؤ بعد الانتعاش الأولي الذي تلا رفع تدابير الإغلاق". بالنسبة إلى جيسيكا هيندز المحللة في "كابيتال إيكونوميكس"، "يشير الانخفاض في المؤشر في آب (أغسطس) إلى أن الانتعاش الذي أعقب رفع تدابير الإغلاق بدأ يتبدد" متوقعة "أن يبقى هذا النشاط دون مستويات ما قبل الأزمة على الأقل في العامين المقبلين".
مشاركة :