أيّدتُ موقف الحكومة البريطانية ضد احتلال الكويت سنة 1990، ولم أؤيد أي سياسة لأي حكومة بريطانية منذ ذلك الحين، وإلى درجة أنني لم أشارك في الانتخابات البرلمانية الأخيرة والخيار بين حكومة من نوع المحافظين الجدد، ومعارضة عمالية اشتراكية تريد أن تزيد الضرائب. هذا الأسبوع وجدت نفسي، ربما رغماً عن نفسي، أؤيد كلام رئيس الوزراء ديفيد كاميرون عن الإرهاب باسم الإسلام. هو تعهد بمواجهة «الأيديولوجية الإسلامية المتطرفة» التي تخدع الصغار وتجعل منهم إرهابيين، وقال أنه يجب التخلي عن تجاهل جماعة تريد فرض قيَمها على المجتمع البريطاني. كاميرون هاجم تحديداً إذاعات تعطي الإرهابيين مساحة لعرض آرائهم الهدّامة، وشركات إنترنت شرَّعت أبوابها لهم، وجامعات تتجاهل تطرف الإرهابيين مدفوعة بليبرالية مضلّلة، والشرطة والخدمات الاجتماعية والبلديات التي لم تواجه الاعتداء على صغار في بلدة روذرام وغيرها، ومع كل هؤلاء الاتحاد الوطني للطلاب الذي يترك مؤيداً للإرهاب يتكلم وهو يمدح «جون الجهادي». كل هذا صحيح، ومثله الحديث عن مناطق فقيرة داخل المدن البريطانية أصبح بعضها وقفاً على إثنية واحدة، وسكانها بعيدون من المجتمع فتتحول مناطقهم إلى بؤر تغذي الإرهاب. أريد قبل أن أكمل أن أقول أن الإرهاب في بريطانيا سواء الهجوم على وسائل النقل في 7 - 7 - 2005، أو قتل الجندي البريطاني لي ريغبي لم يرتكبه أي عرب، إنما مسلمون متطرفون من آسيا الوسطى والشرق الأقصى. وطلاب الطب الذين ذهبوا إلى سورية لمساعدة «داعش» لم يكن بينهم عربي واحد أو عربية. وهذا الكلام صحيح أيضاً عن شبان ضالين مضللين ذهبوا للانضمام إلى الإرهابيين في سورية والعراق، وعن بنات مدارس ذهبن للزواج بإرهابيين. البريطانيون منقسمون إزاء مواجهة الإرهاب، واللورد ريتشاردز، القائد السابق للقوات المسلحة، دعا إلى تدخل قوات برية لسحق الإرهابيين لأن الغارات الجوية وحدها تزيد الأزمة سوءاً. غير أن وزير الدفاع مايكل فالون أعلن أن بريطانيا لن ترسل قوات برية لمقاومة «داعش» في العراق. والحكومة البريطانية لم تعترف بالمشاركة في الغارات على سورية إلا بعد أن فضحها الإعلام. الإعلام أيضاً منقسم على نفسه، وقرأت في «نيو ستيتسمان» مقالاً يقول أنه بدل أن يقدم كاميرون فكرة جديدة عرض الحمل المتعب نفسه عن الإرهاب، وهو بذلك مثل توني بلير وغوردون براون. أما محمد شفيق في الـ «غارديان»، فقال أن كاميرون حمّل المسلمين البريطانيين جميعاً المسؤولية من دون أن يحاول التعامل معهم. الـ «تايمز» اللندنية سمحت للمسلمة المنشقة آيان هرسي علي أن تقول في مقال منشور أن لبريطانيا الحق في استئصال السرطان الإسلامي. هي سرطان خبيث. وكانت الجريدة نفسها نشرت قبل ذلك مقالاً كتبته راشيل سلفستر التي أعرف اسمها من تعاملها مع السياسي البريطاني الجَدَلي بيتر ماندلسون. هي حاولت في مقالها أن تقارن بين نازية الثلاثينات من القرن الماضي وإرهاب «داعش» وغيره اليوم. لا شبه إطلاقاً، والإرهابيون لا يعرفون الإسلام، وهم حتماً لا يعرفون النازية ولا يستوحون شيئاً منها. غير أن المقال ينسب إلى محافظين كبار لم تذكر أسماءهم أنهم يرون شيئاً موازياً بين محاولات استرضاء النازيين في ثلاثينات القرن الماضي والفشل الأخير في التصدي «للأيديولوجية الإسلامية التي توقد الإرهاب». ونسب المقال إلى وزير لم يُذكر اسمه أيضاً أن هناك شبهاً هائلاً بين «النازية والأسلمة». الشبه فقط في كلام الكاتبة سلفستر، واسمها يشير إلى أنها يهودية إلا أن هذا آخر همّي أو اهتمامي، فالشبه الذي أراه هو بين الإرهاب الإسرائيلي الذين يشمل قتل الأطفال وإرهاب «داعش الذي» يخدم إسرائيل بتحويل الأنظار عن جرائمها. إرهاب إسرائيل أطلق كل إرهاب آخر، وأي حديث آخر ضحك على العقول.
مشاركة :