قلق في صناعة النفط بسبب تعيين الجيل القادم من الموظفين

  • 8/23/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

105000 وظيفة أوقفتها صناعة النفط والغاز الأمريكية أو حوالي 20 % من وظائفها، من 1 مارس حتى نهاية يونيو الماضي «تعيد أقسام هندسة البترول بالجامعات صياغة المناهج الدراسية في ضوء متطلبات الموظفين المحترفين تكنولوجيا»بعد تخرجها من الكلية بعامين، كانت الفتاة الأمريكية ليا ساندرز تجني حوالي 19000 دولار شهريًا من العمل بآبار النفط في الكويت، ولكن بعد تسريحها في مايو من قبل شركة خدمات حقول النفط العملاقة شلمبرجير المحدودة، عادت لتعيش مع والديها بولاية تينيسي، حيث تكسب 15 دولارًا في الساعة للمساعدة بأعمال البناء الخاصة بوالدها، كما بدأت مؤخرًا بالتفكير في تبديل مهنتها والذهاب لكلية الحقوق. وتقول ساندرز، 24 سنة: «لا أعتقد أن الوظائف بصناعة النفط ستتعافى بالسرعة التي كنتُ آملها. والسؤال الآن هو: هل تريد الانتظار والعودة إلى شيء، قضيت عامين تتدرب فيه؟، أم تريد البدء من جديد؟».وساندرز نموذج من مجموعة كبيرة من عمال صناعة النفط التي عانت مؤخرًا، حيث تخلق الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الوباء، بالإضافة للابتعاد المتزايد عن أعمال النفط بين الموظفين الشباب المحتملين، مشكلة جديدة لهذه الصناعة.وتحاول شركات الطاقة العملاقة بما في ذلك شيفرون وبريتش بتروليوم تجنب خلق فجوة بين الأجيال في موظفيها - وهي مشكلة واجهوها في فترات الانكماش السابقة - والتي يمكن أن تزيد من صعوبة المواجهة الناتجة عن تغيّر القطاع ومنافسة الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية له.ويقول مقصد أشرف، الذي يقود ممارسات الطاقة في شركة الاستشارات أكسنتشر، إنه كثيرًا ما يسأل الرؤساء التنفيذيين بقطاع النفط عما يؤرق مضاجعهم في الليل. وقبل بضع سنوات، أجاب الكثيرون منهم بأن أكبر قلق هو السباق لتأمين مواقع الحفر. أما الآن، فيخشى المديرون التنفيذيون الانتقال من الوقود الأحفوري للطاقة المتجددة، إضافة لمشكلة «إيجاد مواهب جديدة لإعادة ابتكار قطاع النفط؟».وأوقفت صناعة النفط والغاز الأمريكية حوالي 105000 وظيفة، أو حوالي 20٪ من وظائفها، اعتبارًا من الأول من مارس حتى نهاية يونيو، وفقًا لشركة أكسنتشر.وبعد وصول القطاع لأدنى مستوى له في أبريل، انخفض الطلب العالمي على النفط بأكثر من 20٪ عن العام السابق، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية. وقالت شركة التحليلات آي أتش أس ماركت إن الطلب في ارتفاع منذ ذلك الحين، لكن من غير المتوقع أن يتجاوز مستويات 2019 حتى عام 2023. وقالت الشركة إنه حتى بحلول نهاية العقد، من المتوقع أن يكون الطلب 3.5 مليون إلى 4 ملايين برميل يوميًا أقل من التوقعات السابقة.وحتى قبل الوباء، سئم العديد من المستثمرين والبنوك الذين موّلوا طفرة النفط الصخري الأمريكي من عدم قدرة الشركات على جني الأرباح باستمرار.وتشعر الشركات، بما في ذلك بريتش بتروليوم ورويال داتش شل، بالضغط للابتعاد عن النفط والغاز والاستثمار أكثر في مصادر الطاقة منخفضة الكربون.وينظر الجمهور، خاصة الشباب، بشكل متزايد للصناعة من منظور سلبي. وكانت وظائف النفط والغاز غير جذابة لـ 44٪ من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و35 عامًا، وفقًا لمسح أجرته شركة إرنست آند يونغ عام 2017.والنسبة أكبر بين مَن تتراوح أعمارهم بين 16 و19 عامًا وتقترب من الثلثين ممن يحملون وجهة نظر سلبية.وهذا التوجّه، من بين أمور أخرى، يجعل التوظيف أكثر صعوبة وتكلفة بالقطاع. وكانت هندسة البترول أعلى مجالات الدراسة الجامعية أجرًا بالولايات المتحدة، بمتوسط راتب قدره 140 ألف دولار سنويًا للموظفين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و59 عامًا، وفقًا لتحليل جامعة جورج تاون لعام 2018.