تراجع متواصل سجلته احتياطيات لبنان من النقد الأجنبي، مع بداية الاحتجاجات الشعبية في البلاد منذ أكتوبر/ تشرين أول الماضي، فيما يشي المستقبل القريب بتصاعد أزمة الهبوط أكثر. وبدأت أسئلة تطفو على سطح الساحة المحلية في البلاد، بشأن قدرة البنك المركزي على دعم السلع الأساسية كالمحروقات والقمح والأدوية بالسعر الرسمي للدولار البالغ 1515 ليرة، وبدعم تمويل استيراد نحو 300 سلعة أساسية بسعر 3900 ليرة للدولار. كانت حكومة حسان دياب استقالت هذا الشهر، وسط غضب شعبي من الانفجار الذي دمر ميناء بيروت في 4 أغسطس/ آب الجاري. ويتوقع محللون أن يزداد الوضع المالي سوءا قبل أن يتحسن؛ حيث فقدت العملة اللبنانية 85 بالمئة من قيمتها، والتضخم عند 90 بالمئة، يضاف لهما موجة ثانية من فيروس كورونا، مع فقدان المزيد من الناس لوظائفهم. ويبلغ سعر صرف الدولار في السوق الموازية قرابة 7400 ليرة، ووصل في فترة سابق من الشهر الماضي 9000 ليرة، بحسب متعاملين في السوق غير الرسمية. وبحسب تقارير صحفية محلية، نقلت عن رياض سلامة، محافظ مصرف لبنان قوله إنه أبلغ الرئيس ميشال عون بوجود احتياطي نقدي كاف فقط، لتمويل دعم المواد الأساسية مثل الخبز والوقود والأدوية لمدة ثلاثة أشهر. ** دعم السلع وتبلغ احتياطيات النقد الأجنيي (لا تشمل الذهب)، نحو 19.6 مليار دولار متاحة، منها 17.5 مليار دولار لتغطية جزء من الودائع من قبل عملاء البنوك؛ و2.1 مليار دولار للدعم الذي يكلف 700 مليون دولار شهريا. يقول الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، إن استقالة الحكومة تجعل من الصعب اتخاذ أية إجراءات، مضيفا: "وبالتالي مصرف لبنان لن يستطيع الاستمرار بالدعم إذ وصل للاحتياط الإلزامي". وذكر عجاقة في حديث مع الأناضول، أن حكومة حسان دياب اتخذت قرارا قبل استقالتها، لكنه لم ينفذ، بتحرير جزئي لليرة، وتثبيت سعر صرفها عند 6000 ليرة للدولار، مقابل 1510 حاليا. وتراجعت موارد النقد الأجنبي للبنان خلال العام الجاري، مدفوعة بتراجع تحويلات العاملين بسبب انهيار أسعار الصرف، وجمود القطاع السياحي لتفشي جائحة كورونا، وضعف ثقة الشارع المحلي بالقطاع المصرفي. ووسط انحباس شديد في موارد التدفقات الخارجية، اعتبر عجاقة أن "المصرف المركزي بات يستنزف من احتياطاته ليواجه الاستحقاقات، في مقابل عدم دخول أموال للاحتياطيات". وزاد: "المركزي يدعم المواد الأساسية منذ أن أعلنت الحكومة وقف دفع سندات اليوروبوند، وتلقائيا توقف دخول العملة الصعبة إلى لبنان". وفي 7 مارس/ آذار الفائت، أعلنت الحكومة اللبنانية، تعليق دفع سندات استحقت في التاسع من ذات الشهر بقيمة 1.2 مليار دولار. وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، في مارس/ آذار المنصرم، إن بلاده باتت على مشارف أن تصبح البلد الأكثر مديونية في العالم، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي البالغ أزيد من 150 بالمئة. ويعتبر الاستيراد، أحد أهم أسباب تراجع احتياطات النقد الأجنبي، إلى جانب ضخ الدولار في السوق لتلبية احتياجات العملاء، ودفع مصاريف الحكومة، وتزويد المصارف التجاريّة بالدولار. وعن الرقم الذي يستنزفه مصرف لبنان شهريا من احتياطي النقد الأجنبي، قال عجاقة: "تقريبا بحدود 600 مليون دولار". ** استنزاف الاحتياطي من جانبه، قال باتريك مارديني رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق، للأناضول، إن المصرف المركزي يعطي الدولار للموردين بسعر مدعم لكي يستطيعوا تأمين السلع، وهذا ما يسمح لهم بأن يبيعوا السلع بسعر أقل للسوق المحلية. وذكر أن استمرار الوضع على ما هو عليه، سيفقد المركزي ما لديه من احتياطي مخصص لدعم السلع، مضيفا: "وقتها سينقل الموردون تكاليف الاستيراد الحقيقية للمستهلك النهائي، عبر توفير الدولار من السوق الموازية". وقال: "الدعم هو كذلك سبب انقطاع السلع من السوق، لأن المواد تهرّب إلى الخارج للاستفادة من أرباحها، كما تنقل أموال المودعين إلى المهربين والسوق السوداء". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :