الكثير من الأدباء والمفكرين والشعراء المؤثرين تحولت منازلهم إلى متاحف مفتوحة للعموم، من خلالها تمكن الإطلالة على تفاصيل من حيواتهم الشخصية عبر عرض مقتنياتهم وأركانهم القصية، حيث كتبوا وخلدوا أسماءهم. لكن في العالم العربي وللأسف تتحوّل بعض منازل الشعراء إلى مجال لصراع الورثة ويطالها الإهمال والتهميش، وهو ما يسعى إلى تجنبه محبو الشاعر العراقي بدر شاكر السياب. مسقط – أعرب غيلان السياب النجل الأكبر للشاعر بدر شاكر السياب عن أسفه لفقدان الكثير من مقتنيات السياب خلال انتقالات العائلة من منزل إلى آخر، جاء ذلك خلال الحلقة الثانية من البرنامج المرئي المباشر “كتاب مفتوح”، الذي يعدّه ويقدّمه الشاعران عبدالرزاق الربيعي ووسام العاني بالتعاون مع مركز حدائق الفكر للثقافة والخدمات في سلطنة عمان. وأشار غيلان إلى أنّ آخر التنقّلات كان عندما اضطرت العائلة للنزوح من مدينة البصرة إلى مدينة الموصل شمال العراق إبان الحرب العراقية الإيرانية، حيث استأمنت المنزل لدى شخص ليقوم بحمايته، إلا أنه وللأسف خان الأمانة، وباع الكثير من متعلقات الشاعر. استغلال اسم الشاعر في نفس الصدد، أشار غيلان السياب إلى أن العائلة في منتصف السبعينات، اقترحت على وزارة الثقافة والإعلام العراقية آنذاك إقامة متحف للسياب. لكن منذ أن قامت وزارة الثقافة بشراء منزل الشاعر في السبعينات، لم تقم بأي أعمال ترميم وتطوير لإقامة المتحف. وقبل سنوات قليلة باشرت الجهات الرسمية العراقية بترميم المنزل وطلبت من العائلة المشاركة في مشروع تحويله إلى متحف خاص بتزويدها بما تبقى من مقتنيات السياب، إلا أنها، وبسبب الإهمال والتقصير الذي عانى منه المنزل لسنوات طويلة، تردّدت بتزويدهم بهذه المقتنيات. وأضاف غيلان أنه، وخلال إحدى زياراته للبصرة، جمع ما تبقى من مخطوطات والده ونقلها معه إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث يقيم، وأنه ينوي تسليمها إلى مكتبة الكونغرس الأميركي للحفاظ عليها بعدما رأى إهمال الجهات الحكومية في الحفاظ على منزل السياب وحفظ تراثه، وهو الأمر الذي لم يرق لمقدمي البرنامج الربيعي والعاني، ولا للمتابعين، ومن بينهم الشاعر عدنان الصائغ الذي تمنّى جمع مقتنيات الشاعر في متحف خاص يقام في مدينته البصرة ليكون قريبا عن محبّيه ومريديه. علاقة السياب بالشاعرة نازك الملائكة كانت علاقة صداقة محترمة وكانا ينويان إصدار ديوان مشترك بينهما وفي محور آخر رحّب غيلان السياب بتحقيق ديوان والده من قبل الشاعر والباحث علي محمود خضير، بمقدّمة للشاعر أدونيس، وطباعة دار الرافدين البيروتية، مثمّنا الجهد الذي بذله الشاعر علي محمود خضير في تحقيق ديوان السياب لما ينطوي عليه من عناء في البحث والتقصي ومراجعة الكثير من طبعات الديوان السابقة التي حفلت بأخطاء كثيرة حسب وصفه. كما صرح أنه ينتظر هذا العمل بفارغ الصبر لأنه سيضع السياب أمام القارئ كما ينبغي أن يكون وليس كما شاءت له دور النشر أن يكون، متمنيا أن يكون هذا العمل مرجعا للباحثين في تراث الشاعر الكبير. وفي سؤال عن المسلسل التلفزيوني الذي أُنتج نهاية التسعينات من القرن الماضي عن السياب، أشار غيلان إلى أن عائلة السياب فوجئت حينها بقرب بثّ المسلسل الذي ينتجه المطرب سعدون جابر دون العودة إليها، وعند اتصالها بالمطرب سعدون جابر، طلبت منه إيقاف بث المسلسل لحين عرضه على العائلة وأخذ موافقتها، لكن جابر أصر على بثه، وطلب من العائلة دفع