تمثل مشكلة مساعدة الآباء لأطفالهم في خرق قوانين الفئة العمرية لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي معضلة حقيقة أمام المؤسسات الحكومية وشركات التكنولوجيا وبقية الهيئات المهتمة بحقوق الطفل التي تستخدم كل وسائلها للتوعية بمخاطر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون أن تجد جهودها صدى لدى العائلات التي من المفترض أن تكون في الصف الأول لمحاربة هذه الممارسات لا أول المتجاوزين للقوانين. لندن - يحذر الخبراء والكثير من الدراسات العلمية من مخاطر تأثيرات الإنترنت السلبية على الأطفال لاسيما مع ازدهار الإقبال على وسائل التواصل الاجتماعي باختلاف أنواعها، لكنّ هذه التحذيرات ونصائح المختصين حول ضرورة التقيد بالشرط العمري فيما يتعلق بامتلاك حسابات على المنصات الاجتماعية والإقبال على ما توفره من مضامين وأساليب تواصلية حديثة يبدو أنها غير كافية لإقناع الآباء بمدى خطورة الأمر حيث يعمد الكثير منهم لمساعدة أبنائهم على خرق قوانين الفئة العمرية لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي. وأكدت مها الخالدي، الأخصائية الأردنية في مجال تربية الطفل، أن أكبر المشكلات فيما يتعلق بتنامي ظاهرة وجود الأطفال على وسائل التواصل الاجتماعي هو مساعدة الأهل لهم على فتح حسابات على هذه الشبكات متغاضين بذلك عن الإجراءات التي تمنع استعمال القصر لهذه المواقع وتجعلها حكرا على البالغين فقط. وأوضحت الخالدي أن المحتوى المنشور على وسائل التواصل الاجتماعي وإن تضمن معلومات حقيقية ومفيدة في أحيان كثيرة إلا أنه في كل الحالات يبقى مادة غير مناسبة للمرحلة العمرية للأطفال. وأشارت إلى مخاطر انفلات الأطفال من رقابة أسرهم ما قد يجعلهم ضحية لقراصنة الإنترنت والمتحرشين والمجرمين إلى جانب ما قد تخلّفه البعض من المواد التي تعاد مشاركتها أو البعض من التعليقات من آثار سلبية على الصحة العقلية للطفل وتوازنه النفسي. وشددت على أهمية دور الوالدين في توعية أبنائهم بأن الشبكات الاجتماعية على الفضاء الافتراضي غير مناسبة لأعمارهم ومستواهم الفكري. وتقوم الحكومات في الكثير من الدول العربية بحملات لتوعية العائلات بأهمية مراقبة نشاط أبنائهم الافتراضي بتوضيح طبيعة المخاطر التي تتربض بالقصّر منهم. مساعدة الأهل للأبناء على فتح حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي أكبر مشكلات وجود الأطفال على هذه الشبكات وقالت عفراء البسطي، المدير العام لمؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، إن هناك مواقع تنشر أفكار العنف والكراهية والتطرف إلى جانب المحتويات الإباحية وإمكانية اختراق البيانات وابتزاز الأطفال. وأكدت البسطي، خلال لقاء عقد في وقت سابق من الشهر الحالي ناقش مخاطر التواصل الاجتماعي على الأطفال، أنه من الضروري توعية الآباء أولا بهذه المخاطر ليكونوا درع حماية لأبنائهم. وتضع العديد من البلدان العربية تحت طائلة القانون الأشخاص البالغين الذين يتجاوزون قيود استعمال وسائل التواصل الاجتماعي من أجل السماح للأطفال بالدخول لهذه الشبكات. وفي المملكة العربية السعودية يجد المخالفون للتشريعات أنفسهم معرضين لعقوبات قانونية على اعتبار أن عدم احترام حقوق الطفل فيما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي مصنف كجريمة بحكم قوانين البلاد. وتم رفع العديد من الدعاوى الجزائية ومتابعتها بالتنسيق بين وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والنيابة العامة بشأن مساعي الكسب المادي من نشاط الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث شملت العقوبات أولياء أمور أطفال. وكانت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع بالسعودية قد أكدت، في وقت سابق، أن استغلال الأطفال في الشهرة والتكسب المادي جريمة يعاقب عليها نظام حماية الطفل من الإيذاء لأنها من بين الممارسات المسيئة للطفل. وفي العام 2018 أقرت الكويت قيودا صارمة على استخدام الأطفال الذين تقل أعمالهم عن الثلاثة عشر عاما لشبكات التواصل الاجتماعي. استخدام الأطفال وسائل التواصل الاجتماعي في سن مبكرة يؤثر على سلامتهم وخصوصيتهم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في سن مبكرة يؤثر على سلامة الأطفال وخصوصيتهم ووضعت اللجنة الوطنية العليا للطفولة بوزارة الصحة الكويتية ضوابط على استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي تستند إلى أبحاث علمية تؤكد أن الأطفال دون سن الـ13 لا يملكون النضج العقلي والعاطفي للتعامل مع محتوى الشبكات الاجتماعية. وعلى إثر ذلك، أقرّت النيابة العامة في البلاد عن ملاحقة أولياء أمور الأطفال بسبب السماح لأبنائهم باستخدام هذه المواقع على شبكة الإنترنت. كما يلاحق القضاء الكويتي الآباء وغيرهم من أولياء الأمور الذين ينتهكون حقوق الأطفال ويتسببون لهم بأي إساءة على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال تصويرهم بغرض الشهرة أو لجني أرباح مادية أو تعريضهم لمشاهد إساءة لفظية أو مادية أو عنف أو لعرض حياتهم الخاصة على الشبكات الاجتماعية. وكانت دراسة صدرت في العام 2018 قد أكدت أن الأطفال بين الـ10 والـ12 عاما يتعرضون لخطر عاطفي كبير على وسائل التواصل الاجتماعي ويزداد شعورهم بالقلق حيال مظهرهم على الإنترنت. وقالت آن لونجفيلد، المشرفة على الدراسة ومفوضة شؤون الطفولة في إنجلترا، “بينما توفر وسائل التواصل الاجتماعي بعض الفوائد العظيمة للأطفال، إلا أنها تعرضهم لمخاطر عاطفية كبيرة، خصوصا عندما يقتربون من السابعة من العمر". فيما قال جوش كونستاين، المتخصص في التكنولوجيا والتفاعلات، إن شبكات التواصل الاجتماعي غيّرت طريقة خلق الصداقات للأطفال، الذين يجب في الوقت الحالي أن يخلقوا شخصية خاصة بهم منذ الصغر. لكنه رغم ذلك دعّم الاستخدام الواسع النطاق لشبكات التواصل بين الأطفال لأن له تأثيرات إيجابية؛ مثل إمكانية الوصول إلى المعلومات بشكل أكبر، لكنه يثير شكوكا خطيرة في تطورهم الشخصي. كما تمتد مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال لتشمل تأثيرات على صحتهم الجسدية وسلوكهم. مواقع التواصل الاجتماعي تضمن معلومات حقيقية ومفيدة للكبار مواقع التواصل الاجتماعي تضمن معلومات حقيقية ومفيدة للكبار وحذرت دراسة أجراها العام الماضي باحثون في جامعة فليندرز الأسترالية من تعزيز وسائل التواصل الاجتماعي لاضطرابات الأكل بين الأطفال البالغين 12 عاما. واعترف نصف المشاركين في الدراسة تقريبا بأنهم تخطوا وجبات الطعام وغيرها من العادات الأخرى وأنهم تصرفوا بطرق مرتبطة باضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية. وقال الدكتور سيمون ويلكش، المؤلف الرئيسي للدراسة، “عثرنا على نمط واضح من الارتباط بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبين اضطرابات الأكل والسلوكيات”، موضحا أن الدراسة تؤكد أن هذه العلاقة تحدث في سن أصغر مما تم البحث فيه سابقا. ولا تقتصر مشكلة مساعدة الآباء لأبنائهم على تجاوز الشروط المرتبطة بالفئة العمرية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الدول العربية فقط بل تشمل حتى الدول المتقدمة التي تفرض قيودا قانونية أوسع على استخدام البيانات الشخصية إلى جانب احتوائها على أنظمة أكثر تشددا فيما يتعلق بحقوق الطفل وحمايته. وفي العام 2012 قال تيم لوفتون، وزير شؤون الأطفال في بريطانيا آنذاك، إن "الآباء يساعدون أبناءهم دون السن القانونية في إنشاء حسابات على موقع فيسبوك". وأضاف لوفتون "هذا يعني أن الأطفال يشاركون في شبكات التواصل الاجتماعي في سنّ مبكرة جدا مما قد يؤثر على سلامتهم وخصوصيتهم"، لافتا إلى أن الآباء يتحملون مسؤولية مراقبة أنشطة أبنائهم على الإنترنت. وأشار لوفتون إلى أن شرط بلوغ الـ13عاما على الأقل للدخول على موقع فيسبوك لا يطبق بشكل قانوني. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :