يحتل السودان شطا كبيرا من نهر النيل، فهو بلد في ملتقي الطرق الأفريقية، وهناك علاقات تجارية وثقافية وسياسية بين مصر والبلاد السودانية مند الازل، وكان القدماء المصريون يسمونها " تانحسو" أي أرض الله فهي بلاد مليئة بالخير، فشقوا طريقًا للسفن بين صخور الشلال الأول في عهد الأسرة السادسة تحت إشراف مهندس مصرى اسمه " أونا "وذلك عام 0022 قبل الميلاد، وكانت السفن تجرى في النيل بين مصر و السودان بغير مشقة، إلى أن وصلت حدود مصر و السودان إلى النيل الأزرق، وبعد مرور عقود من الترابط بين مصر والسودان، سعى الإحتلال الانجليزي إلى فصل السودان عن مصر، و ايضًا فصل الشمال السوداني عن الجنوب، واستقلت بالفعل جنوب السودان عام 2011، واتخذت جوبا عاصمة لها، وذلك بعد حرب أهلية سودانية كانت الأطول في تاريخ أفريقيا، جدير بالذكر أن جنوب السودان يحدها من الشمال السودان ومن الشرق اثيوبيا ، والجنوب الشرقي كينيا وأوغندا، وهو ما يعطيها أهمية جيوسياسية واستراتيجية كبيرة.في أزمة سد النهضة الأخيرة و التي استمر التفاوض فيها 9 سنوات، برزت إشكالية ولبس فيما يتعلق بدور السودان، فالسودان احد دولتي المصب وهو معني رئيسي بالتفاوض في أزمة السد وكل ما يتعلق بها بما في ذلك ملف الملء، ويمكن القول أن الدور السوداني أصبح واضحًا وشهد تحولا "نحو المزيد من الفاعلية" وذلك بعد رسالة مجلس الأمن، حيث شرحت وزيرة الخارجية السودانية في ذلك الوقت " أسماء محمد عبدالله " في نص الرسالة موقف بلادها بشأن مفاوضات سد النهضة، مؤكدة ضرورة امتناع كل الأطراف عن اتخاذ قرارات أحادية الجانب، بما في ذلك البدء في ملء خزان سد النهضة قبل التوصل إلى الاتفاق، وفي هذا السياق دعت مصر لاتخاذ موقف قوى وثابت وعدم التنازل عنه في مواجهة إثيوبيا بما يدعم وجود موقف ثنائي متحد وقوي، وبما يحول دون اختراق المواثيق الدولية عبر اتخاذ إثيوبيا قرارات احادية.في سياق متصل، وفي اطار تأكيد مصر وتعزيز مفاهيم التضامن والوحدة مع أشقائها الأفارقة عموما، والسودان على وجه الخصوص، وتأكيدا كذلك لدورها الريادى في الساحة الأفريقية، قام رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء "عباس كامل" ووزيرة الصحة "د.هالة زايد " بافتتاح المركز الطبي المصري بجوبا عاصمة "جنوب السودان" في 12 أغسطس المنصرم، وسط ترحيب كبير من المواطنين، كما قام وزراء صحة البلدين، ببحث سبل تطوير وتعزيز التعاون بين مصر وجنوب السودان في المجال الطبي، وعلى هامش ذلك تم إرسال فريق طبي مصرى الي السودان لتفعيل مبادرة " علاج مليون أفريقي " من فيروس سي، واقلاع طائرتي مساعدات مصرية للسودان تنفيدًا لتوجيهات الرئيس السيسي،حملت على متنها كميات كبيرة من المواد الغدائية وألبان الأطفال، ولم تكن هده المرة الأولي بل ان جمهورية مصر العربية تقف دائمًا بجانب الشعب السوداني الشقيق في العديد من الأزمات، تأكيدًا لدور مصر الرائد تجاه الأشقاء الأفارقة وترسيخًا لعلاقات التعاون وترسيخا لروابط الأخوة التاريخية التي تجمع مصر بدول القارة السمراء. إذن تخبرنا المقاربة التاريخية وكذلك المتغيرات الحالية بوحدة المصير والمقصد بالنسبة لمصر والسودان، فهما دولتان شقيقتان يجمع بينهما روابط تاريخية وجغرافية وسياسية وقبلية وعائلية، وكذلك وفقا لمفاهيم الأمن القومي الحديثة فإن أمن السودان واستقراره من أمن مصر – دولة الجوار المباشر – ولذلك يجب على البلدين البحث عن سبل تعزز النهج التعاوني فيما بينهما في كافة الملفات المتقاطعة، بما يعزز الاستقرار ويعطي أملا في تحقيق الأمن الإنساني بمفهومه الواسع للسودان ومصر، ويعزز الاستقرار ويدعم جهود التنمية في الإقليم ككل، وهو ما أكد عليه رئيس الوزراء المصري في زيارته الأخيرة للسودان.
مشاركة :