شيماء المرزوقي مع التطور البشري وثورة المعلومات واكتشاف «الجينيوم» المكون للإنسان، اتضح للناس في مختلف أرجاء الكرة الأرضية أنهم واحد، بمعنى أن نظرية الأعراق وتعدد أنواع الجنس البشري ثبت علمياً فشلها أو تحطمها وسقوطها، اتضح أن الإنسان هو الإنسان، ما يضمه جسده من مكونات داخلية وخارجية واحدة. البعض في هذا العصر ما زال يؤمن بتفوق عرق على ما عداه من الأعراق، والبعض الآخر يعتقد بأن الوراثة تلعب دوراً حيوياً في مجالات مثل الذكاء والقوة الجسدية أو الإبداع وغيرها من المجالات التي يتميز فيها إنسان على الآخرين، لكن لا أحد يتحدث عن الظروف التي تحيط بالإنسان وتجعله فعلاً متميزاً ومتفوقاً. أستحضر مثلاً يتم ترديده يدعم هذه النظرية جاء فيه: «ابن البط عوام»، أو «ابن الوز عوام»، والقصد أن الفرخ الصغير أخذ خصلة وقدرات العوم على الماء من والديه على الرغم من أنه لتوه يخرج من البيضة، وبطبيعة الحال هذا المثل يعزز جانب الوراثة وأن الأب والأم يمكن لهما توريث أطفالهما جوانب مهمة من القدرات التي يتمتعون بها. الحقيقة أن هذا الجانب لا خلاف فيه، فعلم الوراثة متواجد وماثل، لكن ليس على الإطلاق، لأن المهارات والمواهب والقدرات الذاتية لها سياق مختلف، بمعنى قد تجد أباً أو أماً متفوقين في مجال ما، لكن ابنهما يفتقد هذه الخصلة، على الرغم من الحرص على تعليمه، وفي أحيان نجد أباً أو أماً على درجة عادية، لكن ابنهما متفوق ومتميز وذكي، فأين الوراثة؟ أحد الرياضيين الذي اشتهر بمهاراته وقدراته، بعد اعتزاله دخل ابنه لممارسة نفس الرياضة، وكان الابن أكثر مهارة من الأب، فهل هي الوراثة، أم التدريب والتأثر؟ الابن يرى منذ نعومة أظفاره أباه وهو يمارس هذه اللعبة، فتأثر وأيضاً الأب أسهم في نقل خبراته ومعارفه وقدراته وما مر به إلى ابنه الذي تمكن بالتدريب المتواصل والعزيمة من التميز والمهارة المطلوبة، لكن الأب لم يورث ابنه مهارة هذه الرياضة؛ بل دربه وعلمه، وهذا فرق. الذي أشير إليه أن الكثير من المهارات والكثير من الجوانب الحياتية التي تميزنا هي نتيجة لعملنا ونتيجة تدربنا ومعرفتنا، وليست بسبب الوراثة أو تميز الأب أو الأم أو بسبب انتقال خاصية الذكاء منهما إلى الابن، فالذكاء دون معرفة ودون تعليم وإصرار وصبر على التحديات لن تكون له قيمة، لن ينمو العقل ولن يستطيع الاستنتاج ولا المعرفة ولا التحليل إن لم يملك المعرفة والمعلومات. Shaima.author@hotmail.com www.shaimaalmarzooqi.com
مشاركة :