قراءة في زيارة الكاظمي لواشنطن

  • 8/25/2020
  • 01:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

«شراكتنا الاستراتيجية هدفها تحقيق الأمن والازدهار» هذه الجملة مثلت شعارا للقاء الثنائي الذي جمع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، فهل من تكتيكات وخطوات جدية لتحقيق مضمون هذا الشعار الملفت للانتباه؟خطوة الحلول في جانب مهم منها بدون أدنى شك هي بيد الرئيس ترامب، إذ ان السياسة الأمريكية تعتبر أبرز مفاعيل الحل الجذري للإشكالية العراقية التي تغوص يوميا في الأعماق بشعب تحمل وطأة الحصارات والحروب والتشرذم على مدى 30 عاما جراء السياسات الأمريكية التي أضحت للمتابع هي التي خططت للعراق أن يكون بهذا الواقع الذي يبدو عليه في الوقت الحاضر. فالبعض غالى بالمراهنة على زيارة الكاظمي لواشنطن بتحقيق الانجازات الهائلة التي تجعل العراق كاليابان أو كوريا الجنوبية او ألمانيا، في ضوء ما حظي به من حفاوة الاستقبال الذي لم يحظ به من سبقه، والبعض الآخر قلل من أهميتها الى الحد الذي شكك حتى في بروتوكول الاستقبال وضعف حفاوة الاستقبال.بروتوكولات الاستقبال الغربية مختلفة عن مثيلاتها في بلدان الشرق في بعض سلوكيات التعامل النابعة من ثقافة غربية تختلف بعض الشيء عن الثقافة الشرقية التي نمارسها في حياتنا اليومية. وعلى الرغم مما قيل بالاتجاهين المتفائل والمتشائم، فالزيارة تعد بداية ناجحة وموفقة، والاستقبال كان مميزا، وجدول أعمال اللقاءات الرسمية كان حافلا بمناقشة موضوعات اقتصادية وصحية وبيئية وتكنولوجية وعلمية وسياسية وأمنية، حظي بها الكاظمي مع كبار المسؤولين الأمريكيين وفي مقدمتهم ترامب، واتضح أن الأمريكيين يرغبون بجدية دعم الكاظمي وإنجاح برنامجه الحكومي وتفاعلهم مع سياساته التي يمارسها في إدارة الحكم بالعراق الذي تولاه في 7 مايو 2020، وعلى الرغم من كل هذه المؤشرات الإيجابية فمسألة نجاح هذه الخطوات مرهون بمدى قدرة وجدية حكومة بغداد بتنفيذ برامجها التنفيذية وتحريك المياه الراكدة والتفاعل مع الأمريكيين والمجتمع الدولي بخطوات إجرائية مطمئنة، فإن تحقق ذلك فإنها ستلفت انتباه المجتمع الدولي للتعاون مع العراق، وكل ما هو مطلوب توفير البيئة الآمنة للاستثمار وكبح جماح العنف وأصحابه وتعزيز الاستقرار الذي يحقق فرصة جذب الشركات العالمية للعمل بهذا البلد وإنعاش الاقتصاد الذي يعاني انتكاسة خطيرة رغم تعدد الموارد التي تملأ الأرض. وأعلن الجانبان اتفاقا للاستثمار بقيمة 10 مليارات دولار في قطاع النفط والغاز بالعراق، ويبدو أنه سيبقى مجرد كلام ويصعب ترجمته الى فعل لأن الأمريكيين يخشون وجود شركاتهم في العراق الذي تحول إلى ساحة صراع بين واشنطن وطهران، وأصدقاء الأخيرة يملؤون الأرض العراقية تحركا، ونفوذهم وتأثيره كبير على القرار الحكومي، وخارج رؤيتهم لا يمكن للحكومة أن تتصرف. وإذا كانت الانطباعات عن بداية الزيارة تؤشر إلى جانب مشرق للتفاعل بين الوفدين العراقي والأمريكي، ينبغي أن نضع الأمور في نصابها من خلال البحث في إطار مستقبل هذه الموضوعات التي تناولتها اللقاءات الرفيعة المستوى، ويقينا أن الأمريكيين يدركون كما يدرك الكاظمي أن الظروف الداخلية بالعراق غير مشجعة لترجمة هذه الموضوعات بالاتجاه الصحيح، فالقوى السياسية بالعراق باتت جزءا من المشكلة والأزمة وابتعدت عن الحلول، وغير مستعدة لمنح الكاظمي فرصة تحقيق الاستقرار بالبلد لأن مصالحها ستتضرر، وقد يواجه الكاظمي حال عودته من واشنطن، تحديات منها التلويح بالإقالة في مجلس النواب لعدم الطلب رسميا من واشنطن سحب قواتها من البلاد، واتهامه بالتواطؤ مع واشنطن في أمور أخرى، ولا نقول أكثر من ذلك. وهناك نقطة جوهرية سوف تتحكم بمستقبل الخطوات التي رسمتها زيارة الكاظمي لواشنطن، وتتمثل في ظروف الأجواء الانتخابية في كلا البلدين، التي ستجعل الأمور على ما هي عليه لأكثر من سنة تقريبا، بمعنى أن حسابات البيدر مختلفة عن حسابات الحقل.  وما طرح في اللقاء الثنائي بين ترامب والكاظمي، من شعار فرض نفسه لأن يكون مانشيت يلفت انتباه القراء في الصحف الواسعة الانتشار «شراكتنا الاستراتيجية هدفها تحقيق الأمن والازدهار» لن يتعدى زمانه بالنشر قبل أن يختفي من التداول، لوجود عوامل خارجية وداخلية مفقودة الحلول في الوقت الحاضر، وخارجيا الجانب الأمريكي لم يعد يضع العراق ضمن أولويات سياسته الخارجية وترامب غير آبه بالأمور، وكل ما يركز عليه هو كيفية زيادة رصيده أمام منافسه الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية جو بايدن، وأما داخليا فإن الدولة العراقية باتت تتحكم فيها مفاعيل عدة يتفوق فيها الطرف الذي يمتلك السلاح والمال والنفوذ على السلطة التنفيذية. ‭{‬ أستاذ الإعلام الدولي بالجامعة العراقيةFaidel.albadrani@gmail.com

مشاركة :