ولكن وسط التخفيضات الحالية، تشعر الشركات بالقلق من تكرار الخطأ الذي ارتكبته أثناء انهيار النفط في الثمانينيات، حينما انخفضت وظائف استخراج النفط والغاز بالولايات المتحدة بنسبة 30٪ تقريبًا من 1982 حتى نهاية العقد، وفقًا لبيانات مكتب إحصاءات العمل.وقلصت العديد من الشركات التوظيف بشكل حاد أو أوقفته تمامًا، مما أدى لفجوة بين الأجيال أرهقت القطاع لسنوات.وقالت راشيل إيفرارد، مديرة إرنست آند يونغ، إنه بعد نحو عقدين من الزمن، وبالفترة الأولى لازدهار النفط الصخري، اضطرت العديد من الشركات لدفع رواتب للعمال المتقاعدين للعودة وتدريب العمال الشباب.وأوضحت روندا موريس، التي تقود قسم الموارد البشرية بشيفرون: «لا نريد تكرار التاريخ»، مضيفة إن آخر مرة جمّدت فيها شيفرون التوظيف والتدريب الداخلي كانت في التسعينيات، واضطرت بعد ذلك لتعيين أشخاص متقدمين في السن لملء الفراغ، بينما تفضل الشركة عادة توظيف الشباب وتدريبهم داخليًا.وهذه المرة، تخطط شيفرون على الأقل للإبقاء على موظفين من الشباب الجامعي، رغم استغنائها عن 15٪ من قوتها العاملة. وواصلت الشركة أيضًا برنامج التدريب الداخلي افتراضيًا. وكان نصف المتدربين من الأقليات العرقية و37٪ من النساء، وهي مجموعة أكثر تنوعًا من القوى العاملة بشيفرون عمومًا.أيضًا، فالحد من توظيف الخريجين الجدد يهدد جهود الصناعة لزيادة التنوع. وبالعام الماضي، كان 88٪ من العاملين باستخراج النفط والغاز من البيض، و22٪ فقط من النساء، وفقًا لـ «بي إل إس».وقالت إيمي باتون، مديرة قسم التوظيف المبكر لشركة بريتش بتروليوم بأمريكا: «أعتقد أن قطاع النفط أدرك بالثمانينيات أننا لا نستطيع إيقاف موارد التوظيف».وجعلت بريتش بتروليوم برنامج التدريب الصيفي الخاص بها افتراضيًا، وقدمت عروضًا بدوام كامل لحوالي 300 من الخريجين الجدد، رغم تخفيضها حوالي 10000 وظيفة، أو 14٪ من قوتها العاملة العالمية.وقام آخرون، بما في ذلك شلمبرجير، بتسريح موظفين وإلغاء فترات التدريب وعروض العمل بدوام كامل.وفي نموذج توظيفي آخر، نجد سكوت بيوتز الذي تخرّج عام 2018 من جامعة ولاية لويزيانا، التي تضم أحد أكبر أقسام هندسة البترول في البلاد.ويقدّر بيوتز أن أقل من نصف زملائه في الجامعة ما زالوا يعملون في وظائف مرتبطة بإنتاج النفط والغاز.وكان بيوتز يكسب حوالي 120 ألف دولار سنويًا من خلال الإشراف على منصة حفر لشركة ماراثون أويل كورب في نيو مكسيكو قبل تسريحه في أبريل. وتقدم بطلب للحصول على أكثر من 100 وظيفة، بما في ذلك أدوار في الهندسة العامة وإدارة المشاريع، قبل أن يحصل على أول عرض له منتصف أغسطس الجاري، لوظيفة ميدانية بحقل نفط غرب تكساس.ولم يتردد بيوتز في قبول الوظيفة، رغم اعتقاده أن تراجع قطاع الوقود الأحفوري قد يصعب الحصول على وظيفة في مجاله والاحتفاظ بها.وقال بيوتز، 24 سنة، عن بقائه بمجال النفط: «سيكون الأمر صعبًا، ولكن لا تفهموني خطأ». وأضاف: «ما زلتُ أعتقد أن هناك ما يكفي من الفرص بالقطاع للحصول على مهنة جيدة».وارتفع معدل الالتحاق بأقسام هندسة البترول في السنوات الأولى من طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة، حيث بلغ ذروته أكثر من 11000 طالب خلال العام الدراسي 2014-2015، والذي بدأ عندما كان النفط يجلب حوالي 100 دولار للبرميل، وفقًا للبيانات التي جمعها الأستاذ بجامعة تكساس للتكنولوجيا لويد هاينز.ولكن بعد تخرج العديد من هؤلاء الطلاب، تضاءلت فرص العمل، وبدأت أسعار النفط بالانهيار أواخر 2014 وانخفضت بالنهاية دون 30 دولارًا للبرميل بأوائل 2016، مما أدى لخفض كبير بالوظائف.ثم انتعش إنتاج النفط لاحقًا ووصل بالنهاية لمستوى رائد عالميًا يبلغ 13 مليون برميل يوميًا في وقت سابق من هذا العام، لكن التوظيف لم يتعافَ تمامًا. وظل حوالي 75% فقط من عدد الوظائف في قطاع إنتاج النفط والغاز والخدمات نهاية العام الماضي، مقارنة بما كان عليه قبل خمس سنوات، وفقًا لـ «بي إل إس».