تعيش الأسر في جميع أنحاء العالم هواجس ومخاوف كثيرة في ظل التحذيرات المتعددة التي تطلقها المنظمات الدولية مع اقتراب العودة إلى المدارس في مختلف دول العالم بما فيها الدول العربية، حيث تعالت أصوات الخبراء في مجال الصحة محذرة من الصعوبات التي تواجهها هذه العودة الاستثنائية التي رافقت الموجة الجديدة من فايروس كورونا المستجد الذي حصد عشرات الآلاف من الأرواح، وتسبب في أكبر عرقلة للتعليم على الإطلاق، حيث أثر على نحو 1.6 مليار طالب في أكثر من 160 دولة وفق منظمة الأمم المتحدة. نيويورك - أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) أن الطلاب في جميع أنحاء العالم أظهروا مدى رغبتهم في مواصلة التعلّم، فقد واظبوا على دروسهم في ظل ظروف صعبة، وبدعم من معلميهم وآبائهم وأمهاتهم الملتزمين. ولكن سيحتاج أطفال عديدون لمساعدة إضافية لتدارك تعليمهم عندما تعيد المدارس فتح أبوابها. وقالت اليونسيف “بدأنا نرى شيئا فشيئا عددا متزايدا من الأطفال يعودون إلى مدارسهم. ومازال أكثر من مليون طالب خارج المدارس بسبب إغلاقها، ولكن أعلن أكثر من 70 بلدا عن خطط لإعادة فتح المدارس، وقد عاد مئات الملايين من الطلاب إلى مدارسهم إلى غاية بدايات يونيو 2020”. وأضافت “نظرا لصعوبة الأوضاع وتنوعاتها في جميع أنحاء العالم، تخوض العديد من البلدان حاليا في مراحل مختلفة من حيث كيفية التخطيط لإعادة فتح المدارس وتوقيت ذلك. وعادة ما تُتخَذ هذه القرارات من قبل الحكومات الوطنية أو حكومات الولايات، وغالبا عبر حوار مع السلطات الصحية، إذ يتعين على الحكومات أن تأخذ بالاعتبار وضع الصحة العامة والفوائد والأخطار المتأتية عن استئناف التعليم وعوامل أخرى. ويجب أن تكون المصلحة الفضلى لكل طفل في مركز هذه القرارات، وباستخدام أفضل الأدلة المتوفرة، ولكن ستتفاوت الكيفية التي ستبدو عليها هذه العملية بين مدرسة وأخرى”. وشددت اليونيسيف على ضرورة ألا يعاد فتح المدارس إلا عندما تكون آمنة للطلاب. وخاطبت الأسر قائلة “من المرجح أن تبدو العودة إلى المدارس مختلفة قليلا عما اعتدت عليه وما اعتاد عليه طفلك في السابق. ومن المحتمل أن تفتح المدارس لفترة من الوقت ثم يصدر قرار بإغلاقها من جديد مؤقتا، وذلك اعتمادا على السياق المحلي. وبسبب التطور المستمر للوضع، سيتعين على السلطات أن تتحلى بالمرونة وأن تكون مستعدة للتكيّف من أجل التحقق من سلامة كل طفل”. وتابعت “حتى لو كان القادة في منطقتك لم يقرروا بعد إعادة فتح المدارس، فمن الأهمية الحاسمة أن يبدأوا بالتخطيط لذلك الآن، للمساعدة على ضمان سلامة الطلاب والمعلمين والموظفين عند عودتهم وضمان اقتناع المجتمعات المحلية بإعادة الأطفال إلى المدارس”. كما نبهت إلى أنه يجب أن تكون إعادة فتح المدارس متسقة مع الاستجابة الصحية العامة لكوفيد – 19 في البلد المعني، وذلك لحماية الطلاب والموظفين والمعلمين وأسرهم. وأشارت إلى أنه من بين الإجراءات العملية التي بوسع المدارس اتخاذها التدرّج في بدء اليوم الدراسي وإنهائه، بحيث يبدأ وينتهي في أوقات مختلفة لمجموعات مختلفة من الطلاب، والتدرّج في أوقات تناول الوجبات، ونقل الصفوف إلى أماكن مؤقتة أو إلى خارج المبنى، وتنظيم دوام المدارس على فترات، بغية تقليص عدد الطلاب في الصفوف. جائحة كورونا تسببت في أكبر اضطراب في التعليم تم تسجيله على الإطلاق، حيث أثرت على ما يقرب من 1.6 مليار طالب وتعكف مدارس عديدة على وضع خطط لتقديم دروس تدارك للمساعدة في وضع الطلاب على المسار التعليمي المنشود. وقد يتضمن ذلك بدء السنة الدراسية بتقديم دورات لمراجعة الدروس السابقة وتقديم دروس تعويضية، وبرامج تعليمية بَعد انتهاء اليوم الدراسي، أو وظائف تكميلية لينجزها الطلاب في منازلهم. ونظرا لاحتمالية أن العديد من المدارس ربما لن تفتح بدوام كامل أو لجميع الصفوف، فقد تطبِّق المدارس نماذج ’التعليم الهجين‘، وهو مزيج من الدروس في الصفوف والتدريس عن بُعد، (الدراسة الذاتية من خلال تمارين يأخذها الطلاب إلى منازلهم، والتعليم عبر البث الإذاعي أو التلفزيوني أو الإنترنت). وأصدرت منظمة الصحة العالمية واليونيسيف والاتحاد الدولي للصليب الأحمر مؤخرا إرشادات حول الوقاية من كورونا ومكافحته في المدارس. وتشمل توصيات خاصة بإجراءات التباعد الجسدي، مثل ترتيب بداية ونهاية اليوم الدراسي، والتباعد بين المكاتب إن أمكن، وتوفير مرافق لغسل اليدين. وعلى غرار الكثير من الدول العربية والعالمية أعلنت وزارة التربية في تونس أنه تقرر الإبقاء على تاريخ العودة المدرسية في موعدها المعتاد أي يوم 15 سبتمبر، وأكد وزير التربية محمد الحامدي في وقت سابق على تمسك الوزارة بتاريخ 15 سبتمبر في الوقت الذي انتشرت فيه أخبار عن تأجيل العودة المدرسية بسبب تفشي الموجة الثانية من فايروس كورونا في تونس. وأعلن وزير التربية عن انطلاق الإعداد لبروتوكول صحي وقائي لتأمين التلاميذ والإطار التربوي بالتعاون مع وزارة الصحة لضمان عودة مدرسية آمنة. ودعت إدارة سلامة الطفل التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة في الإمارات العربية المتحدة أولياء الأمور إلى تهيئة أطفالهم نفسيا وجسديا لمرحلة جديدة تمر عليهم والعالم بأسره للمرة الأولى بعد التزامهم بالبقاء في المنازل لحمايتهم، وذلك في ضوء الإعلان عن عودة الطلاب إلى المدارس الحكوميّة والخاصّة مع بداية العام الجديد في الدولة سواء عبر التعليم في المدرسة أو التعليم عن بعد أو غيرها من الخيارات التي تتوفر للأسر. وأكدت هنادي صالح اليافعي مديرة الإدارة ضرورة تفهّم واستيعاب مشاعر ومخاوف الأطفال خلال المرحلة المقبلة وتهيئة الأطفال للعودة إلى المدرسة والالتزام بالتباعد الجسدي بينهم وبين زملائهم بالصف، بالإضافة إلى العديد من التعليمات الوقائية والاستماع إلى آرائهم وأسئلتهم التي قد تشير إلى مشاعرهم الحقيقية ومخاوفهم وطمأنتهم حول الإجراءات الوقائية السريعة والمستمرة التي تتخذها الدولة ليشعر الأطفال بالراحة. وأكدت اليونيسيف أن ظروف الحياة أثناء جائحة كوفيد – 19 تتسم بالصعوبة للوالدين والأطفال على حد السواء. وتمثّل العودة إلى المدارس خطوة مهمة ونأمل أنها في موضع ترحيب، ونصحت الأسر بتقديم دعم إضافي للطفل في المنزل من خلال إرساء روتين يستند إلى وقت المدرسة والدراسة. ولفتت إلى أنه قد يكون ذلك مفيدا للطفل إذا كان يواجه صعوبة في