خرج شاعر شباب عكاظ حسن محمد طواشي، الذي ولد في محافظة بيش عام 1407 إلى الحياة لأب وأم لا يجيدان القراءة والكتابة، فمهنة والده بالزراعة وتربية المواشي أثرت كثيراً في خريطته الشعرية كما يصف، فكانت الأرض تعني له الولاء ورحلة الروح الأبدية، ورسمت أناقة الزهور المنتشرة في ريف محافظته فتنة الجمال وحولها من متعة بصرية إلى صورة شعرية يغلفها بالندى، فهو الذي رأى في سوق عكاظ لحناً ناغم روحه، لذا قال: «اللحن العكاظي لا يستحق سوى حمل الذائقة إلى أعلى سماوات التألق». اختار الشاعر طواشي في بداية حديثه لـ«الحياة» وصف مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية لسوق «عكاظ» الأمير خالد الفيصل بمهندس هذه السوق التاريخية ومصمم مستقبلها المشرق، قائلاً: «شكراً لأنه أعاد السوق من جديد، ورسمها للأجيال المقبلة على عتبات العمر للأجيال للمبدعين للشعراء للرسامين للمصورين.. شكراً للجان العاملة بهذه السوق التي أصبحت هوية وطنية وبصمة للإبداع السعودي العربي». واستطرد بالقول: «شكراً سوق عكاظ، لأنها منحتني شرف الوقوف على صخرة المعلقات، كي ألامس أرواح أجدادي العظماء، فبمجرد أن يضاف اسم شاعر إلى جانب شعراء المعلقات فهذا شرف عظيم، وأرى أنني بدأت في رحلتي مع الشعر من أعلى وأسأل الله ألا ينزلني من هذا الأفق. كما أنني الآن أعكف على وضع النقاط الأخيرة لديواني الأول، الذي بإذن الله سيرى النور في غرة السنة الهجرية الجديدة». يقول طواشي عن المشاركة في مسابقة شاعر شباب «عكاظ»: «بدأت فكرة المشاركة تتشكل في وجداني منذُ ثلاث سنوات، وكلما هممت بكتابة نص يأخذني التسويف بعيداً عنها، وفي ذي القعدة من عام 1435هـ بدأت في كتابة مطلع القصيدة، وتحديداً الثلاثة الأبيات الأولى منها، ومن ثم عدت إلى إكمالها في جمادى الأولى». وأضاف: «كانت علاقة فكري بآخر همزة وصل في يوم الثلثاء 22 شعبان الماضي، أي قبل انتهاء المهلة بستة أيام فقط، وفوراً أرسلت مشاركتي عبر البريد الممتاز على وجه السرعة، وكان الأمل يبتسم لي فدعوات أمي كانت تحيط بي»، مشيراً إلى أنه لم يكن يخشى أحداً لأننا في مجال تنافس شريف ولم أكن أعرف من شارك ومن لم يشارك أصلاً، قائلاً: «لكنني كنت واثقاً ومعتمداً على قصيدتي، إذ كنت على ثقة عمياء بها». وعن لحظة زفاف خبر فوزه بمسابقة شاعر شباب عكاظ، قال: «في تلك اللحظة كنت لتو خارجاً من بيت الله الحرام وكلي ترقب وخوف، وجاءتني رسالة من صديقي الشاعر مفرح الشقيقي تعلن فوزي في المسابقة، فترددت الفرحة في داخلي إلى أن اتصل بي أمين سوق عكاظ الدكتور جريدي المنصوري وزف إلي الخبر، كنت وقتها أشعر أن الأرض تسير بي ولست من يسير عليها، ففتحت نافذة سيارتي وصحت الحمد لك يا رب أن توجتني بلقب أجدادي العظماء». «أمير الشعراء» الوجهة المقبلة وعن قبلته المقبلة بعد فوزه بهذا اللقب، يقول طواشي سيكون نور «عكاظ» فاتحة خير لي للمشاركة في النسخة المقبلة من مسابقة «أمير الشعراء»، لأمثل وطني خير تمثيل. وكشف شاعر شباب عكاظ حسن طواشي أنه بدأ رحلة الشعر في مرحلة مبكرة عند سن العاشرة، «إذ توجت علاقة أبي مع الحيوان تجربتي بالرقة، فكنت أنتقي من المفردات ما رق ولو كنت أكتب عن قضية الإنسان، وكنت حينها أستخدم ألحان الأناشيد وأرتب عليها بعض الكلمات». واسترجع الماضي بالقول: «منّ الله علي بنخبة من شعراء المنطقة كان لهم الفضل الكبير في إنضاج موهبتي، وهم البروفسور الشعري الشاعر الكبير ضيف الله عداوي والشاعر الفخر معبر النهاري وأهزوجة الحياة الشاعر إبراهيم حلوش وبردوني المملكة الشاعر علي هتان، والشاعر الباسق المختلف حسن الصلهبي»، واصفاً هؤلاء بأنهم من استخرج الشاعر حسن طواشي من داخله. واستحضر ماضيه