لا توجـد «روشتـة» جاهزة لكتابــة الروايــة

  • 8/28/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: عثمان حسن اختتمت مساء أمس الأول على منصة اتحاد كتاب الإمارات، فعاليات المختبر الأدبي (فن كتابة الرواية) التي نظمها الاتحاد في الفترة ما بين 9 و26 أغسطس/آب الحالي، بكلمة للمحاضر الرئيسي في الورشة الروائي ناصر عراق، أوجز فيها أبرز ما تضمنته الورشة من عناصر أساسية، وذلك بحضور مشرف الورشة الدكتور محمد بن جرش، الأمين العام للاتحاد.وذكّر ناصر عراق بما سبق وتضمنته الورشة، فتحدث عن عناصر الرواية وقال: «لا توجد وصفة محددة لكتابة الرواية، فكل روائي له خبرته الشخصية في الكتابة، وتحدث عن شخصيات الرواية، وكيفية بناء شخصية رئيسية، ووظيفة هذه الشخصية أو مهنة صاحبها وعمره وملامحه والبيئة الطبقية أو الاجتماعية له، وانعكاسها على سلوكه الشخصي والاجتماعي»، كما ذكر عراق بمكان الرواية سواء الواقعي (قرية أو مدينة) أو المتخيل والمناخ الذي تدور فيه أحداثها، وأيضاً زمن الرواية سواء الصيف أو الشتاء أو الربيع. على مستوى المكان المتخيل ضرب مثلاً برواية الحرافيش لنجيب محفوظ، فكل الأحداث تدور في حارة، من دون أن يذكر محفوظ اسم الحارة أو المدينة أو الدولة، أو زمان مجريات أحداث الرواية، وقال: «لم يقل محفوظ أي معلومة واقعية أو حقيقية عن المكان والزمان، ومع ذلك حين تقرأ الرواية تدرك أنها تدور في حي من أحياء القاهرة القديمة». وذكر عراق رواية ماركيز «قصة موت معلن» التي تدور في زمن قدره ليلة واحدة، حيث لم يذكر ماركيز أيضاً اسم القرية أو المدينة أو الدولة التي حدثت فيها جريمة القتل، ولكن حين نعود بالزمن إلى الوراء نشعر بأن أحداثها جرت في الكاريبي في أمريكا اللاتينية.. المهم أن تصنع رواية ممتعة ومثيرة، وأن تكون محكومة بتسلسل منطقي ومعقول. زمان الأحداث الزمان، وكيفية التحكم في زمن الرواية، هو أمر مهم كما أكد عراق، فهناك الراوي الذاتي والراوي العليم، فحرافيش محفوظ، والحب في زمن الكوليرا لماركيز، وموسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح، هي أنواع لاستخدامات الراوي العليم.المهم أن تتوافق «حدوتة» الرواية مع بناء الأحداث والشخصيات، وهذا يعني أن من يود أن يكون كاتباً روائياً، عليه أن يكون قارئاً نهماً، واعياً لزمن الرواية، وأن يكون بارعاً في بنائها، مسيطراً على ما يجري فيها من أحداث وحوارات وتفاصيل.وأكد عراق أنه لا فصل بين الشكل والمضمون في الرواية، وحجم الحوار يجب أن يكون متناسباً مع حجم القص أو السرد، والتوازن بينهما، وأن يكون بلغة عربية بسيطة ورشيقة، وأن يكون الراوي ملماً باستخدامات بعض الحروف ودلالاتها، وهذا يعني بحسب عراق أن اللهجات العامية ليست مناسبة للرواية، خاصة أنها موجهة لجمهور عربي عريض، وذكر بضرورة تطوير المهارات اللغوية والنحوية عند الروائي، فصوابية اللغة يزيدها بهاء وجمالاً وجاذبية.وقال عراق: «علينا أن نتعامل مع لغتنا العربية بما يليق مع تاريخها وعراقتها وقدسيتها، وطاقتها المخبوءة، وكيف نفجر هذه الطاقة في سرد روائي ماتع، وعلى الروائي أن يحسن بناء حبكة روائية جذابة ومقنعة، وكيف نبدأ الرواية بشكل جاذب، ما يطلق عليه «عتبات النص» وعلينا أن لا نسرف في الوصف في الصفحات الأولى للرواية، فهذا يشتت القارئ». وتابع: «هناك ضرورة للحفاظ على شغف القارئ من خلال بناء مقدمات أو عتبات، أو خواتيم الرواية من حيث النهايات المفتوحة أو الدائرية أو المكتملة، وكيف نصنع أحداثاً مركبة، وكيف ننجح أو نبرع في تفكيكها». واقعية وبناء على سؤال من د. محمد بن جرش، تحدث عراق عن المكان، وهل ينبغي أن يكون واقعياً؟، حيث استشهد برواية «مائة عام من العزلة» وقرية «ماكوندو» المتخيلة التي صنعها ماركيز من العدم، لدرجة أن أهل ماركيز الحقيقيين، قرروا تغيير اسم قريتهم إلى «ماكوندو» في احتفال مهيب، فالمكان بحسب عراق يستطيع أن يصممه أو يصنعه الكاتب كما يحلو له، واقعياً أم متخيلاً، شرط أن يكون متوافقاً مع أحداث الرواية، والشخصيات التي تقيم في هذا المكان وتتفاعل أو تنفعل معه.وهذا يتفق مع «ثرثرة فوق النيل» لمحفوظ، حيث المكان هو عوامة، على النيل، يلتقي أبطالها كل مساء في العوامة، كما يتفق مع «ليون الإفريقي» لأمين معلوف الذي يطوف في أمكنة متعددة. وذكر عراق بروايات عالمية ونصح الكتاب بقراءتها خاصة تلك التي ترجمها صالح علماني.وفي ختام الورشة طرحت العديد من الأسئلة النقاشية حول مفهوم الرواية الشعرية وأيضاً التاريخية، والرواية في الإمارات، حيث أكد عراق أن الروائي الناجح يجب أن يكون صاحب وجهة نظر في تاريخ بلاده وهويتها، كما أن الروائي ليس مؤرخاً، غير أن من حقه أن يتبنى وجهة نظر مغايرة بخصوص الأحداث والوقائع والشخصيات التاريخية.وبخصوص الرواية الإماراتية، أوضح عراق أنها تتطور بسرعة منذ رواية «شاهندة» لعبدالله راشد في 1971، مروراً بالرواية الجديدة ورموزها كعلي أبو الريش، وسارة الجروان، وسلطان العميمي، وغيرهم. تمكين قال الدكتور محمد حمدان بن جرش: «مختبر الإبداع الأدبي جاء تجسيداً لخطة وضعها اتحاد الكتاب لدعم الأدباء الشباب، بدءاً من التكوين وانتهاء بالتمكين. وتشمل الخطة رؤية تطال جميع الأجناس الأدبية، في ورشة فن كتابة الرواية تمكن الكتاب من معرفة: لماذا نكتب الرواية؟، وكيف ترسم شخصيات الرواية؟، وأثر الزمن في الرواية؟، وصناعة الدهاء الروائي، واللغة الروائية والحوار في الرواية».وأشار إلى أن مختبر الإبداع وجد تفاعلاً واضحاً من قبل الأدباء الشباب، وعكس تفاعلاً إيجابياً مع المحاضر، مما يؤكد أهمية الحوار النقدي والإبداعي بين الكتاب والأدباء أصحاب الخبرة والتجربة وكذلك النقاد، وبين المبدعين الشباب الذين يتطلعون إلى مواقع مهمة ومنيرة في عالم الإبداع.

مشاركة :