الإعلام الخليجي استفاد من الوباء بتوطيد الثقة مع الجمهور | | صحيفة العرب

  • 8/28/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يؤكد خبراء إعلام واتصال خليجيون أن الإعلام قد يكون الصديق والعدو في آن واحد خلال الأزمات؛ إذ تفاقم المعلومات المغلوطة من حدة الأزمة خصوصا تلك التي برزت على مواقع التواصل، بينما نجح الإعلام التقليدي في استعادة ثقة الجمهور، عبر المحتوى الموثوق ورسائل التوعية. الرياض - حلل الدكتور عبيد الشقصي، الرئيس التنفيذي لمركز التدريب الإعلامي بسلطنة عمان، وضع الإعلام ما قبل أزمة كورونا وما بعدها؛ لافتًا إلى أن الأزمة أحدثت تحولًا جوهريًّا في طريقة الوصول للجمهور، وبيّنت الفرق بين الإعلام التقليدي ووسائله، والإعلام الحديث. وقال الشقصي خلال ندوة بعنوان “الإعلام ما بين توالي الأزمات وتحديات المستقبل.. (فايروس كورونا أنموذجًا)”، إن “الجهات الرسمية أدركت هذا التحول فزادت الاهتمام بحساباتها عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ حيث الأثر الكبير الذي يمكن أن يُحدثه الإعلام الرقمي المباشر في تواصله مع الجماهير”. واستطرد أنه “لا يمكن الاعتماد على المنصات الاجتماعية وحدها، وإن كانت السرعة وقياس الرأي عاملين مهمين في صناعة القرار وتوجيهه للمتلقي؛ لذلك ستجتهد الجهات الرسمية لتطوير وتفعيل حضورها عبر تلك المنصات”. ودعا الجهات الرسمية لتأهيل كوادرها ووضع الاستراتيجيات الإعلامية الأفضل لإدارة الأزمات إعلاميًّا؛ لأن الدراسات الحديثة تشير إلى ضعف كبير لدى كثير من الدول والمؤسسات في جانب التعامل الإعلامي مع الأزمات الطارئة. وهدفت الندوة العلمية الإعلامية إلى الوقوف على التحديات التي تواجه الإعلام والمؤسسات الإعلامية في التعامل مع الأزمات، وما أحدثته من تغييرات على الأساليب والوسائل والتقنيات المستخدمة من خلال تلاقي وتفاعل الباحثين والمختصين والمهتمين بالشأن الإعلامي عمومًا، وإعلام الأزمات خصوصًا في هذه المرحلة؛ للتعريف به وتبيين أسسه واستراتيجياته. واعتبر الشقصي أن “الإعلام ربما يكون الصديق والعدو في آن واحد؛ فمن خلال المعلومات المغلوطة قد يخلق الإعلام الأزمة؛ أكثر من مجرد تأجيجها، خصوصًا مع أزمة مثل كورونا؛ لما يكتنفها من غموض، ولأنها مفاجئة وسريعة، بينما يؤدي الإعلام رسالته بعناية ويسهم في حل الأزمات بإيصاله للمعلومات السليمة، وأن ينقلها عن مصادرها الموثوقة، مثل الجهات الصحية”. الأزمات ليست مجالا لمؤثري مواقع التواصل الباحثين عن الشهرة؛ لأن ترويج المعلومات غير الدقيقة يزيد من حدتها وتحدّث عن موجة إعلام منصات التواصل، الذي تأثر بحضور الدخلاء على مهنة الإعلام وقال “إن الأزمات ليست مجالًا للباحثين عن الشهرة؛ لأن ترويج المعلومات غير الدقيقة من المؤثرين، يصنع الأزمات ويزيد من حدتها، وعلى هؤلاء الالتزام بالمصداقية وتحري الدقة؛ ولهذا يجب على الإعلام التقليدي الرصين أن يواكب التطور التقني؛ لأن التأخر عن مواكبة مستجدات وسائل الإعلام وتطورها يُفقدها ما يجب أن تكون عليه من زيادة الانتشار وقوة التأثير”. وناقشت الندوة التي نظمها جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج، مساء الأربعاء، أربعة محاور رئيسية حول مفهوم الأزمات والعلاقة بين الإعلام والأزمات، ثم التعاطي الإعلامي مع جائحة كورونا، والرؤى المستقبلية في إدارة الأزمات إعلاميًّا، والدور الإعلامي للجهات الصحية الرسمية في دول مجلس التعاون الخليجي. وأكد الدكتور محمد الحيزان، خبير الإعلام والاتصال السعودي، أن الرابط الإعلامي لأزمةٍ، مثل جائحة كورونا، هو ما تحدثه من أثر على الأرواح، وعلى الرأي العام وعلى السمعة، وهي تصب أثرها بشكل مباشر على الرأي العام وتهدد مصالح الدول والمؤسسات. وأضاف أن قطاع الإعلام استفاد من هذه الأزمة بالتأكيد على ثقة ومتانة الإعلام التقليدي. وتطرق الحيزان إلى الصراع الإعلامي القائم بين منصات التواصل الاجتماعي والمؤثرين من جهة، والجهات الإعلامية الرسمية من جهة أخرى، ورأى أن “الجهد الاتصالي الجماعي الذي أحدثته وسائل الاتصال الحديثة وإمكانياتها؛ لا يتيح للجميع تصدّر المشهد، ولا ينفي أن المرحلة بكثافة تقنيات الاتصال ومنصاته، صَنَعت أسماء وأوجدت