قال زكي خليفة مدير إدارة بالتربية والتعليم بكفر الشيخ، ينبغي أن نعيد التفكير في تغيير المنهجيات والآليات العملية التي تحد من تدهور منظومة القيم والأخلاق التي يواجهها أبناؤنا الطلاب في ظل هذا التسارع اللا محدود في الوسائل التكنولوجية غير المنضبطة والتي أفرزت بدورها منظومة سيئة من القيم المادية مما أوصلنا لهذه الدرجة من الانحطاط الأخلاقي والاجتماعي غير المسبوق وهذا ما يستدعي محاولة دمج منظومة القيم والاخلاق في العملية التعليمية، إن هذه المنظومة القيمية والأخلاقية التي نريد دمجها في المناهج المدرسية تهدف إلى تعزيز بناء الذات لدى الطالب وتطوير شخصيته في بعديها الفردي والمجتمعي وهي بلاشك الطريق المستقيم نحو تطبيق سلوكي قيمي أخلاقي في مخرجات التربية والتعليم، ادرك العالم المتقدم من حولنا بجميع فئاته مدى خطورة فصل العلم عن القيم الأخلاقية مما أدى إلى المطالبة بسد الفجوة في العلاقة بينها وبين المناهج التعليمية وضرورة إعادة عملية المزج بينهما وذلك لما له من أهمية في بناء شخصية المواطن الصالح. لذلك فإنه يجدر بنا الدعوة إلى صياغة مشروع وطني متكامل يهدف إلى ضبط أُطر الأخلاق والقيم وتبيان طرق دمجهما في المنظومة التعليمية باعتبارها المجال الأوسع والأكثر تأثيرًا في المجتمعات في الظروف الطبيعية . إننا الآن وبكل أسف نجد أنفسنا أمام أزمة تربوية كبيرة تتمثل في قصور المناهج الحالية وعجزها عن بناء منظومة تربوية مجتمعية وأخلاقية. فالتعليم اليوم أصبح عاجزًا عن تخريج الأجيال المؤهلة التي تمتلك المعرفة والوعي وخلق منظومة أخلاقية من المفترض أن تحصّن المجتمع ضد الانقسام الطبقي والفكري واستبدال القيم الاخلاقية بتوافه دنيوية محضة وتشوهات مجتمعية، لذلك ربما يكون من المهم جدًا البدء بوضع رؤية إصلاحية شاملة متوازنة لنصل بنهاية المطاف إلى آليات تنفيذ فاعلة تشمل تحديد مواصفات مخرجات المتعلم الذي نريد والكفايات المعرفية والعلمية والسلوكية والمهنية والتكنولوجية التي يُتوقع أن يمتلكها ضمن المنظومة وتنظيم مختلف مقومات المفاهيم الدراسية المكونة للمناهج ومحتوى هذه الوحدات ومدى تناغمها وتوافقها رأسيًا وأفقيًا وطرق ووسائل التدريس المستخدمة بالإضافة إلى مواصفات المعلم وقدراته وظروف البيئة التعليمية. ولقد أثبتت التجارب الإنسانية كافة أن إصلاح التعليم وتعزيز القيم الأخلاقية بما فيها قيم الحرية والعدالة المجتمعية وحق الإنسان في الإبداع والنقد البناء والحياة الكريمة هو أساس النهوض بالمجتمع الذي نسعى جميعًا إلى تقدمه وتفوقه في كل مجالات الحياة. والتجربة اليابانية المتميزة خير مثال على ذلك, حيث تم الإلتزام بدراسة الأخلاق لمواجهة تراجع القيم والأخلاق في المدرسة مما انعكس ايجابًا على كل فئات المجتمع الياباني، لذلك لابد من أن يستند إصلاح التعليم على ركيزتين أساسيتين: أولهما إصلاح مناهج التفكير والنقد البناء واحترام الرأي الآخر لدى الطلبة والثاني إصلاح منظومة القيم والأخلاق التربوية. على أن لا يقتصر تضمين القيم والأخلاق في المناهج المدرسية على الشعارات والنصائح واللوحات والإذاعات المدرسية والمسابقات الموسمية بل يستدعي تفعيلًا للسلوكيات المجتمعية الصحيحة بناءً على دراسات عميقة للظواهر المجتمعية،نحتاج إلى خطوات عملية تطبيقية تجعل من المنظومة الأخلاقية سلوكًا يُمارَس على أرض الواقع، بما ينعكس إيجابيًا على المجتمع ويؤدي إلى نبذ العنف والتنمر والتطرف والإرهاب في مجتمع بُني على الأخلاق والقيم منذ نشأته.
مشاركة :