التبــــول اللا إرادي عنـــد الأطـــفال

  • 7/26/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يشكو الكثير من استمرار أطفالهم في‮ ‬التبول اللاإرادي‮ ‬الليلي‮ ‬بعد سن الخامسة،‮ ‬وهو ما‮ ‬يجعلهم‮ ‬يشعرون بالقلق من إمكانية استمرار هذه‮ ‬المشكلة إلى سن متقدمة،‮ ‬وقد تتطور مخاوف الأسرة بشكل‮ ‬يؤثر في‮ ‬نفسية الطفل إذا لم‮ ‬يتم التعاطي‮ ‬معهم بصورة علمية‮.‬ فالأسباب كثيرة،‮ ‬منها عضوية وأخرى نفسية،‮ ‬وقد تكون وراثية أيضاً‮.‬ فما هي‮ ‬أهم العلاجات التي‮ ‬نتبعها مع الأطفال لتفادي‮ ‬تلك المشكلة؟ وهل لتلك الأدوية تأثيرات ومضاعفات على الطفل؟ أم إن استخدام بعض الأساليب التحفيزية والإدراكية أفضل قبل التوجه للطبيب؟ توجهنا بهذه الأسئلة وغيرها إلى أطباء بتخصصات مختلفة للإجابة عنها وتقديم الإرشادات والنصائح التي‮ ‬يرون فائدتها للتغلب على المشكلة‮.‬ حالة شائعة يعرف استشاري‮ ‬طب الأطفال وحديثي‮ ‬الولادة الدكتور أسامة عطارباشي‮ ‬التبول اللاإرادي‮ ‬الليلي‮ ‬عند الأطفال بأنه التبول‮ ‬غير المسيطر عليه أثناء النوم،‮ ‬وعادة ما‮ ‬يستخدم هذا المصطلح للأطفال فوق خمس سنوات من العمر‮. ‬وقال إن هذه المشكلة تعد من أكثر الحالات الصحية شيوعاً‮ ‬لدى الأطفال،‮ ‬فهي‮ ‬تصيب ما‮ ‬يقارب‮ ‬٪15‮ ‬من الأطفال فوق‮ ‬5‮ ‬سنوات من العمر،‮ ‬كما تعتبر أيضاً‮ ‬من أكثر مشاكل الجهاز البولي‮ ‬حدوثاً‮ ‬عندهم‮. ‬ وأوضح أن معظم الحالات لا‮ ‬يكون سببها عضوي‮ ‬أو نفسي،‮ ‬وإنما هي‮ ‬مسألة تطور سلوكي‮ ‬يتعلق بتنامي‮ ‬قدرة الطفل على السيطرة،‮ ‬وفي‮ ‬نسبة لا بأس بها من الحالات‮ ‬يكون أحد الأبوين أو كلاهما قد عانى هذه المشكلة في‮ ‬صغره‮.‬ وأكد الدكتور عطارباشي‮ ‬ضرورة استشارة الطبيب لمن بلغ‮ ‬سن الخامسة ولا‮ ‬يزال لا‮ ‬يسيطر على تبوله أثناء النوم،‮ ‬مشيراً‮ ‬إلى أن التقييم الأولي‮ ‬يتم من قبل طبيب الأطفال لاستبعاد وجود مشاكل أو أسباب عضوية بالفحص السريري،‮ ‬وربما تجرى بعض الفحوصات الأولية البسيطة كفحص البول وفحص وظائف الكلية،‮ ‬وقد وُجِد أنه في‮ ‬معظم الحالات تكون نتائج هذه الفحوصات طبيعية،‮ ‬ولا‮ ‬يوجد سبب عضوي‮ ‬للحالة،‮ ‬كما قد لا‮ ‬يوجد سبب نفسي‮ ‬للمشكلة،‮ ‬وإنما هي‮ ‬مسألة تتعلق بقابلية الطفل التطورية في‮ ‬السيطرة على التبول،‮ ‬ولذلك كلما تقدم الأطفال بالعمر،‮ ‬كلما تقل نسبة الذين‮ ‬يعانون المشكلة،‮ ‬وبالتالي‮ ‬يكون أغلبية الأطفال المصابين في‮ ‬عمر‮ ‬7‮ ‬إلى‮ ‬10‮ ‬سنوات وبنسبة‮٪ ‬95‮ ‬قد توقفوا عن التبول اللاإرادي‮ ‬أثناء النوم‮.