دافعت المستشارة أنغيلا ميركل الجمعة بقوة عن قرارها السماح للاجئين بالدخول إلى ألمانيا قبل خمس سنوات عندما اندلعت أزمة المهاجرين، بينما استعادت شعبيتها بعد فترة صعبة جداً. وقالت ميركل خلال مؤتمرها الصحافي التقليدي لدى استئناف دورة عملها "كنت سأتخذ القرارات الضرورية نفسها" كما فعلت في ذلك الوقت. وأشارت ميركل إلى الواجب الإنساني تجاه آلاف السوريين والعراقيين والأفغان الفارين من الحرب والاضطهاد والبؤس والذين تجمعوا في ذلك الوقت على حدود ألمانيا والنمسا. وقالت "هذه هي قناعتي". لم تتراجع المستشارة مطلقاً عن قرارها، رغم أنه غذى صعود اليمين المتطرف في البلاد وأضعفها سياسيًا، في تطورات لم تعرفها ألمانيا وأوروبا من قبل. وبعد خمسة عشر عامًا في السلطة، وبينما ستسلم العام المقبل مقاليد المستشارية، بات في وسع القائدة البالغة من العمر 66 عامًا أن تنعم باستعادة مكانتها. وحصلت على 71% من الآراء المؤيدة أو المؤيدة جداً وفقًا لآخر مسح أجراه معهد انفراتست ديماب. ويعود الفضل في ذلك إلى إدارتها "السيادية" لأزمة فيروس كورونا المستجد، حسب تقديرات أستاذ العلوم السياسية في جامعة دريسدن هانز فورلندر. وقال في حوار مع فرانس برس إن "الأزمات دائمًا ما تكون فرصًا للقادة التنفيذيين لإثبات أنفسهم"، وقد نجحت أنغيلا ميركل في "إيجاد الخطاب الصحيح" بين الحزم و"التعاطف"، لجعل الألمان يقبلون القيود المفروضة على حريتهم والتي تستهدف مكافحة كوفيد-19. قبل خمس سنوات، ربما كانت تفكر أيضًا في استخدام الخطاب الصحيح عندما اعتمدت شعار "سننجح في ذلك" لتشجيع مواطنيها على مواجهة التحدي المتمثل في تدفق المهاجرين. وبين عامي 2015 و2016، وصل إلى ألمانيا أكثر من مليون شخص. وإذا فهم الألمان الرسالة جيدًا في البداية، فإن الأمور سرعان ما ساءت عندما بات مكتب الهجرة مثقلاً بالضغوط، وحُملت المستشارة المسؤولية عن الوضع "الفوضوي" حتى في صفوف حزبها المحافظ. وأثارت وقائع مختلفة الشكوك بين الألمان، مثل الاعتداءات الجنسية على نساء نسبت إلى مهاجرين من شمال إفريقيا خلال رأس السنة الجديدة 2016 في كولونيا. وتمكن حزب البديل من أجل ألمانيا المعادي أساساً للمؤسسات الأوروبية من استغلال المخاوف من خلال إذكاء الكراهية ضد المهاجرين الذين هم بغالبيتهم مسلمون. وصار شعاره "ميركل يجب أن ترحل". وتم تشديد سياسة استقبال المهاجرين وعوقبت المستشارة خلال الانتخابات التشريعية عام 2017 والتي شهدت دخول اليمين المتشدد إلى البرلمان لأول مرة منذ نهاية النظام النازي. وأكدت الانتخابات الأوروبية وفي المناطق في 2018 هذا التراجع. تخلت أنغيلا ميركل عن رئاسة حزبها، الاتحاد الديمقراطي المسيحي، في نهاية عام 2018، لكنها قالت إنها ستظل مستشارة حتى نهاية ولايتها الرابعة في عام 2021. بعد خمس سنوات، يعتبر الخبراء نتائج سياسة الهجرة الألمانية مشجعة بشكل عام. ووجد نصف اللاجئين البالغين عملاً، وفق المكتب المسؤول عن التوظيف. وتعلق جمعية "برو أزيل" الألمانية المدافعة عن حقوق المهاجرين، بالقول إن ألمانيا التي تعاني تركيبتها السكانية من الشيخوخة "صارت أكثر تنوعًا وأكثر حيوية وشبابًا"، فيما تمزق حزب البديل من أجل ألمانيا الخلافات الداخلية. ومع ذلك، تدين الجمعية "عدم اكتراث" الحكومة راهناً وتتهمها بإبطاء استقبال القاصرين الذين يعيشون في مخيمات على الجزر اليونانية. فمشكلات الهجرة التي تقدمت عليها أزمة كوفيد-19 ما زالت قائمة. وتذكر المحاكمة الجارية لأحد النازيين الجدد المتهم بقتل مسؤول إقليمي منتخب مؤيد لاستقبال اللاجئين في عام 2019 بالتطرف الذي لوحظ في أوساط اليمين المتشدد في ألمانيا. وإذا توقف تدفق المهاجرين، فإن ذلك يعود قبل كل شيء إلى اتفاق هش أُبرم في عام 2016 مع تركيا بهدف منعهم من الإبحار إلى أوروبا، مقابل حصول أنقرة على مساعدات مالية. وأشارت المستشارة الجمعة إلى أن تبني سياسة هجرة أوروبية موحدة كان أحد أولويات الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي وأنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به. وقالت "لكن يمكننا تحقيق ذلك، إذا أردنا".
مشاركة :