يقترب افتتاح توسعة قناة السويس وتزداد هوة حفرة كبيرة بين أبناء شعب واحد أراد له الأغبياء أن يكون شعبين! والحاصل أنه فيما كان القوم منهمكين في حفر القناة كان آخرون يحفرون قنوات وقنوات للكراهية والبغضاء! وكان ما كان وانتهى الحفر بعمق كبير أو صغير لكن عمق الهوة بين أفراد الشعب الواحد استفحل و ازداد عمقاً! هنا انبرى خبراء التقزيم لمواجهة خبراء التعظيم .. تقزيم وتعظيم الحدث! وفيما كان الفريق الأول يغالي في تواضع الحدث واصفاً إياه بأنه حلقة في سلسلة الانجازات الوهمية، كان الفريق الآخر يؤكد أنه أهم يوم في تاريخ مصر باعتباره إمتداداً لسلسلة الإنجازات العالمية! المؤسف أن الفريقين كانا من خبراء الهندسة والمياه بالفعل وليس من خبراء القنوات الفضائية المتخصصة في الحفر وإهالة التراب على نسيج الشعب! وصلنا لساعة الصفر أو كدنا نصل ..وبدلاً من أن يسمع الحافرون كلمة واحدة ..تسربت كلمتان ..إحداهما تعظم والأخرى تهمش..وفي منتصف المسافة كان هناك وما يزال من يشجعون الطرفين انطلاقاً من المبدأ السقيم التافه الرخيص: إنتو شعب وإحنا شعب! وفي ذلك انبرى شاعر الشعب الذي كان واحداً ،يقول بصفاقة وعنجهية وفي قصيدة مكتوبة ومنشورة ومسموعة: انتو دين أبوكو إيه! لقد كان ينبغي أثناء حفر قناة السويس الجديدة كما يقول أنصار الفريق الأول والتفريعة أو الترعة كما يقول أنصار الفريق الثاني أن ينتبه الجميع للقنوات الأخرى التي راحت تعمق الحفر أو الجرح وليس لردم الهوة بين أفراد الشعبين اللذين تم تشكيلهما بمسمع ومرأى من مفكري وعلماء مصر، ورحم الله جمال حمدان صاحب عبقرية مصر الذي وصف القناة - قناة السويس- بأنها نبض مصر! لقد كانت كلمة «السويس» هي المرادف الدقيق لمعاني الفداء ولتلبية النداء..وفي ضوء ذلك يصبح من الغباء تجاهل توسيع الهوة بين أفراد شعب واحد شارك في كل حروب وانتفاضات السويس وحفر أجداده قناتها. فلما جاءت الفرصة الثانية للم الشمل ونبذ الفرقة كانت قنوات الردم أقسى وأفظع! عمق القناة الجديدة كما يقال أو يشاع 8 أمتار وعمق قنوات الكراهية كما هو ثابت ومؤكد مئات الأمتار! ما الذي يجعل سلوكنا الآن يتجه وفق المعادلة المريرة: الاختلاف يساوي العداء! والاتفاق يساوي الصداقة!؟ شيئا فشيئاً ومع تشجيع هذا الانحراف في الفكر، انحرفت المعادلة فأصبحت كالتالي: الاختلاف يساوي الخيانة والاتفاق يساوي الوطنية.. ليس فقط حول قناة السويس وإنما حول كل شئ..فطائرة رافال التي ستحرس القناة عملاقة عند فريق من الخبراء ومصابة بالشيخوخة عند الفريق الآخر! إن قلت ذلك أو حذرت منه، سألك المترصدون: وما موقفك أنت؟ إنهم يسألونك ليس للاستنارة أو الاستضاءة وليس كذلك للنقد..وإنما للاتهام الجاهز..إما بالعمالة والرقص والتهليل للنظام وإما بالخيانة لمصر!! هكذا أصبح لزاماً عليك لكي تحب مصر في ضفة قناة الوطن الأولى أن تقول كذا وكذا..أما اذا كنت تحبها في الضفة الأخرى فينبغي أن تقول كذا وكذا وكأن حب الوطن وجهة نظر! sherif.kandil@al-madina.com
مشاركة :