تؤكد التقديرات على أن تونس تتجه لتحقيق عائدات قياسية من تصدير زيت الزيتون بعد موسم زراعي اعتبره مختصون جيّدا هذا العام رغم موجة الجفاف المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات، والتي أثّرت بشكل ملحوظ على القطاع. تونس - تعلق السلطات التونسية آمالا كبيرة على تحصيل عوائد أكثر مما تم تحصيله العام الماضي بعد استكمال تصدير تسويق إنتاج زيت الزيتون لهذا العام. ورغم التداعيات التي تركها وباء فايروس كورونا على الاقتصاد المنهك أصلا، إلا أن تونس تعول بشكل كبير على موسم جني الزيتون، الذي انطلق قبل أشهر قليلة لخفض العجز التجاري المتفاقم عبر تصدير معظم إنتاج الزيت، في ظل التوقعات بتحقيق إنتاج قياسي هو الأول منذ خمس سنوات. ويراهن المسؤولون والمختصون في الزراعة على أن تغادر بلادهم منطقة الخطر تدريجيا من خلال خفض العجز التجاري مع تعافي إنتاج الزيت الذي يذهب معظمه إلى الخارج. ويعد قطاع إنتاج زيت الزيتون من أكثر القطاعات الحيوية التي تضررت في السنوات الأخيرة وتراجعت مردوديته بسبب الجفاف، الذي زاد من أوجاع اقتصاد تونس، الذي يحاول الخروج من أزماته المزمنة. ومن المتوقع أن تحقق صادرات زيت الزيتون لكامل هذا الموسم عائدات تتجاوز ملياري دينار (نحو 730 مليون دولار) بتسويق حوالي 340 ألف طن من الزيت مقابل 1.2 مليار دينار (440 مليون دولار) تم تحقيقها في الموسم الماضي. ومن المنتظر أن تساهم هذه العائدات بنحو 4.25 في المئة من الميزانية العامة التي يتجاوز حجمها 17 مليار دولار بقليل. وأكد الرئيس المدير العام للديوان الوطني للزيت شكري بيوض أن العائدات المتوقعة من تصدير زيت الزيتون لهذا الموسم تعد قياسية ولم يتم تسجيلها في المواسم الماضية. ونسبت وكالة الأنباء الرسمية إلى بيوض قوله إنه بالرغم من الأزمة الصحية العالمية المتمثلة في انتشار جائحة كورونا (كوفيد – 19)، فإن تسويق زيت الزيتون التونسي لم يتوقف. وأضاف “لقد تواصل نسق التصدير منذ شهر مارس الماضي، والذي اتسم بالحجر الصحي الشامل وغلق الحدود”. 730 مليون دولار حصيلة العوائد المتوقعة هذا العام مقارنة مع 440 مليون دولار في 2019 وأوضح أنه في ذروة أزمة كورونا والحجر الصحي الشامل تم، خلال شهري مارس وأبريل الماضيين، تحقيق صادرات بمعدل 45 ألف طن شهريا الأمر الذي لم يقع تصديره في السنوات الأخيرة. ويرجح تحقيق صادرات في حدود 340 ألف طن مع نهاية فترة التصدير المحددة لغاية نوفمبر المقبل. وهذا الرقم يعد قياسيا لم يتم تحقيقه منذ عشر سنوات تقريبا باعتبار أهمية الإنتاج الاستثنائي لهذا الموسم والمقدر بـ350 ألف طن. وحتى الآن تم تصدير نحو 80 في المئة من زيت الزيتون باتجاه الاتحاد الأوروبي و15 في المئة نحو الولايات المتحدة وكندا و5 في المئة إلى بقية الدول. وتعتقد الأوساط الزراعية المحلية أنه في حال بلوغ مستوى زيت الزيتون التونسي الإنتاج المتوقع، فإنه سيعيد البلاد إلى الصدارة مرة أخرى ويجعلها تحتل المركز الثاني بعد إسبانيا، بعد أن ظلت ضمن المراكز الخمسة الأولى عالميا إلى جانب كل من إيطاليا واليونان والبرتغال. ويؤكد خبراء أن الارتفاع المتوقع في صادرات تونس من الزيت يعود إلى النقص الكبير في محصول الزيتون في إسبانيا أكبر منتج في العالم، علاوة على اقتحام مصدّرين تونسيين أسواقا جديدة لاسيما كندا والولايات المتحدة والصين واليابان والهند. ويقدر معدل الصادرات التونسية السنوية من زيت الزيتون خلال العقد الأخير بما لا يقل عن 145 ألف طن، معظمها يذهب إلى الأسواق الأوروبية حيث تمثل الصادرات قرابة 80 في المئة من الإنتاج المحلي. وفي مسعى لزيادة الإنتاج في السنوات القادمة، تواصل تونس مخططها لزراعة نحو 10 ملايين غرسة زيتون جديدة هذا العام، لتعزيز حضورها كواحدة من أكبر الدول المنتجة لزيت الزيتون في العالم. ورغم أن البلاد تواجه أزمة نقص حاد في المياه الصالحة للري أو الاستهلاك البشري، ما يجعلها أمام تحدّي إعادة النظر في خارطتها الزراعية خلال الفترة المقبلة، إلا أنه يبدو أن هناك إصرارا كبيرا على الاستثمار في القطاع. وأكد بيوض أن الهدف الذي تعمل عليه تونس منذ عدة سنوات هو تنويع الأسواق، إذ يتم حاليا تصدير هذا المنتوج إلى نحو 54 دولة فقط. شكري بيوض: تسويق زيت الزيتون لم يتوقف رغم قيود الإغلاق شكري بيوض: تسويق زيت الزيتون لم يتوقف رغم قيود الإغلاق وأشار إلى أن العمل يجري على اقتحام الأسواق الآسيوية، وأساسا الصين والهند، التي تتطلب مجهودا متواصلا على امتداد 5 سنوات لأجل تعويد شعوب آسيا على استهلاك زيت الزيتون التونسي. كما يجري العمل على تعزيز التواجد في السوقين الأميركية والكندية، اللتين تنموان بنحو 5 إلى 8 في المئة سنويا، وخاصة إمكانية استيعابهما لزيت الزيتون المعلب. وتسعى تونس إلى زيادة صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي شريكها التقليدي، لكن المفاوضات لا تزال تسير بوتيرة بطيئة نظرا لتقاطعها مع إتمام المفاوضات بشأن اتفاق التبادل الشامل والمعمق (أليكا). ويقول بيوض إن حصة تونس تبلغ 56.7 ألف طن معفاة من الرسوم الجمركية وقد حصل آخر اتفاق حولها سنة 2005، ولم تتم منذ ذلك التاريخ زيادتها رغم طلبها في عدة مناسبات رفعها لتبلغ مستوى 100 ألف طن. والى حد الآن لا توجد بوادر تشي بخطوات التقدم في مفاوضات اتفاقية أليكا بالرغم من أن الاتحاد الأوروبي زاد في كمية الحصة ما بين 2015 و2017 بنحو 30 ألف طن سنويا، لكنه عاد وعلق تلك الخطوة من جانب واحد. ويتوقع أن تمثل مبيعات زيت الزيتون هذا العام ما بين 60 و70 في المئة من الصادرات الغذائية مقابل نحو 40 في المئة في السنوات الماضية مع إمكانية أن تعدل صادرات زيت الزيتون من توازن الميزان التجاري الغذائي في نهاية الموسم. وبحسب المرصد الوطني للفلاحة تقلصت قيمة العجز المالي للميزان التجاري الغذائي، خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، ليصل إلى 2.22 مليار دينار (810 ملايين دولار)، مقارنة مع عجز قيمته 293 مليون دولار على أساس سنوي. وكشف شحّ المياه في السنوات الأخيرة عن واقع صعب يمر به المزارعون على وجه التحديد، وهو ما فاقم من أزمة تونس الاقتصادية، التي تعاني منها جراء تراجع العديد من القطاعات الإنتاجية الإستراتيجية. ووفق أرقام رسمية، يبلغ مجموع الموارد المائية التونسية 4.8 مليار متر مكعب، بينما عدد السدود يبلغ 35 سدا بطاقة تعبئة تقدر بنحو 2.7 مليار متر مكعب. وتقول وزارة الفلاحة إن مجموع الأراضي القابلة للزراعة في تونس يبلغ 5 ملايين هكتار، أي أن المُستغل حاليا لا يتجاوز نسبة 24 في المئة.
مشاركة :