وتمكنت الشركات من تقليص قوتها العاملة مع زيادة الإنتاج، ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا للأتمتة والاستخدام الأكبر لعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.وجاءت بعض أكثر التخفيضات بشركات خدمات حقول النفط، حيث قامت شلمبرجير بإلغاء أكثر من 21000 وظيفة، أو حوالي خُمس قوتها العاملة، ودعمت المزيد من عمليات الحفر عن بُعد. وأخبرت الشركة المستثمرين الشهر الماضي بأنها تريد مضاعفة حجم أعمالها الرقمية.وقالت تريسي جوزيفوفسكي، نائبة رئيس الموارد البشرية بشركة هاليبرتون لخدمات حقول النفط: «أصبحنا أكثر اعتمادًا على تكنولوجيا البيانات الآن»، مشيرة إلى أن الشركة تتطلع بشكل متزايد لتوظيف أشخاص لأدوار أكثر اعتمادًا على التكنولوجيا.ولم تذكر هاليبرتون عدد الوظائف التي قلّصتها أثناء الوباء، لكنها أفادت مؤخرًا أنها وظفت أكثر من 40.000 شخص بنهاية الربع الثاني، بانخفاض عن حوالي 55.000 نهاية العام الماضي.وتعيد أقسام هندسة البترول بالجامعات صياغة المناهج الدراسية في ضوء متطلبات تأهيل الموظفين المحترفين تكنولوجيًا.وبدأت جامعة ولاية لويزيانا بتخصيص دورات تحليل بيانات إضافية العام الماضي، وتخطط في الربيع لتقديم مادة اختيارية حول التقاط الكربون وتخزينه، والتي تتضمن إزالة ثاني أكسيد الكربون من العادم أو الهواء المحيط أو تيارات الغاز الأخرى، ودفنه أو تغيير الغرض منه.وتخرج ميتشل بيتراس من جامعة ولاية لويزيانا العام الماضي، ويعمل مهندس خزان في شركة كونوكو فيليبس. وقال إنه في هذا الربيع كان يتلقى 3 أو 4 رسائل أسبوعيًا من أشخاص يعرفهم، وكانوا يبحثون عن عمل.وقال بيتراس، 24 عامًا، إنه بدلًا من التخطيط لمهنة مدتها 40 عامًا، يأمل العديد من عمال النفط الشباب الآن في الاستفادة من الرواتب المرتفعة للصناعة لعدة سنوات قبل المغادرة من أجل شيء أكثر استقرارًا بمجرد أن يكون لديهم أسر.وأضاف: «عدم اليقين دائمًا ما يزعزع ثقتك في الحصول على مهنة متكاملة بصناعة النفط».وقال جيف سباث، الذي يقود قسم هندسة البترول بجامعة تكساس إيه آند إم، «هناك فكرة مفادها أن النفط والغاز انتهى»، مضيفًا إن هناك «تقليلًا متزايدًا من شأن هذه الصناعة».وأوضح الدكتور سباث إنه يعتقد أن جيلًا أو اثنين من الطلاب سيظلون قادرين على بناء حياة مهنية كاملة في مجال النفط والغاز؛ لأنه من المتوقع على نطاق واسع أن يشكّل الوقود حصة كبيرة من إمدادات الطاقة العالمية لعقود.لكن الانكماش يؤثر بشدة على طلاب جامعة تكساس إيه آند إم. وقال الدكتور سباث إنه اعتبارًا من أوائل أغسطس، كان ثلث مهندسي البترول الذين تخرجوا هذا الربيع بدرجة البكالوريوس يعملون فقط. ووجد حوالي 70٪ من طلاب دفعة 2019 وظائف بحلول نفس الوقت من العام الماضي.وتقدم تانر جوليت، وهو مهندس بترول يبلغ من العمر 24 عامًا من خلال التدريب، بطلبات لأي وظيفة هندسية يمكن أن يجدها بعد أن قامت شركة أباتش أندستريال للخدمات في هيوستن بتسريحه مارس الماضي.وانتهى الأمر بحصوله على عرض لوظيفة بالهندسة المدنية في مسقط رأسه بليتل روك، آرك براتب حوالي 70 ألف دولار سنويًا، أي أقل بنحو 30 ألف دولار مما كان يجنيه في هيوستن. واقتنص جوليت الفرصة على أي حال، باعتبار أن تكلفة المعيشة ستكون أقل والوظيفة أكثر أمانًا.وكانت المهمة الأولى لجوليت هي تقديم الاستشارات بشأن مشروع محلي لمعالجة مياه الصرف الصحي. ووجد أن البترول والهندسة المدنية أكثر تشابهًا مما كان متوقعًا، كما قام بسد الفجوات المعرفية من خلال القيام بقراءة إضافية والاعتماد على معلم. وسيحتاج في النهاية لإجراء اختبارات هندسية احترافية أيضًا، لكن انتشار الوباء أخّر هذه الاختبارات، وهو لا يخطط للعودة لقطاع النفط، حتى لو انتعشت الأسعار، حيث سئم من عدم اليقين والتضحيات الشخصية التي يتطلبها جدوله الزمني. واختتم: «إذا كنت قلقًا من الأمن الوظيفي، فكيف سأكون مستقرًا ماليًا وأعتني بأسرتي؟».

مشاركة :