العمارة المعاصرة لا تعترف بالتاريخ النازي في ألمانيا | | صحيفة العرب

  • 8/24/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن المستثمرين في القطاع العقاري في ألمانيا لا يهتمون بالتاريخ النازي الملطخ بالدم والإبادات، لكن الحقيقة ليست كذلك فالباعثون العقاريون لا يهتمون إلا للربح المادي وهذا ما فتح جدلا بعد أن استغلوا مباني عسكرية نازية وحوّلوها إلى شقق فاخرة وفنادق للعطل. هامبورغ (ألمانيا) - أصبح في إمكان الطبقة العليا بمدينة هامبورغ الألمانية، شراء شقق فاخرة في مجمع سكني يشمل صالة للألعاب الرياضية، وقاعة لممارسة اليوغا وأربعة حمامات للساونا وردهة للاستراحة، شارك في تصميمها الفنان الألماني الشهير كارل ليغرفيلد، وذلك في نفس المكان الذي كان يتجمع فيه ضباط القوات المسلحة النازية أثناء الحرب العالمية الثانية. ومن الواجهة، يبدو المبنى الذي تم تشييده عام 1936 بأعمدة ارتفاعها متر تصنع إطارا للمدخل إلى جانب نسرين كبيرين فوق السطح، وكأنه لا ينتمي إلى المكان وخارجا عن المألوف، وسط المنازل حديثة التصميم والقصور المجاورة. وهذا المبنى يعد واحدا من العديد من المباني المماثلة المنتشرة في مختلف أنحاء ألمانيا، والتي لها علاقة بالنظام النازي وتم تحويلها إلى عقارات فاخرة. ويقول المنتقدون إن مطوري العقارات لم يبذلوا جهدا كافيا للاعتراف بتاريخ هذه المواقع ومنحها التقدير اللازم. ومع وجود نوع من الاعتراف بالتاريخ يتمثل في الواجهة الأمامية لمبنى “سوفينباليس”وهو الاسم الذي أطلق الآن على المبنى الكائن في هامبورغ، إلى جانب لوحة معدنية تذكارية تتضمن معلومات عن تاريخه، وموضوعة أمام المدخل لتكون شاهدا على هذا التاريخ، في ضوء جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات المسلحة النازية “فيرماخت” أثناء الحرب العالمية الثانية، فإن الناقد المتخصص في مجال المعمار رالف لانج يقول “كان المرء يتمنى المزيد من الوعي والمسؤولية التاريخية”. ويضيف “وجود مبنى تذكاري للعهد النازي في الواجهة، وشقق سكنية فاخرة في الخلف، هذا يعد بمثابة ظلم بيّن للمبنى”. مباني روغن العملاقة تخضع لأمر بالحفاظ عليها، ومع ذلك قام مستثمرون بشرائها وحوّلوها إلى فنادق وشقق فاخرة مباني روغن العملاقة تخضع لأمر بالحفاظ عليها، ومع ذلك قام مستثمرون بشرائها وحوّلوها إلى فنادق وشقق فاخرة وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ظل المبنى لعدة عقود يضم إدارة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة، حيث كان يتم فيها فحص الشباب بدنيا وطبيا لتحديد أهليتهم للخدمة العسكرية. وفي عام 2006، باعت الحكومة الفيدرالية المبنى لشركة خاصة اسمها “فرانكونيا يوروباو”، قامت بهدم وإعادة بناء أجزاء منه بعد أن حصلت على ترخيص من مكتب الحفاظ على النصب التذكارية. ويقول أوفه شميتس رئيس الشركة، إن هذه الأجزاء لا تستحق الحفاظ عليها، ومن بينها الجانب الخلفي برمته من المبنى، وبالتالي تم إحلال الأجزاء بمعمار معاصر. ولا يبدو أن المشترين مهتمون بما يحمله المبنى من ماض، وهنا يوضح شميتز، أنه تم تشييد 105 شقق فاخرة من بينها ثماني لا تزال تبحث عن مشتر، غير أنه لا يشعر بالقلق. ويقول إن “مشروع سوفينباليس لا يواجه أية مشكلة تتعلق بالشقق الخالية”. وبعيدا عن سوفينباليس من جهة الشمال الشرقي بنحو 200 كيلومتر، توجد ضاحية برورا الكائنة بجزيرة روغن ببحر البلطيق، وشيد النازيون في هذه الضاحية ما يعرف باسم “مباني روغن العملاقة”، وهي سلسلة طولها 2.5 كيلومتر تضم خمسة مجمعات خرسانية، وهذه المجمعات التي تم تشييدها خلال الفترة بين 1936 و1939، تخضع لأمر بالحفاظ عليها، ومع ذلك قام مستثمرون من القطاع الخاص بشراء المجمعات بالتدريج وحولوها إلى فنادق وشقق لتمضية العطلات. غير أن المجمعات تضم أيضا مركزين للتوثيق والحفظ، ويعمل كريستيان دينسي في أحدهما، ويقول “إن التاريخ الحافل بالقسوة للمكان لم يعرض بشكل كاف”. ويضيف، إنه “كان يتم استخدام السكان خاصة من أوروبا الشرقية في أعمال السخرة بهذا المكان أثناء الحرب، كما أن قوات الشرطة التي شاركت في وقت لاحق في ترحيل اليهود إلى معسكرات الموت، أو تلك التي ارتكبت جرائم حرب داخل الاتحاد السوفييتي أو اليونان كانت تتلقى تدريبها هنا”. منتجعات على أنقاض التراث النازي منتجعات على أنقاض التراث النازي وفي ميونخ، تحول الآن ملجأ حصين سابق للنازيين إلى شقق سكنية ومكاتب، وهو قائم عند مفترق للطرق حافل بالحركة بضاحية شوابينغ الراقية. غير أن التاريخ حاضر في كل بقعة من هذا المكان كما يقول المستثمر ستيفان هوغلماير. واشترى هوغلماير المكان منذ بضعة أعوام وقام بتجديده، وبجانب الشقق والمكاتب توجد مساحات للمعارض، ويقول إن تاريخ الملجأ الحصين يقوم دائما بدور في هذه الغرف، فهي منصة مفتوحة تهدف إلى تحفيز المناقشات حول دور المعمار في المجتمع. ومثل هذه المساحة المهمة المفتوحة أمام الجمهور ليست موجودة في سوفينباليس بهامبورغ، وهو أمر يأسف له فرانك بيتر هسه الرئيس السابق لمكتب الحفاظ على النصب التذكارية بهامبورغ. ويقول هسه، إن المبنى يفتقر إلى مواجهة تاريخه، ويدعو إلى إقامة مركز للتوثيق بداخله. بينما يعرب شميتس عن اعتقاده بأنه لا يمكن تنفيذ هذه الفكرة داخل مبنى سكني، كما أن مكتب الحفاظ على النصب التذكارية يقول إنه لا يمكنه أن يصف استخداما محددا لمالك المبنى. ويرى شميتس، أن تحويل المكان إلى مبنى إداري من شأنه أن يسبب إزعاجا للمنطقة السكنية الهادئة، ويقول إن اللوحة المعدنية التذكارية المتاخمة لمدخل المبنى كافية للتذكير بتاريخه. ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :