شكل تطور مفهوم الطهي عالميا أهمية في حياة الشعوب وثقافتهم عبر العصور، فالطهي قصة بدأت فصولها قبل مئات الآلاف من السنين وتسارعت بشكل مدهش في العصر الحديث. وتمتلك السعودية مثلا إرثا ثقافيا في هذا المجال نظرا لعراقتها التاريخية وتنوع منتجاتها البحرية والبرية، وهي تسعى اليوم للتعريف بتنوع مطبخها وتطويره من خلال المعارض والمناسبات المحلية والدولية. الرياض – كغيرها من الشعوب تمتلك السعودية تنوعا ثقافيا وحضاريا في المطبخ من خلال تنوع المنتجات البحرية والزراعية واختلاف العادات والتقاليد، فحقق حضورا في المعارض العالمية المهتمة بالسياحة. ولأهمية هذا الجانب تمّ استحداث “هيئة فنون الطهي” لتدفع بمستقبل الطهاة السعوديين إلى الصعيد العالمي. وتعمل السعودية على إبراز الطهاة الماهرين من مختلف مناطق المملكة الذين حققوا جوائز عالمية ونجاحات متميزة لتدوين إرث المطبخ السعودي ووصفات أطباقه ونشرها محليا ودوليا. ونضج المطبخ السعودي خلال السنوات القليلة الماضية بفضل نشاط العاملين فيه وظهرت معالمه في جوانب ثقافية وسياحية. وعملت الهيئة على تقديم الدعم للطهاة عبر تأهيلهم وتزويدهم بالمعارف والمهارات اللازمة ليرتقوا بمهنتهم وليعملوا على تطوير المنتج بالابتكار والجودة معا. وأكدت ميادة بدر، الرئيس التنفيذي لهيئة فنون الطهي في تصريح لوكالة الأنباء السعودية “واس”، أن الهيئة لديها قاعدة بيانات تضم أكثر من 100 محترف في فنون الطهي وتعمل على تطوير هذه القاعدة من خلال العمل مع المهنيين في هذا المجال. ومؤخرا قامت بعقد لقاءات مع العديد منهم لبحث الاحتياجات والتحديات التي تواجههم. وسيكون هناك المزيد من هذه اللقاءات لتبادل الخبرات عبر المؤتمرات والمعارض والفعاليات بمشاركة منظمات وهيئات دولية لها خبرتها. وزارة الثقافة السعودية تطلق برنامج ابتعاث يهدف إلى تأهيل جيل من المحترفين في فنون طهي ومجالات ثقافية أخرى وقالت ميادة، إن “الهيئة أعلنت في حفل إطلاق رؤيتها في مارس 2019 عن مبادرة ‘مهرجان الطهي الوطني’ وهي احتفالية ستقام سنويا للتعريف بالمطبخ السعودي وأطباقه المتنوعة، كما أطلقت في 16 أبريل 2020، أول مبادرة ‘إرث مطبخنا’ لتوثيق وصفات الطهي السعودي عبر منتجات رقمية أو مطبوعة، تسهم في إثراء المحتوى الثقافي للمطبخ المحلي، وتخدم قطاع الطهي في المستقبل، واكتشاف مواهب الطهاة المحليين”. وكشفت الرئيس التنفيذي لهيئة فنون الطهي، أن الهيئة ستطلق حملة إعلامية دولية لترويج تراث الطهي السعودي على مستوى العالم، بالإضافة إلى المشاركة في أهم فعاليات الطهي العالمية، كما ستنظم أسبوعا للطعام السعودي بالشراكة مع السفارات بالخارج. وتعزيزا لمهارات الطبخ، أطلقت وزارة الثقافة مؤخرا أول برنامج للابتعاث الثقافي في تاريخ المملكة بهدف تأهيل جيل من المحترفين في فنون طهي ومجالات ثقافية أخرى، مما سيحدث نقلة نوعية في الساحة الثقافية بعد صقلهم أكاديميا وفي أعرق الجامعات العالمية. ولمعت الكثير من أسماء الطهاة السعوديين والسعوديات من خلال عملهم في الفنادق والمطاعم المشهورة وظهورهم في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن هناك أسماء مميزة كانت لها مبادرات وحضور لافت، منهم مؤسس مبادرة “نادي الطهاة السعودي” شيف حلواني وخباز منوّر بن حسين بنون الذي يعد من الكفاءات السعودية المتميزة في فنون الطهي، وله تجربة لأكثر من 20 عاما، وتحفل مسيرته العلمية والأكاديمية بمحطات مهمة، وتدرّب خارج المملكة تحت إشراف طهاة معروفين دوليا، ومكنه ذلك من حصد جوائز وميداليات. وأكد الطاهي بنون، أن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في نشر مبادرته التطوعية بتأسيس “نادي الطهاة السعودي” ليكون مظلة تجمع الطهاة ليتبادلوا أفكارهم وتجاربهم. ويضم النادي الذي أسسه عام 2009 أكثر من 50 من الطهاة السعوديين والسعوديات المميزين من مختلف مناطق البلاد. تكوين أكاديمي وتربصات فابتكار تكوين أكاديمي وتربصات فابتكار وأوضح، أن النادي منذ نشأته تولّى مسؤولية تنظيم قطاع الطهي وتطويره ودعم وتشجيع الطهاة، إلى جانب تقديم النصائح عن الأكلات الصحية والضارة من خلال العديد من ورش العمل والدورات التدريبية، ونشر ثقافة عمل الطهاة بمواصفات عالمية. وعن توثيق حقوق الملكية الفكرية كشف بنون أن ابتكار الأطباق وتوثيقها من خلال التصوير أو طباعة كتاب أو تسجيل الفيديو ونشره، كلّها عوامل كفيلة بأن تثبت وتحفظ حق الطاهي في هذا الوقت، ولكل طاهٍ بصمته المختلفة وجمهوره الذي يميّزه عن الآخر. ومن جانبه أوضح الشيف محمد هزازي أنه بدأ منذ عام 2002 كشيف للمنتخب السعودي لكرة القدم ولنادي النصر، مؤكدا أن مرافقته للمنتخب في بطولات محلية ودولية ساعدت في زيادة خبرته وكسب مهارات جديدة في فن الطهي. واستعرضت الطاهية مريم عتيق، الحاصلة على دبلوم سياحة وفندقة ولديها خبرة في مجال الطهي أكثر من 9 سنوات، مشاركاتها بأنها كانت أول سعودية وعربية حاصلة على ميدالية ذهبية وميدالية برونزية في مسابقة معرض “حلال إكسبو” بإسطنبول 2019، وكذلك حصلت على ميدالية فضية في مسابقة معرض “فودكس” جدة 2019، وميدالية ذهبية إضافة إلى ميداليتين فضيتين وميداليتين برونزيتين من مسابقة مهرجان “أكل أول” بجدة 2016، مؤكدة أن المرأة هي الأساس الحقيقي لإعداد الأطعمة خاصة الشعبية التي تشتهر بها البلاد. ومن جانبها، أوضحت الشيف سارة فهد الجهني، أصغر شيف سعودية ونموذج شبابي طموح، أنها مهتمة بالطبخ والإبداع بشكل عام وصناعة الأطباق بمكونات عضوية خالية من المواد الحافظة والزيوت المهدرجة، مبيّنة أن هواية الطبخ بدأت منذ صغرها وتطورت بجمع كتب الطبخ ومتابعة البرامج التلفزيونية حتى تشكّلت لديها فكرة أن مجال الطهي هو الأساس الذي سيحدد ملامح حياتها المستقبلية. مهارات جديدة في فن الطهي مهارات جديدة في فن الطهي وبيّنت، أن ذلك يتطلب من صاحب العمل في مجال الطهي التدريب المكثّف، وحسن الإدارة، وضبط الوقت، ومعرفة طرق التخزين الصحية، إلى جانب أن تكون لديه بصمة مختلفة مرضية لجميع الأذواق. وعرضت الشيف طرفة الفوزان تجربة التدريب في مجال الطهي، وهي الحاصلة على شهادة تدريب معتمد دوليا في مجال الطبخ منذ عام 2012، ولديها مشاركات في الكثير من المسابقات المحلية وحصلت على العديد من الميداليات الذهبية مثل مسابقة “هوريكا السعودية” ومسابقة “الطبق المبتكر”. وذكرت، أنها أطلقت عدة مبادرات في الطهي، منها مبادرة “سواعد سعودية” بهدف تدريب محترفات بالطهي لوصول الطبق السعودي إلى العالمية، وكذلك مبادرة “فن إدارة بقايا الطعام قبل الطهي” للاستفادة من بقايا قشور الفواكه والخضروات وبذورها في صنع منتجات، حيث ابتكرت حتى الآن 24 منتجا. وأشارت الفوزان إلى أن حب المهنة والتعلّم وخوض التجارب والمشاركات دفعتها للحصول على أكثر من 50 دورة من معاهد دولية وتوجت بافتتاح مطبخها الخاص لإعداد موائد الحفلات والمناسبات، مؤكدة أن هيئة فنون الطهي ستكون مظلة لانطلاق الطهاة السعوديين المبدعين نحو العالمية. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :