شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اجتماعه مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف على دراسة الأئمة للعلوم الإنسانية لصقل مهاراتهم في التواصل. وتطرق الاجتماع لاستعراض جهود وزارة الأوقاف في مجال الدعوة وتجديد الخطاب الديني والترجمة والنشر وتدريب وتأهيل الأئمة، وذلك بالإضافة إلى متابعة تطوير هيئة الأوقاف، وأنشطة الوزارة في مجال التأليف والترجمة وإصدار سلاسل النشر الخاصة بترسيخ أركان الدعوة ومبادئ صحيح الدين. ووجه الرئيس بالتوسع في نشر الفكر الرشيد والتوعية بالإطار الصحيح للدين وتصويب المفاهيم المغلوطة، مع القيام في هذا الصدد بتطوير برامج تدريب الآئمة والواعظات، وإيلاء أهمية بتضمين تلك البرامج على وسائل الدعوة الحديثة والدراسات الإنسانية لصقل قدرات الآئمة وتعظيم مهاراتهم في التواصل. وفي هذا الصدد، يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن هناك مقررات موجودة بالفعل، ذات علاقة بالعلوم الإنسانية، مثل مقرر «فقه الدعوة» و«أساليب الدعوة» و«مقاصد الدعوة»، وكلها تدرس في كلية الدعوة الإسلامية، بجامعة الأزهر، غير أن حديث الرئيس عن أهيمة دراستهما يرجع لإدراكه بضرورة التعمق في دراستهما بشكل أكبر، وزيادة المقررات الدراسية المخصصة في تلك العلوم. ويضيف «كريمة» في تصريحات لـ«المصري لايت»، أن مجالات العلوم الإنسانية واسعة ومتعددة وتشمل فروع عديدة مثل التاريخ، الجغرافيا، الفلسفة، وعلم النفس والاجتماع، وتسمى تلك العلوم بـ«علوم أخلاقيات الدعوة»، وتمثل البعد الإنساني في الدعوة الإسلامية. ويؤكد «كريمة» على دعوة «السيسي» بضرورة دراسة الأئمة للعلوم الإنسانية، وذلك من خلال استحداث مقررات إضافية مرتبطة بأخلاقيات الدعوة الإسلامية، وهو الأمر الذي سينعكس على الأئمة في ابتعادهم عن الإحباط والتنفير، وإشاعة جو من الكآبة على المتلقي، كما يشاع في الدعوات المتشددة. ويرجع «كريمة» دعوة «السيسي»، بدراسة الأئمة للعلوم الإنسانية، لرغبته في أن يتم مراعاة البعد الإنساني في الخطاب الإسلامي، وهو منهج أسسه الرسول عليه الصلاة والسلام، حين قال: «يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا»، وغيرها من الأمثلة التطبيقية المعروفة التي وردت في سيرة الرسول، في هذا الإطار. وأتم «كريمة»، إن جودة أداء الأزهري لا يمكن أن تصل لرونقها دون دراسة هذه العلوم، وهو الأمر الذي يفرق بين الأزهري وأي داعية آخر، إذ تنمي تلك العلوم حب الوطن لديه، وهو ما ينعكس على دعوته، فنجده يدعو العاصي برفق، ويبر أهل الكتاب، وهو ما يختلف عن أسلوب دعوة الأئمة الآخرين، والتي تقوم دعوتهم على التكفير، والحكم على الناس بالفسق والشرك والوعيد الشديد بالنار. وفي نفس السياق، يقول أحمد المالكي، الباحث الشرعي بالأزهر الشريف، إن المراد بالعلوم الإنسانية هو «مربط الفرس»، وذلك لأن التعمق في العلوم الإنسانية من الأمور الهامة التي يحتاجها الإمام بالفعل في الوقت الحالي، لضرورة أن يكون منفتحًا على كل ما يستحدث حوله، فيستطيع توظيف تلك المستحدثات لخدمة دعوته. ويضيف «المالكي» في تصريحات لـ «المصري لايت»، أن العلوم الإنسانية غير منفصلة عن العلوم الشريعة، وذلك حتى يستطيع الإمام مخاطبة الناس بحسب عقولهم، إذ أن دعوة الناس تختلف من شخص لآخر، كذلك تختلف شكل الدعوة للشخص نفسه من مرحلة لأخرى حسب العديد من المعطيات، مثل العمر والحالة النفسية للفرد، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، والتاريخ الإسلامي خير مرجع. واختتم «المالكي» تصريحاته بأن العلوم الإنسانية لا تتوقف عند الدعوة فقط، بل يحتاجها الفرد في كل أمور حياته، ضاريًا المثل بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم، فالتخطيط فرع من العلوم الإنسانية، ولولا علم الرسول به وربطه بالشريعة الإسلامية من خلال الفهم والتأصيل والتطبيق على أرض الواقع، ما تمت الهجرة.
مشاركة :