مع الشعر قائلاً: «أول قصيدة كتبتها كانت عن فلسطين وكانت بعنوان القبلة الأولى، فأنا أؤمن تماماً أن القضايا اليعربية هي البوصلة الحقيقة للشعر العربي»، مستدركاً: «لدي مجموعة شعرية لم تكتمل بعد بعنوان مشاهد من ثورة الكرامة أتمنى أن تنشر في قادم الأيام، إذ بدأت في كتابة الشعر متأثراً جداً بالشاعر الراحل نزار القباني، وأيضاً الشاعر الراحل الأمير عبدالله الفيصل». وعن عقبات رحلة الحرف التي واجهها، يقول: «مع أن المملكة العربية السعودية تعد من الدول النامية ثقافياً وحضارياً، إلا إن أولى العقبات التي كانت تهدد طموحي هي مكتباتنا المغلقة على لون شعري واحد، وقلت لنفسي ربما إن مدينتي جازان لا تعد من المدن الكبرى وأن مكتباتها تعتمد بالشكل الأساسي على الأدوات المدرسية، فعاهدت نفسي على الصبر إلى أن أصل للسن القانوني الذي يكفل لي حرية التنقل بين المدن، وفعلاً استخرجت بطاقة الأحوال وحملت معي القائمة التي أعدها لي أستاذي وتوجهت إلى جدة». وتابع: «كانت المفاجأة لدى وصولي إلى جدة أنه لم تتغير القيمة المعرفية للشعر في مكتباتنا، فحملت نفسي وكلي حسرة، واتجهت بعد سنوات عدة إلى صنعاء وتعز لأجد ما يشفي الذائقة، وإلى الآن ما زلت أزود مكتبتي من الدول المجاورة». أما عن العقبة الثانية، فيشير إلى أنها كانت «في تهميش النشء من شعراء المنطقة آن ذاك، ففي ذات مرة كتبت قصيدة أعارض فيها قصيدة البارودي التي مطلعها: (سمع الخلي تأوهي فتلفتا *** وأصابه عجبٌ وقال من الفتى)، وأرسلتها مع أحد أصدقائي إلى أبيه الشاعر، فكان الرد صادماً: (هذه القصيدة مسروقة)، فاحتضنت ما وهبني الله في داخلي وهمست لها نحن أقوى». ولفت إلى أن لكل شاعر نخبة من الشعراء تكون اللبنة المفردات والقوة التصويرية في عقله الباطن، «ومن الشعراء الذين أثروا في تجربتي المتنبي وامرؤ القيس وأبوتمام وشعراء الأندلس كافة، أما من المعاصرين إيليا أبوماضي وفوزي معلوف ونزار قباني وعبدالله الفيصل والبردوني والأخطل الصغير ومحمود درويش والسياب». عصر مفاجآت اللغة وأوضح أن المشهد الشعري الشبابي يشهد ازدهاراً، وأنه «عصر مفاجآت اللغة». وعزا ذلك إلى الثقافة العالية عند الشباب، «التي خلقت جيلاً من اللغات الشعرية الفريدة والقوية، فموروثنا الأدبي الطافح في شبه الجزيرة العربية، كون لنا نوعاً من السحر الإبداعي، ولو رجعنا إلى شعراء الجزيرة في العصور الغابرات لوجدناهم هم الأقوى والأجمل، ولذلك ترانا نصعد على آثارهم سلم الكمال الأبدي، وها هو حيدر العبدالله يثبت لنا ذلك بلقب (أمير الشعراء)، وهو الذي لم يتجاوز السن الـ25». أما من ناحية الإعلام والمسابقات فيرى أن المشهد الشعري، «إذا استثني عكاظ التاريخ، فهو حضور ضعيف جداً، وإن تبنت الأندية الأدبي بعض المسابقات على خجل. شكراً لعكاظ فلولاها لابتلعنا الجب». وعرج طواشي خلال حديثه إلى نادي جازان الأدبي بالقول: «ستعود إلى ذاكرة الزمان شعراء شباب نالوا شرف بردة عكاظ ليس آخرهم أنا، فكلما كان النادي أقوى كان للإبداع منه نصيب الأسد وهذا ما أراه في نادينا، فنادينا الأدبي لا يملك عصا سحرية تخرج عصافير الشعر من قبعة الجمال، ولكن علينا أن نحاول استنطاق همومه بما لدينا من موهبة». وعن غيابه في السنوات الماضية عن النادي، أوضح: «كنت أنا المطوي على نفسي كي اشتغل أكثر وأكثر وكلما دعاني النادي كنت أتخوف من الظهور الذي لن يخدم تجربتي في قادم الأيام، وأيضاً هو الخوف من أن تشغلني كثرة الفعاليات عن الإنتاج الشعري المميز. ولكن رئيس النادي الحالي الشاعر حسن الصلهبي، هذا المعلم الجميل قاد بما في قلبي من محبة له إلى فعليات النادي، وها هو الآن يدعوني إلى إصدار الديوان الأول (ذاكرة النسرين)».
مشاركة :