‬ نوعان للمشكلة‮ ‬ ويوضح الدكتور عطارباشي،‮ ‬أن هناك نوعين أساسيين لهذه المشكلة وهما التبول اللاإرادي‮ ‬الأولي،‮ ‬ويعني‮ ‬ان الطفل لم‮ ‬يمر بمرحلة استطاع فيها السيطرة على التبول وإنما استمر بذلك،‮ ‬والنوع الآخر وهو الثانوي،‮ ‬حيث‮ ‬يمر الطفل بفترة طويلة من السيطرة على التبول ثم‮ ‬ينتكس من بعد ذلك ليعود إلى التبول أثناء النوم،‮ ‬وفي‮ ‬هذا النوع‮ ‬يكون السبب العضوي‮ ‬المحتمل للإصابة أكثر حدوثاً‮. ‬وتكون المتابعة الدورية مع الطبيب المعالج مهمة وضرورية‮.‬ وتحدث الدكتور عطارباشي‮ ‬عن عدة خطوات‮ ‬يتم من خلالها العلاج ويتم تنسيقها ومتابعتها من قبل طبيب الأطفال،‮ ‬وتشمل‮: ‬توعية الطفل وأهله بطبيعة المشكلة وبأنها مشكلة مؤقتة،‮ ‬واستعمال طرق التحفيز الإيجابي،‮ ‬واستخدام أجهزة التنبيه الخاصة بالتبول اللاإرادي‮.‬ وأوضح أن خيار استخدام الأدوية‮ ‬يكون هو القرار الأخير،‮ ‬حيث‮ ‬يوصف لبعض الحالات عقار‮ ‬ديزموبريسين‮ ‬مع تجنب استخدام أدوية أخرى كانت تستعمل سابقاً‮.‬ ‮ ‬وشدد على أهمية تجنب تعنيف الطفل او إهانته بسبب هذه الحالة لما لذلك من مردود سلبي‮ ‬ومحبط على ثقة الطفل بنفسه،‮ ‬وعلى الحالة المرضية نفسها،‮ ‬وإنما‮ ‬يتم تشجيعه بشكل إيجابي‮ ‬وبطرق مختلفة ومبتكرة‮.‬ الأسباب العضوية تشمل الأسباب العضوية التي‮ ‬تؤدي‮ ‬للإصابة بحالة التبول اللاإرادي‮ ‬التهاب اللوزتين،‮ ‬حدوث التهابات بمجرى البول،‮ ‬صغر حجم المثانة،‮ ‬الإصابة بالسكري‮ ‬أو الإمساك الشديد‮.‬ وفي‮ ‬بعض الحالات‮ ‬يكون السبب هو الإصابة بالدودة الدبوسية،‮ ‬وهي‮ ‬دودة صغيرة للغاية‮ ‬يميل لونها إلى الأبيض،‮ ‬وتوجد بكثرة في‮ ‬الخضراوات والفواكه الملوثة وغير المطبوخة جيداً،‮ ‬وتضع هذه الدودة بيضها ليلاً‮ ‬أثناء نوم الطفل على فتحة الشرج ما‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى تهيج المنطقة وحدوث التبول اللاإرادي‮.‬ وقد‮ ‬يكون السبب وجود مرض‮ ‬يؤثر في‮ ‬النمو الإدراكي‮ ‬للطفل،‮ ‬مثل الإصابة بمتلازمة داون،‮ ‬والذي‮ ‬يجعل الطفل‮ ‬غير قادر على إدارك حاجته في‮ ‬الذهاب لدورة المياه‮. ‬كما أن الأطفال المصابين بمرض فرط الحركة ونقص التركيز‮ ‬يعانون عادةً‮ ‬من تأخر بسيط في‮ ‬النمو الإدراكي‮ ‬مما‮ ‬يجعلهم عرضة للإصابة بالتبول اللاإرادي‮.