فيسبوك وتيك توك والصين

  • 8/26/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

«تيك توك لا يلتزم باتباع قواعد حرية التعبير على غرار فيسبوك، ويمثل خطرا على القيم الأمريكية والتفوق التكنولوجي».. مارك زوكربيرج- مؤسس موقع فيسبوك. هناك ظاهرة مثيرة للاهتمام تشير إلى التناقض الموجود في سوق التكنولوجيا العالمي حاليًا، حيث تؤكد شركات التقنية الصينية المزدهرة للمستهلكين حول العالم أنها «لا تخضع ولن تخضع للمطالب غير المعقولة، التي تفرضها عليها الإدارة الديكتاتورية في بكين». ولكن على الجانب الآخر، تقول شركات التكنولوجيا الأمريكية إنها «لا تستطيع العمل بحرية في الصين، بسبب مطالب النظام غير المعقولة هناك». والسؤال الآن: من هو الطرف الذي يجب على المستهلكين تصديقه؟.وتم حظر موقع فيسبوك في الصين عام 2009، والآن يدافع عملاق السوشيال ميديا الأمريكي بقوة عن أرضه في الولايات المتحدة ضد منافسه الصيني تيك توك. وهذه المنافسة لا تقتصر على المواجهة داخل السوق فقط، حيث يشن الموقع الأزرق أيضًا حملة ضغط كبيرة في واشنطن على تيك توك.وحول هذا الموضوع، يقول تقرير إخباري لجورجيا ويلز وجيف هورويتز وأرونا فيسواناثا تم نشره في وول ستريت جورنال: «عندما ألقى مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك خطابًا حول حرية التعبير في واشنطن العاصمة، الخريف الماضي، كانت هناك أجندة أخرى أيضًا يسعى زوكربيرج لتنفيذها، وذلك عبر التنبيه إلى مستوى الخطر المحدق الذي تمثله شركات التكنولوجيا الصينية، وبشكل أكثر تحديدًا، تطبيق مشاركة الفيديوهات تيك توك، الذي يحظى بشعبية كبيرة».وكان في الخطاب الذي ألقاه زوكربيرج إلى طلاب جامعة جورجتاون سطر يشير إلى منافس فيسبوك الصاعد تيك توك، وقال زوكربيرج فيه: إن «تيك توك لا يلتزم بإتباع قواعد حرية التعبير على غرار فيسبوك، ويمثل خطرًا على القيم الأمريكية والتفوق التكنولوجي». ونفس تلك رسالة وجهها زوكربيرج من وراء الكواليس في اجتماعاته مع المسئولين والمشرعين الأمريكيين، خلال رحلته التي قام بها في أكتوبر الماضي، وزيارة أخرى منفصلة لواشنطن قام بها قبل أسابيع، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.ورغم أن رسالة زوكربيرج فعلًا تصب في مصلحته الشخصية، لكنها ليست خاطئة بالضرورة، فكما لاحظ مراسلو وول ستريت، أمضى الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك سنوات وهو يحاول العودة للسوق الصينية. وتوفر تجربته هناك سببًا وجيهًا للتساؤل عما إذا كان بإمكان أي منصة وسائط اجتماعية تجنب خدمة مصالح دولة الرقابة في بكين.وتقول أليسا أبكويتز وديبا سيتارامان وإيفا دو في تقرير آخر بوول ستريت عام 2017 عن ذلك: «يمر فيسبوك بسلسلة من المتاعب في الصين، بينما يحاول تمهيد الطريق للعودة للسوق هناك».وأشار مراسلو وول ستريت أيضًا إلى أنه قبل ثماني سنوات من ذلك التاريخ، قام المنظمون الصينيون «بحظر فيسبوك وتويتر في إغلاق معلوماتي، تم في أعقاب أعمال الشغب التي وقعت في منطقة شينجيانغ المسلمة في الصين. وقالت وسائل الإعلام الحكومية إن قادة الشغب استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي لإثارة الاضطرابات». وأضاف التقرير: «إن بكين لا تزال غير مرتاحة لقدرة فيسبوك على أن يكون منبرًا للمعارضين».واستطرد: «وافق فيسبوك بالفعل على إزالة المحتوى غير القانوني في بعض البلدان، بما في ذلك المواد المؤيدة للنازية في ألمانيا. ولكن القانون الصيني يطالب بالمزيد، والرقابة الصارمة هي السبب الذي دفع شركات الإنترنت الغربية مثل ألفابت (الشركة الأم لجوجل) إلى ترك السوق الصينية».وكان المسؤولون التنفيذيون في فيسبوك يشعرون بالقلق من أن الموافقة على الرقابة الشديدة يمكن أن تخلق رد فعل عنيف بين مستخدمي الموقع النشطين، البالغ عددهم 1.8 مليار شخص، حسبما قال أشخاص مطلعون على الشركة.أيضًا مثلت عواقب رحيل جوجل من السوق الصينية عقبة أخرى أمام فيسبوك. ففي عام 2010، قالت جوجل إنها ستتوقف عن فرض الرقابة على محرك البحث الخاص بها، بعد اكتشافها لقراصنة مقرهم الصين يهاجمون حسابات جي ميل تابعة لنشطاء حقوق الإنسان. وسحبت جوجل محركها البحثي من الصين، وأعادت توجيه المستخدمين إلى موقعها في هونغ كونغ، بينما نفى المسؤولون الصينيون علاقتهم بالهجمات التي تعرض لها جوجل.ويظهر رد فعل المستخدمين العنيف عندما تتعاون شركات التكنولوجيا الكبيرة مع دولة بوليسية تحاول قمع المعلومات. والسؤال الأبرز الآن هو: هل بإمكان الشركات تجنب مثل هذا القمع الصيني، بينما يستمر الحزب الشيوعي في إدارة الدولة؟.وللإجابة عن هذا السؤال تقول ليزا لين وكاتي ستيش فيريك في تقرير نشر أول أمس الإثنين بالوول ستريت: «تخطط شركة تيك توك المملوكة للصين لمقاضاة الحكومة الأمريكية في محكمة فيدرالية يوم الإثنين المقبل، مؤكدة أنها تحمي بيانات مستخدميها وتتحدى الأمر التنفيذي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي من شأنه أن يحظر تطبيق مشاركة الفيديو بشكل فعال إذا لم يجد مشتريا أمريكيًا لعملياته في الولايات المتحدة.ويقول المسؤولون الأمريكيون إنهم قلقون من أن تيك توك، المملوكة لشركة بايت دانس المحدودة، ومقرها بكين، قد تنقل البيانات التي تجمعها من الأمريكيين الذين يضعون مقاطع الفيديو على الموقع إلى الحكومة الاستبدادية الصينية.وردت تيك توك قائلة إنه لم يُطلب منها مشاركة البيانات مع الحكومة الصينية، ولن تفعل ذلك حتى إذا طُلب منها.ويقول المحللون إن قانون الأمن القومي الصيني يفرض التزامات واسعة على المواطنين والشركات للمساعدة في مثل هذه التحقيقات، وتلك الالتزامات تشمل تهديدات سياسية وأيديولوجية في الصين. وهذا يعني أن بايت دانس كشركة صينية، ستواجه مشكلة في مقاومة طلب الحكومة لهذه البيانات.وظهر هذا الجدال على السطح أيضًا في قضية شركة هواوي، التي تملك أكبر مصنع في العالم لمعدات الاتصالات. فحسبما نقلت وكالة رويترز في 2019، تعهد المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة هواوي تكنولوجيز المحدودة بعدم مشاركة أي معلومات للعملاء مع الحكومة الصينية، وقال إن الشركة لم تفعل ذلك أبدًا. مصرحًا بذلك في مقابلة مع مع قناة سي بي أس نيوز تم بثها يوم الثلاثاء السابق لتاريخ النشر.وردا على سؤال عما إذا كانت هواوي شاركت بيانات مع الحكومة الصينية، قال رين تشنغفي في مقابلة مترجمة مع القناة التلفزيونية الإخبارية: «على مدار الثلاثين عامًا الماضية، لم نقم بذلك مطلقًا. وفي السنوات الثلاثين المقبلة، لن نفعل ذلك أبدًا».وسؤالي الأخير هنا هو: «كيف يمكن لشركة صينية رفض طلب من الحزب الشيوعي؟».جيمس فريمان هو مؤلف مشارك لكتاب «التكلفة: ترامب والصين وإحياء أمريكا».

مشاركة :