أسامة سليمان من فيينااستهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على ارتفاع جراء اقتراب عاصفتين من خليج المكسيك، ما تسبب في توقف نصف إنتاج النفط هناك، إضافة إلى حدوث تقدم في طريق التوصل إلى لقاح فعال لمواجهة جائحة كورونا، التي تسببت في ضعف الطلب على الوقود، خاصة مع تسارع الإصابات الجديدة في الولايات المتحدة والعالم أخيرا. يأتي ذلك في وقت أكد فيه مختصون ارتفاع إجمالي ديون الاستكشاف والإنتاج في أمريكا الشمالية للفترة 2020 - 2022 إلى نحو 168 مليار دولار بزيادة قدرها 36 في المائة، مقارنة بـ122 مليار دولار المسجلة بين أعوام 2015 - 2019. وقالوا لـ"الاقتصادية"، إن معنويات السوق تتحسن تدريجيا، كما أن آفاق الطلب في تطور إيجابي خاصة في ضوء توقع وصول صادرات النفط الأمريكي إلى الصين إلى مستوى قياسي الشهر المقبل في إشارة إلى أن بكين تكثف مشترياتها للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق تجاري تاريخي تم التوصل إليه في وقت سابق من هذا العام. ويواصل منتجو "أوبك+" تقييد المعروض النفطي رغم بعض الزيادات المحدودة ذات الانعكاسات الضعيفة على أسعار النفط، وتحديدا مع تعهد العراق ونيجيريا وبقية المنتجين تحسين مستوى الامتثال لتخفيضات الإنتاج وتعويض الزيادات الإنتاجية في الشهور المقبلة. وعد المختصون أن تنامي صادرات النفط إلى الصين تتكامل مع جهود "أوبك+" لتقييد المعروض النفطي، ما يعجل باستعادة التوازن وتعافي الأسواق في النصف الثاني من العام الجاري، موضحين أن البيانات الاقتصادية تؤكد أن حجم مشتريات الصين من النفط الأمريكي في أيار (مايو) الماضي كان أيضا أكبر كمية من قبل أي مشتر للنفط من الولايات المتحدة في شهر واحد. وأشاروا إلى استمرار ضعف البيئة السعرية وتأثيرها في الإنتاج الأمريكي الذي يحتاج إلى مستوى فوق 50 دولارا للبرميل. وذكر روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن صعود الأسعار مع بداية الأسبوع جاء كرد فعل سريع على توقف نصف الإنتاج في خليج المكسيك جراء عاصفتين في آن واحد أسهما مؤقتا في شل عمل المصافي الأمريكية، ولكنها حالة مؤقتة سيعود بعدها الإنتاج الأمريكي إلى المستويات الطبيعية، ولكن تبقى تحديات الإنتاج الأمريكي الدائمة وبخاصة ارتفاع إجمالي ديون الاستكشاف والإنتاج في أمريكا الشمالية بنحو 36 في المائة حتى 2022. وأضاف أن هدوء وتيرة الصراعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين سيدعم استقرار السوق، خاصة مع الوفاء بالالتزامات تجاه الاتفاق التجاري، مشيرا إلى أنه بموجب المرحلة الأولى من الاتفاق وعدت الصين بشراء ما قيمته 200 مليار دولار إضافية من السلع والخدمات الأمريكية في عامي 2020 و2021 بما في ذلك 52 مليار دولار من منتجات الطاقة وذلك بحسب الاتفاقية، التي تم توقيعها في كانون الثاني (يناير) الماضي، والتي تعثرت نسبيا مع اشتداد وتيرة خسائر جائحة كورونا. من جانبه، قال ألكسندر بوجل المستشار في شركة "جي بي سي إنرجي" الدولية، إن فرص تحقيق مكاسب سعرية واسعة للنفط الخام ما زالت محدودة على الرغم من إعلان الولايات المتحدة تسجيل تقدم واسع في العلاج ببلازما الدم للمتعافين من فيروس كورونا، ويرجع ذلك إلى عوامل أخرى أبرزها المخاوف المستمرة من تجدد تخمة المعروض النفطي في السوق. وأشار إلى أن مستوى المخزونات النفطية له تأثير واسع في استقرار السوق، وقد تقلص بالفعل الفائض بين حين وآخر بأعلى من المتوقع، ما قدم دعما فوريا للأسعار، مبينا أنه من الصعب تكرار سيناريو نيسان (أبريل) الماضي عندما تسببت وفرة المعروض الهائلة، ونقص مساحة التخزين في هبوط أسعار النفط