‬ ويربط استشاري‮ ‬المسالك البولية وأمراض الذكورة الدكتور أمين الصيرفي‮ ‬التبول اللاإرادي‮ ‬بتطور نمو الطفل البدني‮ ‬والذهني،‮ ‬ولهذا تختفي‮ ‬الحالة المرضية ذاتياً‮ ‬من دون أي‮ ‬علاج في‮ ‬كثير من الحالات عند عمر‮ ‬يقارب‮ ‬5‮ ‬سنوات بالنسبة لحوالي‮ ٥١‬٪‮ ‬من الحالات،‮ ‬وفي‮ ‬حال عدم وجود سبب عضوي‮ ‬للحالة من الضروري‮ ‬أخذ التاريخ المرضي‮ ‬الكامل والمفصل للطفــــــل بدنياً‮ ‬وســــــلوكياً‮ ‬وأسرياً،‮ ‬ثم الفحص الإكلينيكي‮ ‬الدقيق،‮ ‬والفحص العصبي‮ ‬الموجه،‮ ‬وإجراء ما‮ ‬يلزم من فحوص مخبرية وإشعاعية‮ (‬عند اللزوم في‮ ‬بعض الحالات‮) ‬لتحديد سبب الحالة بدقة عضوية كانت أو وظيفية أو نفسية‮. ‬وذلك لاختلاف العلاج تبعاً‮ ‬للسبب،‮ ‬ومن الضروري‮ ‬أن‮ ‬يتفهم الوالدان حالة الطفل ومعرفة أسباب الحالة،‮ ‬مضيفاً‮ ‬أن العلاج قد‮ ‬يستغرق من3‮-‬6‮ ‬شهور،‮ ‬وإن الدواء لا‮ ‬يقتصر على الدواء فقط،‮ ‬بل‮ ‬يتزامن مع علاج سلوكي‮ ‬يقوم به الوالدان،‮ ‬وهو أساسي‮ ‬ومكمل للدواء‮.‬ ويرجع الدكتور الصيرفي‮ ‬سبب عودة التبول اللاإرادي‮ ‬بعد العلاج إما لسبب توقف العلاج قبل اكتمال الشفاء التام،‮ ‬موضحاً‮ ‬أن هناك فرقاً‮ ‬بين توقف التبول واكتمال الشفاء،‮ ‬والذي‮ ‬يحدد ذلك هو الطبيب المعالج،‮ ‬وإما لوجود سبب عضوي‮ ‬مصاحب لم‮ ‬يتم علاجه كاملاً،‮ ‬أو قد‮ ‬ينتج عن التعرض لمسبب جديد للتبول اللاارادي‮ ‬كالإصابة بالتهاب المجاري‮ ‬البولية‮. ‬ وشدد على انه في‮ ‬كل الحالات‮ ‬يجب المتابعة الدقيقة للطفل مع طبيبه المعالج حتى‮ ‬يؤكد الطبيب أن لا حاجة للمزيد من الدواء وأن الشفاء اكتمل بفضل الله‮.‬ الأسباب النفسية‮ ‬ وعن الأسباب النفسية‮ ‬يقول الدكتور علي‮ ‬صابر اخصائي‮ ‬الأمراض النفسية والعصبية،‮ ‬إن هناك بعض العوامل التي‮ ‬تفاقم المشكلة،‮ ‬ومن أبرزها التفكك الأسري‮ ‬والغيرة بسبب ولادة طفل جديد في‮ ‬الأسرة‮.‬ وأوضح أن أسباب التبول اللاإرادي‮ ‬في‮ ‬الوقت الحاضر تختلف عن ذي‮ ‬قبل‮. ‬وقال ان أحد أهم الأسباب التي‮ ‬ساعدت على انتشار تلك المشكلة الآن هـــــي‮ ‬الحافظـــات التي‮ ‬تقـــــوم الشركــــات المصنـــــعة لهــــــا بعملها بحـــــــيث تكون جذابة،‮ ‬فقـــــد كانت هذه الشركات تستخدم في‮ ‬السابق قبل ظهور تلك الحافظات أشياء بدائيـــــــة من القـــطن والمواد البلاستيكـــية،‮ ‬فـــــتكون أحـــــــد العوامل التي‮ ‬تنـــــفر الطفل،‮ ‬والآن تستــــخدم الشــــركات الألوان والكريمات لحث الطفل علـــى ارتــــدائها وعدم الرغــــبة في‮ ‬الاســـتغناء عــــنها‮.‬ ويعتقد الدكتور صابر أن هذا التغيير‮ ‬يعد واحداً‮ ‬من أهم العوامل النفسية التي‮ ‬تؤثر في‮ ‬عملية التبول اللاإرادي‮. ‬وأن أحد العوامل التي‮ ‬تدخل في‮ ‬عملية النمو هي‮ ‬التحفيز‮.