ارتفعت أسعار النفط الخام أمس أكثر من 1.5 في المائة، حيث تلقت الأسعار دعما من تعطل كبير في الإنتاج الأمريكي في خليج المكسيك بسبب الإعصارين، إضافة جهود "أوبك +" في تقييد المعروض النفطي وتحسين الامتثال لتخفيضات الإنتاج. وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون إن ارتفاع أسعار النفط جاء بسبب تعطل الإنتاج نتيجة عاصفتين اقتربتا من ساحل الخليج الأمريكي وهو ما وفر دعما جيدا للأسعار في مواجهة ضغوط هبوطية حادة مستمرة على مدار عدة أشهر جراء الانتشار السريع لجائحة كورونا. وأوضح المختصون أن العاصفتين "ماركو" و" لورا " قد تدفعان مصافي التكرير إلى الإغلاق، كما تؤثران في الطلب، وقد تلحقان أضرارا بقطاع الطاقة الأمريكي تتجاوز مليارات الدولارات، في وقت يواجه القطاع ثقل كثير من الأعباء وأبرزها ضعف الأسعار وتقلص أنشطة الحفر وارتفاع المديونية وإفلاس الشركات. وذكر سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، أن العاصفتين فاقمتا من متاعب السوق ولكنهما قدمتا دعما للأسعار في توقيت دقيق تحتاج فيه السوق إلى مواجهة الضغوط الهبوطية الناجمة عن ضعف الطلب ووفرة المعروض، مشيرا إلى أن المعنويات تتحسن تدريجيا خاصة مع تراجع التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وعودة الأخيرة لشراء النفط الأمريكي بمستويات جيدة تتوافق مع اتفاق البلدين في كانون الثاني (يناير) الماضي. وأضاف أن العوامل الداعمة للأسعار تشمل أيضا نجاح اتفاق "أوبك +" في تقييد المعروض وتحسين مستوى امتثال المنتجين لحصص خفض الإنتاج وتقديم رؤية جيدة عن تعافي الطلب خلال النصف الثاني من العام الجاري، لافتا إلى ارتفاع العقود الآجلة للخام الأمريكي بشكل تدريجي هذا الشهر وسط انخفاض مطرد في مستوى مخزونات النفط الخام والبنزين. من جانبه، قال روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، إن حالة القتامة السابقة تتلاشى في السوق بسبب تحسن المؤشرات ووجود إشارات مبدئية على عودة الطلب إلى مستويات ما قبل الجائحة وهو ما شجع على عودة الإنتاج الأمريكي المعطل في فترة تهاوي الأسعار السابقة، حيث عادت أنشطة الحفر الأمريكية لتضيف عشرة حفارات جديدة في الأسبوع الماضي، وذلك في أول انتعاشة جيدة للإنتاج خلال العام الجاري الذي شهد أصعب وأخطر موجات الكساد والانكماش في الصناعة. وأشار إلى تقديرات محللين دوليين تؤكد أن الأيام الثلاثة المقبلة ستحدد حجم تأثير العاصفتين بدقة في سوق النفط الخام من خلال رصد حجم الخسائر في مصافي خليج المكسيك، كما أن تأثير العاصفتين في نشاط التكرير وإنتاج النفط في الولايات المتحدة ليس ماديا فقط ولكن نفسيا أيضا، والأخيرة لها تأثيرات مداها الزمني أطول. من ناحيته، قال ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، إن قرار "أرامكو" السعودية الصائب بإنشاء تنظيم إداري جديد للتطوير المؤسسي بهدف تحسين محفظة الشركة يعد تطورا إيجابيا للغاية ويعكس الرؤية الصائبة لأكبر شركة منتجة للنفط في العالم في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية والتواؤم مع أسعار الخام المنخفضة وتطوير طرق جديدة لتعزيز السيولة. وذكر أن العوامل الإيجابية الداعمة للأسعار عديدة ولعل من أبرزها تقارير دولية تتوقع انخفاض مخزونات الخام التجارية الأمريكية بمقدار 4.3 