أن يجتمع أكثر من فنان في حفل غنائي واحد، فهذا ما اعتاده الجمهور وبات أمراً عادياً، ولكن أن يجتمع كاظم الساهر مع حسين الجسمي في أمسية واحدة، فهذا ما لم يكن في الحسبان، ولم يستطع أحد التنبؤ بنتائجه، وهو ما حدث فعلاً أول من أمس، في الحفل الغنائي الذي أقيم في مركز دبي التجاري العالمي بقاعة الشيخ راشد. ونظمته مؤسسة دائرة السياحة والتسويق التجاري، بالاشتراك مع شركة بلاتينوم ريكوردز للإنتاج والتوزيع الموسيقي، إذ أمطرت السماء في تلك الليلة حضوراً ملأ القاعة على آخرها، وضميراً انهال كحبات اللؤلؤ ليلامس رؤوس الشهداء والرجال المخلصين لبلدهم، رافعاً لهم القبعة، في دويتو غنائي حمل عنوان أجمل هدية أبدع كلماته الشاعر كريم العراقي، وعزفته حنجرتا الساهر والجسمي. كان هذا الدويتو بمثابة مفاجأة، لم يكد ينطق بها الساهر حتى سادت حالة من الترقب والانتظار، ليأتي في النهاية كمعزوفة أبهرت الحضور، وعمل إبداعي صفق له الجميع، وعكس علاقة رائعة تجمع اثنين من أهم رموز الغناء في الوطن العربي. حضور الشاعر كريم العراقي كان وقعه جميلاً، ولم ينسَ القيصر أن يرحب به من بين الحضور، موجهاً شكره الجزيل له، ومشيداً بإبداعاته الشعرية. شموع ورومانسية إطلالة القيصر لم تكن عادية، فبمجرد أن وطأت قدماه أرض المسرح حتى أشعل الجمهور الشموع، وتمايلوا على ألحان أغنياته، وكانت البداية مع أغنية أراضي خدودها، ثم غنى ها حبيبي التي نثرت حالة من الرومانسية وتفاعل معها الجمهور بالغناء، ولم تتوقف مطالبات الجمهور للساهر بغناء القصائد، وترديدها معه، ليقدم أجمل ما يحتويه أرشيفه الفني إرضاءً لجمهوره. ترحيب الساهر بجمهوره كان مملوءاً بالحميمية، إذ أكد لهم أنه سيلبي كل طلباتهم، وسينوع في غنائه بين القديم والجديد ليرضي كل الأذواق، وبرفقة فرقته الموسيقية بقيادة المايسترو حسن فالح، انطلق بغناء أنا ونيت من كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي. أتبعها بباقة من أغنياته مثل أحبيني بلا عقد ودربك خضر وزيديني عشقاً وكثر الحديث وعيد وحب التي دفعت الجمهور للنزول عن المدرجات متوجهين للساحات السفلية لتأدية رقصة الدبكة، في مشهد ساده الانسجام والبهجة، وعكس سعادة الجمهور بلقاء نجمهم المحبوب، حتى أطلت لحظة الوداع برأسها، ليترك القيصر المسرح لصديقه حسين الجسمي. ابتسامة بعد لحظات، أطل الفنان الجسمي صاحب بشرة خير وحبيبي برشلوني، مع فرقته الموسيقية بقيادة المايسترو وليد فايد، رحب بجمهوره قائلاً أشكركم على الحضور والتحية والابتسامة الحلوة أدامها الله عليكم، وانطلق بـبحر الشوق التي يحفظها الجمهور عن ظهر قلب، ليتبعها بقائمة من أجمل أغنياته، ومنها عمرك سمعت بطير ويحب سجانه والله ما يسوى ومرني وغيرها. ما ميز فقرة الجسمي تأديته لبعض أغنياته بدون موسيقى، ليكون صوته هو الأداة الموسيقية والنجم في ذات الوقت، لينبهر الجمهور بالقدرات الصوتية التي يمتلكها، معبرين عن إعجابهم بالتصفيق المتواصل. فيروز وفي لفتة جميلة، استحضر الجسمي الفنانة فيروز، من خلال غنائه نسم علينا الهوى فكان وقعها جميلاً عذباً كصاحبتها ومؤديها، كما غازل محبوبته مصر، معلناً اشتياقه لها، لينطلق صوته في فضاءات الشوق مردداً لها بحبك وحشتيني. اندفاع الأطفال وحبهم الكبير لحسين الجسمي جعلهم يقفون أسفل المسرح مطالبينه بالتقاط الصور معهم، وهو ما دعاه للتوقف لدقائق قليلة تلبية لرغباتهم، ليعود إلى الغناء مرة أخرى، في سهرة أغلقت ستائرها في تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل. تحية وهدية انطلقت فكرة دويتو أجمل هدية من القيصر الذي اتصل بالجسمي هاتفياً، ودعاه لمشاركته. وقال: هذا الدويتو هدية لكل مخلص يخدم بلده، وتحية لشهداء الوطن. وقال الجسمي: عودتنا دبي على المفاجآت الجميلة، وأنا سعيد بغنائي على مسرح غنى عليه الساهر، وأسعدني اتصاله بي.
مشاركة :