دقّ العاهل المغربي الملك محمد السادس ناقوس الخطر إزاء تفشي وباء كورونا في البلاد، حيث حذّر من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية الناجمة عن العودة إلى الحجر الصحي العام، وذلك في وقت يشهد فيه المغرب تفشيا غير مسبوق للفايروس. الرباط – اعتبر العاهل المغربي الملك محمد السادس أن بلاده لم تكسب بعد المعركة ضد جائحة كورونا، وأن “الوضع سيء للغاية ومن يقول العكس فهو كاذب”، ولن “نخرج منه إلا بتحمل المسؤولية من طرف المواطن، أو تتحمل الدولة مسؤوليتها في ذلك وتعلن الحجر الصحي الشامل”. وقال العاهل المغربي في خطاب بمناسبة الذكرى السابعة والستين لثورة الملك، إن “اللجنة العلمية المختصة بوباء كوفيد – 19 قد توصي بإعادة الحجر الصحي”، بل وزيادة تشديده، وإذا دعت الضرورة إلى اتخاذ هذا القرار الصعب، فإن انعكاساته ستكون وخيمة على حياة المواطنين، وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وأشار الملك محمد السادس إلى أن بلاده لم تكسب بعد المعركة ضد هذا الوباء رغم الجهود المبذولة لاحتوائه، مؤكدا أن عدم الالتزام بالتدابير الصحية سيرفع عدد المصابين والوفيات، وستصبح المستشفيات غير قادرة على تحمل هذا الوباء، مهما كانت جهود السلطات العمومية وقطاع الصحة. وأبرز أن المغرب تمكن من الحد من الانعكاسات الصحية لهذه الأزمة، ومن تخفيف آثارها الاقتصادية والاجتماعية، وأن الدولة قامت بتقديم الدعم لفئات واسعة من المواطنين، و”أطلقنا خطة طموحة وغير مسبوقة لإنعاش الاقتصاد، مشروعا كبيرا لتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة.. وإننا نؤكد على ضرورة تنزيل هذه المشاريع، على الوجه المطلوب، وفي الآجال المحددة”. وبلغ عدد المصابين بمرض كوفيد – 19 الناجم عن الإصابة بالفايروس في المغرب حتى الخميس 1325 مقابل 1510 الأربعاء ليصل مجموع المصابين منذ ظهور أول حالة بالبلاد في 2 مارس الماضي إلى 47 ألفا و 638 إصابة. كما توفي 32 شخصا يوم الخميس مقابل 29 يوم الأربعاء ليصل إجمالي عدد الوفيات إلى 775. الملك محمد السادس: اللجنة العلمية المختصة بالوباء توصي بإعادة الحجر الصحي الملك محمد السادس: اللجنة العلمية المختصة بالوباء توصي بإعادة الحجر الصحي وجاء في خطاب الملك كذلك “إنها فترة صعبة وغير مسبوقة بالنسبة للجميع، صحيح أنه كان يضرب بنا المثل، في احترام التدابير الوقائية التي اتخذناها، وفي النتائج الحسنة التي حققناها، خلال فترة الحجر الصحي، وهو ما جعلنا نعتز بما قمنا به، وخاصة من حيث انخفاض عدد الوفيات، وقلة نسبة المصابين، مقارنة بالعديد من الدول، ولكن مع الأسف، لاحظنا مع رفع الحجر الصحي، أن عدد المصابين تضاعف بشكل غير منطقي، لأسباب عديدة”. وأكد العاهل المغربي أن هناك من يدعي أن هذا الوباء غير موجود؛ وهناك من يعتقد أن رفع الحجر الصحي يعني انتهاء المرض؛ وهناك عدد من الناس يتعاملون مع الوضع بنوع من التهاون والتراخي غير المقبول، و”هنا يجب التأكيد على أن هذا المرض موجود؛ ومن يقول عكس ذلك، فهو لا يضر بنفسه فقط، وإنما يضر أيضا بعائلته وبالآخرين”. وأكد الأكاديمي والمحلل السياسي محمد بودن “أن الخطاب الملكي جاء في منتهى الدراية، حيث قدم للأمة حقائق الأمور وكان درسا تواصليا رفيعا.. وعلى الجميع أن يتخيل ما يمكن أن يحصل في حالة استمرار التراخي والاستسهال وتداول التشكيك في وجود الوباء والاعتقاد باختفائه بمجرد رفع الحجر الصحي”. وأضاف بودن في تصريح لـ”العرب”، “المغاربة وضعوا أنفسهم اليوم أمام مهمة واسعة النطاق، وعليهم تجنب وضع نزول بلدهم على ركبتيه باستخدام مفاتيح الوعي والتضامن والاعتماد على الذات والوطنية”. وخلص الأكاديمي المغربي إلى أن تطوير المعادلة المغربية في مواجهة الوباء وتجنب الحجر الصحي الكامل والمشدد يعتمدان على المسؤولية الجماعية والاعتماد على الذات والفهم المشترك والتضحية والوعي. وبنبرة الأب الغيور أكد الملك أنه لا يؤاخذ المواطنين وإنما يريد أن تسير البلاد نحو الوجهة الآمنة وتجنب الشروط المنطقية لفرض الحجر الصحي بحيث أن حماية النفس والغير والوطن لا تحتاج لمكافأة. وأكد الخبير الاقتصادي رشيد ساري أن “الخطاب الملكي يدخل المغرب في مرحلة الحسم للحد من تفشي الوباء وإنقاذ الاقتصاد” مع الالتزام المتواصل للدولة بتنزيل مشروع التغطية الاجتماعية التي تتضمن في مرحلة أولى التغطية الصحية للجميع، المساعدات العائلية، ضمان التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل في مرحلة ثانية، علاوة عن إنعاش وتأهيل الاقتصاد المغربي. وأضاف رشيد ساري في تصريح لـ”العرب”، أن “تكلفة العودة للحجر الصحي ستكون ثقيلة على المستوى النفسي والاجتماعي والاقتصادي لذلك وأمام الوضع الحرج لاستفحال وباء كورونا نحن في حاجة ماسة لثورة ملك وشعب نوعية وحاسمة تكون أهدافها متعددة أولها مكافحة وباء كورونا لإنقاذ المغاربة من الموت وبالتالي تجنب الأسوأ على المستوى الاقتصادي للمغرب وتفادي حجر صحي جديد لأن تكلفته ستكون قاسية على جميع الأصعدة”. وكشف الملك محمد السادس في خطابه أن نسبة كبيرة من الناس لا يحترمون التدابير الصحية الوقائية، التي اتخذتها السلطات العمومية كاستعمال الكمامات، واحترام التباعد الاجتماعي، واستعمال وسائل النظافة والتعقيم، فلو كانت وسائل الوقاية غير موجودة في الأسواق أو غالية الثمن، قد يمكن تفهم هذه التصرفات. ولفت بودن إلى أن العاهل المغربي، أكد على أهمية التعامل الفعال مع هذا التهديد من أجل تجنب المساس بسمعة البلاد وانهيار المنظومة الصحية.
مشاركة :