‬ ويرى أن الخوف والقلق والتوتر الذي‮ ‬يصاحب الطفل مع دخوله المدرسة أو أثناء فترة الامتحانات قد‮ ‬يزيد من تلك المشكلة،‮ ‬ولذلك على الأسرة الانتباه جيداً‮ ‬للطفل،‮ ‬لأن الكشف المبكر‮ ‬يعد من أهم خطوات العلاج الصحيح،‮ ‬علماً‮ ‬أن‮ ‬الطفل إذا عانى التبول اللاإرادي‮ ‬في‮ ‬عمر‮ ‬3‮ ‬سنوات فذلك‮ ‬يعني‮ ‬وجود مشكلة‮. ‬ ويقول الدكتور صابر إن طرق العلاج لتلك المشكلة تكون من خلال المتابعة وعمل جدول للطفل بما‮ ‬يأكل ويشرب،‮ ‬والانتباه وعدم الإفراط في‮ ‬عقابه وتعنيفه،‮ ‬ومحاولة تحفيزه وتشجيعه‮.‬ وأضاف أن هناك العديد من الأدوية التي‮ ‬نستخدمها حالياُ‮ ‬منها بعض الادوية الخاصة بالاكتئاب،‮ ‬ولكنها تصرف تحت إشراف دقيق من الطبيب المختص،‮ ‬وتستعمل بشكل مقنن جداً،‮ ‬ونبتعد عن استخدام مثل هذه الأدوية قدر الإمكان‮.‬ خطط علاجية متنوعة ووفقاً‮ ‬للأطباء،‮ ‬يختلف علاج حالات التبول اللاإرادي‮ ‬عند الأطفال تبعاً‮ ‬للسبب‮. ‬ففي‮ ‬الحالات العضوية‮ ‬يكون العلاج بإزالة المسبب،‮ ‬ولكن في‮ ‬كثير من الحالات‮ ‬غير العضوية‮ ‬يستلزم الأمر خطة علاجية متكاملة بطريقة متدرجة قد تستمر لشهور‮ ‬يشارك فيها الطبيب والوالدان بالأدوية والتغيير السلوكي‮ ‬والعلاج التحفيزي‮ ‬للطفل‮.‬ وهناك نصائح عامة في‮ ‬كل الحالات مع العلاج منها تقليل المشروبات ليلاً،‮ ‬وعدم تناول الشاي‮ ‬والقهوة والكولا ومدرات البول مساء،‮ ‬وأن‮ ‬يكون آخر عمل قبل النوم هو دخول الحمام للتبول،‮ ‬وإيقاظ الطفل بعد نومه بساعة واحدة للتبول‮ ‬يومياً‮.‬ كما‮ ‬يفضل تناول ملعقة عسل نحل قبل النوم‮.‬ التبول الليلي‮ ‬عند الأطفال ظاهرة شائعة التبول الليلي‮ ‬اللاإرادي‮ ‬عند الأطفال ظاهرة شائعة جداً،‮ ‬وتشير الدراسات إلى أن‮ 61 - 02٪ ‬من الأطفال‮ ‬يعانون هذه المشكلة بين عمر‮1 ‬5‮ - ‬5‮ ‬سنة‮ ‬،‮ ‬كما ان‮ 2-3٪‮ ‬ممن عمرهم أكثر من‮ ‬91‮ ‬سنة‮ ‬يعانون هذه المشكلة أيضاً،‮ ‬وهذا‮ ‬يعني‮ ‬أن هذه المشكلة تصيب شخصاً‮ ‬من بين كل سبعة أشخاص بين عمر‮ ‬5‮-‬91‮ ‬سنة‮.‬ وتصيب هذه المشكلة الذكور أكثر من الإناث بنسبة‮ ‬2‮:‬3‮ ‬ولها تأثيرات نفسية شديدة على الأطفال،‮ ‬بحيث‮ ‬يصبح الطفل المصاب خجولاً‮ ‬منطوياً‮ ‬على نفسه وقد‮ ‬يصبح موضع سخرية أو تأنيب لأمر لا إرادة له فيه،‮ ‬ويمنع هذا الطفل من المشاركة في‮ ‬كثير من النشاطات المفيدة،‮ ‬كالسفر والمبيت خارج المنزل عند أحد الأصدقاء أو الأقارب،‮ ‬إلخ‮.‬

مشاركة :