لأول مرة في التاريخ إلى المنطقة السلبية. من ناحيته، أكد لوكاس بيرتريهر المحلل في شركة "أو إم في" النمساوية للنفط والغاز، أن جهود "أوبك+" في تقييد المعروض والتحسين المستمر لمستوى الامتثال لحصص خفض الإنتاج جعلت بالفعل وضع السوق الآن أفضل بكثير مما كانت عليه قبل أربعة أشهر خاصة مع الحفاظ بصفة مستمرة على دعم انتعاش أسعار النفط بشكل جيد. ولفت إلى تسجيل السوق مؤشرات إيجابية ملحوظة تمثلت في الأساس في انخفاض مخزونات النفط الأمريكية خلال الأسبوعين الماضيين ما قلص بالفعل من هامش تراجع الأسعار إلى حد كبير، مبينا أن معدل تقلص المخزونات انكمش بوتيرة ملحوظة في الأسابيع الماضية، مشيرا إلى أن الأمر يمثل جرس إنذار للمنتجين وبقية أطراف الصناعة للعمل حثيثا على تفادي خطر عودة زيادة المخزونات، التي قد يكون لها انعكاسات سلبية للغاية على أسعار النفط الخام. بدورها، قالت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، إن المخاطر الجيوسياسية قادت مرة أخرى إلى صعود الأسعار مع توقف نصف الإنتاج الأمريكي في المصافي جراء الإعصارين. وأشارت إلى أن تقليص "أوبك+" قيود الإنتاج التاريخية بنحو مليوني برميل يوميا إلى 7.7 مليون برميل يوميا لم يعد السوق إلى تخمة المعروض وتزامن مع إطلاق توقعات بانتعاش الطلب على النفط الخام خلال العام الجاري من جانب "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية. وذكرت أن التفاؤل بالتوصل القريب إلى لقاح فعال لفيروس كورونا يعزى إليه كثير من الارتفاعات الأخيرة في أسعار النفط، مبينة أن السباق لتطوير لقاح فعال يسير على قدم وساق، مشيرة إلى وجود عوامل عديدة إيجابية في السوق ومؤشرات على انتعاش اقتصادي حتى وإن كان بوتيرة بطيئة، حيث يكافح الطلب للعودة إلى مستويات ما قبل الأزمة. وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط الخام أمس، مع اقتراب عاصفتين من خليج المكسيك، ليتوقف أكثر من نصف إنتاج النفط هناك، ووسط تفاؤل حيال فيروس كورونا بعدما سمحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية باستخدام بلازما الدم من مرضى متعافين كخيار علاجي. وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام برنت القياسي العالمي لأقرب استحقاق جلسة التداول مرتفعة 78 سنتا، أو 1.76 في المائة، لتسجل عند التسوية 45.13 دولار للبرميل. وزادت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس 28 سنتا، أو 0.66 في المائة، لتبلغ عند التسوية 42.62 دولار للبرميل. وأمس الأول، هب الإعصار ماركو والعاصفة المدارية لورا على الكاريبي وخليج المكسيك، ما اضطر شركات الطاقة لسحب العمال من المنصات البحرية ووقف إنتاج النفط. وأوقف المنتجون 58 في المائة من إنتاج النفط البحري في خليج المكسيك و45 في المائة من إمدادات الغاز الطبيعي أمس الأول. وتسهم المنطقة بنسبة 17 في المائة من إجمالي إنتاج النفط الأمريكي و5 في المائة من إنتاج الغاز الطبيعي. وقال إدوارد مويا، كبير محللي السوق لدى أواندا في نيويورك، "أسعار الخام ارتفعت لأن المتاعب المزدوجة في الأطلسي قد تفضي إلى تعطيلات ضخمة لعمليات النفط في خليج المكسيك. لكن من المرجح أن تكون مكاسب النفط خافتة لأن عدم التيقن المتعلق بالفيروس ما زال يلقي بظلاله على توقعات الطلب على الخام". من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 44.92 دولار للبرميل الجمعة الماضية مقابل 45.05 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني انخفاض له على التوالي، كما أن السلة استقرت تقريبا عند مستوى الأسبوع الماضي نفسه وبلغت 44.94 دولار للبرميل.
مشاركة :