شكل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوة أمنية جديدة موازية للشرطة التركية، تتبع رئاسة الجمهورية مباشرة بمسمى «مديرية قوات الدعم»، وتعمل تحت إشراف مديرية أمن إسطنبول. وأثار تشكيل القوة الأمنية الموازية موجة انتقادات واسعة في أوساط الشعب التركي، واعتبرتها أحزاب المعارضة «تنظيماً مسلحاً» لتوفير الحماية للرئيس التركي. وبحسب القرار الرئاسي الذي نُشر في الجريدة الرسمية، تتألف القوة الأمنية الجديد من 500 فرد مسلح. وأكد حزب الشعب الجمهوري المعارض أن التحرك لتشكيل قوة أمنية موازية في إسطنبول يمثل انتهاكاً للمادة 126 من الدستور التركي التي تنظم تشكيل وحدات إدارية محلية، يتم تحديد واجباتها وصلاحياتها بالقانون. بينما أوضح حزب الشعوب الديمقراطي المعارض أن القوة الجديدة ستأخذ أوامرها بشكل مباشر من أردوغان، مؤكداً أن نظام حزب العدالة والتنمية يريد تشكيل تنظيم مستبد يدهس به الآخرين. إلى ذلك، شدد الباحث محمد ربيع، الخبير في الشؤون التركية، في تصريحات لـ«الاتحاد» على أن أردوغان يريد بتشكيل القوة الأمنية الجديدة إحكام قبضته الأمنية على الشارع التركي، لاسيما في مدينة إسطنبول التي يقود بلديتها المعارض التركي أكمل أوغلو الذي جاء إلى هذا المنصب على غير إرادة أردوغان، بعدما فاز في الانتخابات البلدية الأخيرة على مرشح حزب أردوغان. وأشار إلى أن أردوغان يريد منع أي نشاط سياسي يناهض حزب العدالة والتنمية، فضلاً عن سعيه إلى تشكيل جهاز أمني مسلح يتبع له مباشرة، ويستخدم عناصره عند اللزوم لقمع المعارضة التركية. وقال الخبير في الشؤون التركية: هذه ليست المرة الأولى التي يشكل فيها أردوغان تنظيمات أمنية مسلحة بهدف إحكام قبضته على الشارع التركي، ففي العام 2012 أسس أردوغان منظمة «سادات»، وهي تشبه قوات «الانكشارية» في عهد الدولة العثمانية، وتقوم «سادات» الآن بمراقبة مفاصل الجيش التركي من خلال مراقبة الجنرالات الكبار في الجيش. كما لعبت «سادات» دوراً كبيراً في تدريب وتسليح الميليشيات السورية التي أرسلها أردوغان إلى سوريا وليبيا. وأكد أن تأسيس أردوغان للتنظيمات الأمنية المسلحة في الداخل التركي يؤكد أن تركيا أمام تحول كامل إلى دولة تعتمد في كل سلوكها على الميليشيات، حيث أصبح الهدف هو بناء قوة أمنية تدين بالولاء الأيديولوجي والفكري لأردوغان، والمهمة الأولى لهذه الميليشيات هي حماية أردوغان وحزبه بعد تراجع شعبيته. أما مصطفى صلاح، الباحث المتخصص في الشأن التركي بالمركز العربي للدراسات السياسية، فأوضح في تصريحات لـ«الاتحاد» أن الهدف الأساسي من تشكيل قوات أمنية موازية للشرطة والجيش التركي هو تأمين النظام التركي ضد أي محاولة انقلاب محتملة. وقال صلاح: «لدى أردوغان مخاوف من مواجهة انقلاب ضد نظامه، وهو يسعى لتشكيل الميليشيات بعد أن فقد الثقة في أجهزة الشرطة والجيش». ولفت إلى أن اتجاه نظام أردوغان إلى الاعتماد على جماعات أو ميليشيات مسلحة بصفة رسمية أو غير رسمية يعكس تراجع العملية الديمقراطية في تركيا، ويؤكد بما لايدع مجالاً للشك أن نظام أردوغان ينتمي إلى الأنظمة الشمولية التي تلجأ إلى هذه الأنواع من الجماعات والميليشيات المسلحة ليبقى في السلطة أطول وقت ممكن.
مشاركة :