مليون برميل إلى 508.2 مليون برميل وهو ما سيمثل الأسبوع الخامس على التوالي من التراجع ما يجعلها أطول فترة انخفاض في عام الأمر الذي يعكس بدوره نجاح خطة تحالف "أوبك +" في استعادة تدريجية للتوازن في السوق من خلال تقييد المعروض وزيادة وتيرة السحب من المخزونات لامتصاص الفائض الذي يضغط بقوة على السوق وحال دون تعافي الأسعار في الشهور الماضية. بدورها، ذكرت المحللة الصينية إكسوي ساهي مختص شؤون الطاقة، أن تجار النفط في حالة ترقب لتبعات الأعاصير وحجم الخسائر المتسببة فيها خاصة مع تعطل أكثر من نصف نشاط المصافي، مشيرة إلى أن تطورات وضع الأعاصير جذبت انتباه السوق الأمريكية بعدما كانت الأنظار مركز على عودة ارتفاع عدد منصات الحفر الأمريكية وأيضا استمرار المخاوف المتعلقة بجائحة كورونا. وأوضحت أن نزيف الخسائر الاقتصادية مستمرة في ضوء المخاوف من الموجة الثانية للوباء واتجاه عدد من الاقتصادات للعودة إلى الإغلاق للسيطرة على الإصابات الجديدة بالوباء وهو ما يفاقم من الضغوط الهبوطية على الطلب على الرغم من تقديم "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية رؤية إيجابية متفائلة لتوقعات الطلب في الفترة المقبلة، لكن لا تزال حالات الإصابة بفيروس كورونا المتزايدة في أوروبا وآسيا تلقي بثقلها على توقعات السوق بتعاف سريع في الطلب على الطاقة على المدى القصير. وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس، فيما يدرس متعاملون تأثير توقف جزء كبير من الإنتاج على ساحل الولايات المتحدة في خليج المكسيك بسبب الإعصارين المداريين ماركو ولورا مقابل ارتفاع حالات الإصابة بكورونا في آسيا وأوروبا. وبحسب "رويترز"، سجلت عقود برنت عند التسوية 45.86 دولار للبرميل، مرتفعة 73 سنتا أو ما يوازي 1.62 في المائة. بينما صعدت العقود الآجلة للخام الأمريكي 73 سنتا، أو 1.71 في المائة، لتسجل عند التسوية 43.35 دولار للبرميل. وقال ستيفن إينس كبير خبراء الأسواق العالمية في "أكسي كورب": "كان لزيادة عدد الحفارات الأمريكية الأسبوع الماضي وتباين البيانات الخاصة بإصابات كورونا تأثير سلبي محدود في النفط الأسبوع الجاري، يرجع الفضل في ذلك إلى تعطل محتمل جراء إعصارين منفصلين يتجهان لمنطقة الساحل الأمريكي على الخليج“. وخفضت شركات الطاقة الإنتاج في المصافي على ساحل خليج المكسيك في الولايات المتحدة بعد إغلاق 82 في المائة من إنتاج النفط الخام البحري في المنطقة إذ يهدد الهبوب النادر لإعصارين على مناطق رئيسة لإنتاج النفط في الولايات المتحدة بهطول أمطار غزيرة لعدة أيام ورياح قوية هذا الأسبوع. وأوقف منتجون إنتاجا نفطيا يتجاوز 1.5 مليون برميل يوميا على ساحل خليج المكسيك يمثل نحو 14 في المائة من إجمالي الإنتاج الأمريكي. وأظهر استطلاع لـ"رويترز" أمس الأول أن من المرجح أن تكون مخزونات الخام الأمريكية قد انخفضت للأسبوع الخامس على التوالي بينما نزلت مخزونات المنتجات المكررة أيضا الأسبوع الماضي. من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 45.19 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 44.92 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، كما أن السلة كسبت نحو أقل من دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 44.94 دولار للبرميل.
مشاركة :