«المرأة البحرينية والتعليم» يستعرض ابتعاث المرأة للدراسة بالخارج

  • 8/28/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يستعرض الفصل الرابع من كتاب «المرأة البحرينية والتعليم.. إشراقات مبكرة وريادة وطنية»، الذي أصدره المجلس الأعلى للمرأة مؤخرًا، تطور عملية ابتعاث المرأة للدراسة الجامعية والدراسات العليا في الخارج، ونشأة الجامعات الوطنية الخاصة.اهتمت الدولة بالتعليم الذي وُضع في مقدمة الاهتمامات الوطنية، ما جعلها تبادر إلى التوسع في ابتعاث المرأة البحرينية للدراسة في مصر ولبنان والأردن وسوريا والعراق والمملكة المتحدة، وقد أظهر أحد استطلاعات الرأي الذي نُفذ في الفترة (1940-1965) أن (65%) من الفتيات مقابل (29%) من الفتيان يرغبن في التعليم الجامعي، بما يتيح لهن ممارسة مهن الطب والصيدلة والمحاماة وغيرها، وهو ما جاء مفسرًا لسبب ابتعاث كثير من الأسر البحرينية لبناتهن إلى الخارج لمواصلة تعليمهن الجامعي.كما اسهمت تلك التوجهات في تأسيس جامعة البحرين جنبًا إلى جنب مع جامعة الخليج العربية، كمكمل لدور معهد المعلمات والكلية الجامعية للعلوم والآداب والتربية، وكلية الخليج للتكنولوجيا، وهو ما وفر الأرضية الصلبة لحصول المرأة على درجات جامعية (البكالوريوس - الليسانس) وفوق الجامعية من دبلوم وماجستير ودكتوراه، ليتزايد العدد من سنة إلى أخرى.أدركت البحرين أهمية الابتعاث إلى الخارج باعتباره استثمارًا في العقول الوطنية، وفي الوقت نفسه إحدى الوسائل المهمة لتطوير التعليم والارتقاء به، وانطلاقًا من هذا الإدراك بدأت حركة الابتعاث للخارج بعد تسع سنوات فقط من بداية التعليم النظامي في البحرين؛ أي في عام (1928)، واتجهت في هذا العام أول بعثة، والتي كانت من البنين، إلى الجامعة الأمريكية في بيروت، وضمت عشرة طلاب التحقوا بتخصصات مختلفة بالقسم الإعدادي بالجامعة، وفيما يتعلق بابتعاث المرأة فقد كانت المرأة البحرينية سباقة كعادتها مقارنة بنظيراتها في دول الخليج، إذ شهد العام (1937-1938) ابتعاث أول فتاة بحرينية للدراسة في الخارج، وهي «لولوة محمد الزياني» إلى الكلية البريطانية السورية لتدريب المعلمات في بيروت، كما أرسلت طالبتان أخريتان للدراسة في الكلية ذاتها العام التالي، وهما «شريفة محمد الزياني»، شقيقة لولوة، و«زعفرانة سعيد»، وقد جاء إرسال الفتيات الثلاث لإعدادهن للعمل بالتدريس.وفي العام (1939) ابتعثت الحكومة البحرينية إلى الكلية نفسها إحدى المديرات البحرينيات ومعها مدرّسة من المدارس الابتدائية في دورة تدريبية للتدريب على أصول التدريس الابتدائي، وكان هناك في الوقت ذاته خمس فتيات يتلقين تعليمًا تخصصيًا فيها ليعملن مدرّسات.واستمرت حكومة مملكة البحرين في إرسال عدد من مدرّسات المرحلة الابتدائية ممن سمحت ظروفهن بالسفر إلى هذه الدورات، وإن كان عدد المبتعثات ظل قليلاً حتى أوائل الخمسينات. وفي العام الدراسي (1949-1950) حصلت طالبة واحدة أكملت صفها السادس في مدرسة المنامة على منحة دراسية في مدرسة إنجليزية ببعلبك بلبنان لإكمال الصف السابع، وبعد افتتاح قسم الدراسات التكميلية المسائية ابتعثت الحكومة خريجات هذا القسم إلى خارج البلاد للاستزادة من الدراسات التربوية.وفي تطور نوعي، ابتعثت الحكومة عام (1955) واحدة من المبتعثات إلى كلية المعلمات في بيروت إلى بريطانيا للتدريب على أعمال التمريض في مستشفى همرسميث. ومع تخرج أول دفعة من التعليم الثانوي للبنات، كانت أول بعثة للتعليم العالي في الخارج عام (1956)، وتم ابتعاث ثلاث طالبات من خريجات الدفعة الأولى من المرحلة الثانوية إلى كلية بيروت للبنات، هن «منيرة أحمد فخرو» و«مي إبراهيم العريض» و«صفية محمد دويغر»، وتمكنت الطالبات الثلاث بالإضافة إلى رابعة هي «أمل إبراهيم الزياني» من مواصلة دراساتهن العليا حتى وصلن إلى درجة الدكتوراه. وقد عملت «أمل الزياني» في السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية، وتدرجت «صفية دويغر» في مناصب إدارية عدة بوزارة التربية والتعليم، وعملت كل من «منيرة فخرو» «ومي العريض» في مجال التعليم الجامعي.وفي الحقبة نفسها التحق عدد قليل من الطالبات البحرينيات بالجامعات المصرية، منهن «بهية الجشي» و«حصة الخميري» و«بدرية وشهلا خلفان» و«ليلى فخرو»، وشكل ذلك لهن نقلة حضارية، فقد كانت القاهرة مركز إشعاع، وكانت الجامعات المصرية حاضنة للطلاب العرب من مختلف الدول، ما أثر على فكر الطالبات البحرينيات لجهة صقل شخصيتهن وتعرفهن أساليب جديدة في العمل الاجتماعي والنسائي، ما ساعدهن في إحداث تغيير إيجابي في وضع المرأة البحرينية لدى عودتهن.ومع توحيد التعليم في مدارس البنين والبنات في الستينات، تعددت مجالات الابتعاث إلى الخارج، وظهر ذلك جليًا في السبعينات والثمانينات، إذ تزايد عدد الطالبات المبتعثات إلى الخارج، فالبيانات تشير إلى أن عدد الطالبات البحرينيات المبتعثات وصل إلى (1025) عام (1981)، و(1024) عام (1982)، وانخفض بعد ذلك بشكل تدريجي، ونلاحظ أن عدد الطالبات المبتعثات في الدول العربية كان يزيد على عدد الطلاب الذكور، بينما العكس كان يتم عند الابتعاث إلى الدول غير العربية. كما يلاحظ الانخفاض التدريجي في عدد المسجلين للابتعاث في الخارج منذ العام (1981)، ويمكن إرجاع ذلك إلى إنشاء العديد من المدارس والكليات في البحرين، خاصة جامعة البحرين وتوسع التعليم الجامعي، كما أن اهتمام المرأة بالتعليم العالي لم يجعلها تقتصر على انتظار الابتعاث من جانب الحكومة، فقد كان كثير من البنات يلجأن إلى التعلم في الخارج على نفقتهن الخاصة.

مشاركة :