تكاليف الإنتاج إن كانت ترغب بإيقاف المسلسل، ليتطور الموقف في ما بعد إلى رفع قضية في المحاكم العراقية من قبل العائلة التي حصلت على حكم قضائي بمنع بث المسلسل. عزيز الحاج عدو واضح وصريح وموقفه من السياب موقف مشين غيلان السياب: عزيز الحاج عدو واضح وصريح وموقفه من السياب موقف مشين وبعد أحداث عام 2003، قام سعدون جابر بعرض المسلسل على بعض القنوات المحلية. كما أكد غيلان عدم صحّة ما أشيع حينها حول طلب العائلة مبالغ مالية مقابل الموافقة على المسلسل، موضحا أن لا مانع للعائلة من إنتاج أي عمل فني حول السياب شريطة مرور النص عليها وأخذ موافقتها. أصدقاء وأعداء عن ثقافة السياب وما أُثير حولها، قال غيلان إن البعض من أدعياء الثقافة هوّنوا من ثقافة السياب لأسباب تتعلق بظاهرته الشعرية التي امتدت لسنوات طويلة بعد وفاته، وشكّلت عقبة أمام أجيال جاءت بعده، ولم تستطع أن تتجاوزها. وعن أعداء السياب من أصدقائه، ذكر غيلان أن البياتي لم يكن عدوا وإنما كان شاعرا منافسا مجايلا للسياب، أما عزيز الحاج فهو عدو واضح وصريح وموقفه من السياب موقف مشين، وما عاب به السياب من انقلاب على الحزب الشيوعي، عاد هو بعد زمن لينقلب على الحزب في موقف يصل إلى درجة الخيانة. كما تكلم غيلان عن أصدقاء السياب في العراق وفي الوطن العربي وذكر منهم العراقيين خالد الشواف ومحمود عبطة المحامي ومحمد علي إسماعيل والبريكان وعبدالرحمن الرماح وجبرا إبراهيم جبرا وخالد علي مصطفى وشفيق الكمالي. وعن أصدقائه من غير العراقيين ذكر أدونيس ويوسف الخال وفؤاد الخشن وفاروق شوشة وعلي سبتي، وأسماء أخرى كثيرة. وتطرّق إلى المقال الذي نشره الشاعر أحمد مطر لينصف فيه السياب بعد نشر كتاب “كنت شيوعيا”. كما أشاد بدور علي سبتي في ترتيب رحلة علاج السياب في الكويت مبينا أن الأطباء اختلفوا في تشخيص مرضه ما بين التصلّب اللويحي، والضيق في مسرب بالعمود الفقري. وأكد غيلان أن والده تقدم للدراسات العليا في جامعة درم في لندن أثناء تواجده للعلاج، ولكنه لم يتوافق مع أجواء المدينة الصناعية التي لا يستطيع شاعر مرهف الحسّ مثله معايشتها. ظلم حيّا وميّتا ظلم حيّا وميّتا وفي سؤال حول المطربين الذين غنوا قصائد السياب، أكد غيلان أن المطرب كاظم الساهر هو الوحيد الذي تواصل مع العائلة وأخذ الإذن بغناء إحدى قصائده. وفي مداخلة للناقد حاتم الصكر حول نية العائلة ترجمة بعض أعمال السياب، أكد غيلان أن هناك مسعى لترجمة بعض قصائده قد يرى النور قريبا. وعن علاقة السياب بالشاعرة نازك الملائكة، ذكر غيلان أنها علاقة صداقة محترمة وكانا ينويان إصدار ديوان مشترك بينهما، لكن الظروف حالت دون إصداره. وتطرق أيضا إلى لقائه بالشاعرة لميعة عباس عمارة في أميركا، وكيف أمضى معها هو، وأسرته ثلاثة أيام يستذكرون فيها حياة وشعر السياب. وعن نصوص والده التي كانت مقرّرة ضمن المناهج المدرسية قال كنت أفتخر بها بين زملائي، وأحفظها لأحصل على علامة كاملة، أما ولده بدر الذي يواصل اليوم دراسته الطبية، وابنته لينا فقد ولدا في أميركا، لكنهما يعرفان أن جدّهما شاعر كبير. وحول لقب السياب، فقد قال إنه لقب العائلة، التي تنحدر من قبيلة عربية من بني ربيعة، ويعود الاسم إلى الجد الأول سْياب. وفي نهاية الأمسية، أعلن الشاعران عبدالرزاق الربيعي ووسام العاني عن استمرار برنامج “كتاب مفتوح” وعزمه على استضافة شخصية أدبية مهمة سيعلن عنها وعن موعد الأمسية قريبا.
مشاركة :