التركيز، منبهة إلى أنه بإمكان الأسر التواصل مع معلّم طفلها أو مع المدرسة لتوجيه أسئلة لتظل مطلعة على ما يجري. والتأكد من إبلاغهم إذا كان الطفلك يواجه تحديات محددة، من قبيل الحزن بسبب فقْدان الأسرة أحد أحبائها، أو القلق الزائد بسبب الجائحة. ضرورة إظهار الدعم للطفل في مواجهة الشعور بالإحباط والقلق ضرورة إظهار الدعم للطفل في مواجهة الشعور بالإحباط والقلق وقالت “تذكَّر أن طفلك سوف يتعامل مع التوتر الناجم عن الأزمة الجارية على نحو مختلف من تعاملك أنت مع التوتر. ينبغي عليك تهيئة بيئة داعمة وراعية، والاستجابة إلى أسئلة طفلك وتعبيراته بإيجابية. وعليك إظهار الدعم وأن تجعل طفلك يعلم بأنه لا بأس من الشعور بالإحباط والقلق في مثل هذه الأوقات، بل إن هذه المشاعر هي أمر طبيعي”. كما نصحت بمساعدة الطفل على الالتزام بالروتين اليومي، وجعل التعّلم مرحا من خلال إدماجه بالأنشطة اليومية من قبيل الطبخ ووقت القراءة العائلية أو الألعاب. وثمة خيار آخر يتمثل في الانضمام إلى مجموعة مجتمعية للوالدين للتواصل مع والدين آخرين ممن يمرون بالتجربة ذاتها، وذلك لمشاطرة النصائح والحصول على الدعم. وأفادت المنظمة الأممية أنه إذ يحتاط الناس لأنفسهم وأسرهم ومحيطهم بأخذ الإجراءات المطلوبة تجاه داء كوفيد – 19، فمن الأهمية بمكان أن يستمر الأطفال في التعلم في مناخ يسوده الود والاحترام والقبول والدعم، وللمدارس والأساتذة دور كبير في تحقيق هذا الهدف. فتقديم معلومات دقيقة وحقائق علمية عن كوفيد – 19 يساعد على تحجيم الخوف والقلق اللذين يحيطان بالمرض، كما يساعد الأطفال على مواجهة أي آثار ثانوية على حياتهم. وأفاد تقرير مشترك، صدر عن منظمتي الصحة العالمية واليونيسيف، بأن ما يقرب من 820 مليون طفل، في جميع أنحاء العالم، ليست لديهم مرافق أساسية لغسل اليدين في المدرسة، مما يعرضهم لخطر متزايد من الإصابة بكوفيد – 19 والأمراض المعدية الأخرى. وحذرت دراسة للأمم المتحدة من أن جائحة كورونا تسببت في أكبر اضطراب في التعليم تم تسجيله على الإطلاق، حيث أثرت على ما يقرب من 1.6 مليار طالب في أكثر من 190 دولة، ووجدت الدراسة أنه خلال العام الماضي كانت هناك نسبة 43 في المئة من المدارس، في العالم، تفتقر إلى إمكانية الوصول إلى غسل اليدين بالماء والصابون؛ الأمر الذي يعد شرطا أساسيا بالنسبة للمدارس لكي تكون قادرة على العمل بأمان في خضم الجائحة. ومن بين حوالي 818 مليون طفل في جميع أنحاء العالم يفتقرون إلى المرافق الأساسية لغسل اليدين في المدرسة، يعيش أكثر من ثلثهم في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وفي 60 دولة، تعد الأكثر عرضة لخطر الأزمات الصحية والإنسانية بسبب الفايروس، كان ثلاثة أرباع الأطفال يفتقرون إلى القدرة الأساسية لغسل أيديهم في المدرسة، مع بداية تفشي المرض، بينما افتقر نصفهم إلى خدمات المياه الأساسية. وقالت هنرييتا فور، المديرة التنفيذية لليونيسيف “لقد شكل إغلاق المدارس، عالميا، منذ ظهور جائحة كـوفيد – 19، تحديا غير مسبوق لتعليم الأطفال ورفاههم. يجب أن نعطي الأولوية لتعليم الأطفال. وهذا يعني التأكد من أن المدارس آمنة لإعادة فتحها”.
مشاركة :