نوافذ لنقل المعلومات والأخبار؛ ولكن يبقى هؤلاء (اتصاليين) لا نصادر جهودهم ولا نتبناها؛ إلا أن التنافسية المتسارعة ستنتج أشكالًا وقوالب إعلامية مختلفة عن السائد، ويبقى الأهم هو التزام بالقيم الإعلامية والأمانة والصدق والاعتماد على المصادر الموثوقة”. وشدد على أهمية الحرص على شفافية المعلومات وسرعة تزويد الجماهير بها، مؤكدا ضرورة الاستفادة من هذه الأزمات لتصبح الجهات المعنية على استعداد دائم للتعامل مع الرأي العام ومنع تداول الشائعات المؤججة التي تفاقم الأزمات؛ ولفت إلى أن أقل ما يمكن أن توضحه مع كل طارئ يحدث؛ أنها على علم بالأزمة وتطمئن الجمهور. ويواصل جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج أعماله ومبادراته عن بُعد، مكثفًا جهوده منذ بداية جائحة كورونا لاستحداث مبادرات وفعاليات تُسهم في مواجهة الآثار التي فرضتها الأزمة. من خلال تبادل المعارف الأكاديمية والخبرات المهنية حول أشكال التغطيات لأزمة الفايروس في دول الخليج، وأكثرها نجاحًا. وتحدث الدكتور أحمد عجينة، مستشار التسويق والعلاقات العامة بمجلس الصحة لدول الخليج، عن كيفية التعاطي الإعلامي الخليجي مع أزمة كورونا وأوضح أن “الإعلام الصحي بمفهومه الصحيح تجاوز مرحلة السباق ومجرد النشر والوصول للجمهور، ويبقى التحدي الأكبر في الرسالة الإعلامية الوقائية والسلوكية التي من شأنها أن تغير المفاهيم نحو إيجابية الحياة الصحية والوعي المجتمعي الصحي”. وأضاف أن الهدف الإعلامي اليوم يركز على تكرار وتكثيف الرسائل الإعلامية الأسمى في التوعية والتثقيف الصحي، وقد أثبتت أزمة كورونا قوة ومتانة القطاع الصحي الخليجي، لأن تحولات الأزمات الصحية تتطلب الإنذار والاستعداد والوقاية. تفاعل الإعلام زمن الأزمات تفاعل الإعلام زمن الأزمات وأشار إلى أنه “بينما تبين ضعف الاستراتيجيات لدى بعض الجهات، أدت وزارات الصحة الخليجية دورها باقتدار، ولا نزال نطالب بتمكين الجهات الإعلامية الصحية في ظل التهديدات المتوقعة لموجة ثانية للجائحة؛ فالاستعداد الإعلامي يتيح للمسؤول عن صنع القرار سرعة إيجاد الحلول متى ما كانت الرسائل الإعلامية تصل للجميع من الأفراد إلى القطاعات ذات العلاقة أيًّا كانت”. وتابع “إن أزمة كورونا وضعت الإعلام الصحي على المحك، ولفتت الأنظار إليه بعد أن كان لا يُنظر إلى أهميته كوسيلة توعية عالية الحساسية لأهمية المعلومات التي يبثها، وضرورة أن تكون دقيقة وناجحة في أثرها الذي تتركه على المتلقي، مع ضرورة استغلال إمكانات وسائل التواصل الاجتماعي وتأهيل الكوادر الإعلامية الصحية للتعامل معها”. ونوه إلى أن “مشاهير المنصات الاجتماعية هم أدوات للوصول والتأثير، ويجب ألا تترك الجهات الإعلامية الرسمية المجال لبعض الفئات لتتسلق على الأزمات وتستغلها لزيادة الشهرة عبر تداول المعلومات الحساسة التي تهم حياة الناس”. وعقد جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج عدة اجتماعات خلال الفترة الماضية عبر تقنية الاتصال المرئي، ومنها اجتماعان لمسؤولي الإذاعات والتلفزيونات الخليجية من خلال اللجنتين الدائمتين لمسؤولي إذاعات وتلفزيونات دول مجلس التعاون، واجتماع اللجنة الدائمة للتوثيق الإعلامي، والاجتماع الثالث لمسؤولي التدريب بالدول الأعضاء. وخرجت الاجتماعات بتوصيات أبرزها تكليف الجهاز بمتابعة تشكيل فريق عمل من المعنيين بالدول الأعضاء والأمانة العامة لمجلس التعاون والجهات المختصة؛ لإعداد تصور شامل لخطة إعلامية موحدة لدول مجلس التعاون؛ لمواجهة الأزمات إعلاميًّا، وإنشاء منصة رقمية ضمن البوابة الإلكترونية لجهاز إذاعة وتلفزيون الخليج؛ لعرض المواد الإعلامية المتعلقة بأزمة كورونا، والتي أنتجتها الدول الأعضاء والمنظمات الخليجية المتخصصة. كما نظّم دورات تدريبية استهدفت قطاعي الإذاعة والتلفزيون في جانب إدارة الأزمات إعلاميًّا، بالإضافة إلى دورة بعنوان “إدارة منصات التواصل الاجتماعي”؛ لما لمواقع التواصل من تأثير وارتباط بإعلام أزمة كوفيد – 19، واستهدفت الدورات المقامة عن بُعد قرابة 70 متدربًا ومتدربة من مختلف الهيئات الأعضاء ومنظمات العمل الخليجي المشترك، والأمانة العامة لمجلس التعاون وجهاز إذاعة وتلفزيون الخليج.

مشاركة :