رجّح أمين عام «الائتلاف الوطني السوري» المعارض محمد مكتبي أن تفضي الجولات المكوكية التي قام بها المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا خلال الأشهر الماضية إلى استصدار قرار أممي يلزم أطراف الصراع السوري بالجلوس إلى طاولة المفاوضات في إطار «جنيف 3». مكتبي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «فحوى لقاءات الائتلاف مع دي ميستورا وكذلك المعلومات التي يتم تداولها، كلها تشير إلى إعادة تنشيط المسار السياسي بعدما توصلت المجموعة الدولية كما الإقليمية لقناعة مفادها أن الوضع السوري لم يعد يحتمل الاستمرار على ما هو عليه». وأوضح أمين عام «الائتلاف» أنّ أفراده يتعاطون بـ«تفاؤل حذر مع المعطيات السابق ذكرها لأن النظام لا يزال على قناعة بأنّه قادر على تحقيق أهدافه بالحل العسكري ما دامت تسانده وتدعمه كل من روسيا وإيران». وأضاف: «تجري في الآونة الأخيرة مفاوضات جدية أميركية – تركية يسعى من خلالها الأتراك لإقناع واشنطن بأن السبيل للقضاء على (داعش) هو إسقاط النظام الذي كان السبب الرئيسي وراء تنامي الإرهاب وتمدّده، وبالتالي أي خطة للقضاء على التنظيم المتطرف يجب أن تنص أولا على القضاء على سبب وجود هذا التنظيم ألا وهو نظام الأسد». وأشار مكتبي إلى أن إقامة «منطقة عازلة» على الحدود الشمالية «خطوة واردة في الفترة المقبلة، خاصة بعد دخول الأتراك مباشرة في الحرب على (داعش)»، ولفت إلى أن «الائتلاف يدفع باتجاه إقامة منطقتين عازلتين، الأولى على الحدود الشمالية، والثانية على الحدود الجنوبية، وهما ستؤمنان عودة آلاف اللاجئين إلى داخل بلادهم، كما أنّهما ستعيدان الاستقرار إلى الحدود الأردنية والتركية». من جهة ثانية، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» في لبنان بمغادرة دي ميستورا بيروت قبل ظهر يوم أمس متوجها إلى العاصمة الفرنسية باريس لمتابعة البحث في الملف السوري، بعدما كان قد وصل إلى العاصمة اللبنانية برا من سوريا حيث أجرى سلسلة لقاءات مع المسؤولين السوريين، لكنه لم يلتق رئيس النظام بشار الأسد. وفي حين لم يتضح بعد ما إذا كان فريق عمل دي ميستورا اجتمع حقا يوم أمس السبت بفصائل بالمعارضة السورية في إسطنبول، قالت مصادر في «الجيش السوري الحر»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «جولات المبعوث الدولي المكوكية على الدول والأطراف المعنية بالأزمة السورية، إضافة إلى الاتفاق الأميركي - التركي على مواجهة (داعش)، كما الاتفاق بين الائتلاف وهيئة التنسيق على خريطة طريق للحل السياسي، كلها مؤشرات توحي بترتيبات جديدة مقبلة على المنطقة، ولعل أولى معالمها إقامة منطقة عازلة على الحدود مع تركيا». على صعيد آخر، بالتزامن مع الحراك الأممي الذي يسبق تقديم دي ميستورا تقريره إلى مجلس الأمن الأسبوع المقبل، أصدر الأسد أمس السبت عفوا عن المنشقين من الجيش السوري من الذين لم يشاركوا في العمليات العسكرية. وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن الأسد أصدر «المرسوم التشريعي رقم 32 لعام 2015 القاضي بمنح عفو عام عن جرائم الفرار الداخلي (داخل البلاد) والخارجي والجرائم المنصوص عليها في قانون خدمة العلم المرتكبة قبل 25 يوليو (تموز)». في حين نقلت وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) عن مصدر عسكري سوري أن هذا المرسوم يشمل «فقط الفارين الذين لم يشاركوا في العمليات العسكرية بعد فرارهم، والذين لم تتلطخ أيديهم بالدم». وجاء في المرسوم أن العفو يكون «عن كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي المنصوص عليها في المادة رقم 100 من قانون العقوبات العسكرية»، و«لمرتكبي جرائم الفرار الخارجي (الذين اجتازوا الحدود) المنصوص عليها في المادة رقم 101 من قانون العقوبات العسكرية». وتتعلق هاتان المادتان بالفارين من قطعهم العسكرية مع سلاح أو من دون سلاح. ولا يشمل العفو المواد الأخرى المتعلقة بالفارين الذين انتقلوا إلى صفوف «العدو» أو الذين ارتكبوا عصيانا أو غيرها من الجرائم. جدير بالذكر أن هذه هي المرة الثانية التي يصدر فيها عفو عام عن «جرائم الفرار» في سوريا خلال سنة، علما بأن العفو السابق الذي صدر في يونيو (حزيران) 2014 كان من ضمن مرسوم شامل عن المعتقلين في السجون السورية، واتسم بالاستثناءات نفسها. ويطبّق العفو في حال أقدم الفارون في داخل البلاد على تسليم أنفسهم خلال مهلة ثلاثين يوما، والموجودون خارج البلاد على تسليم أنفسهم للسلطات خلال مهلة ستين يوما. ووصف رامي الدالاتي، وهو عضو المجلس العسكري التابع لـ«الجيش السوري الحر»، العفو الرئاسي السوري بـ«الخطوة الجيدة»، مؤكدا تأييد الجيش الحر لأي «خطوة باتجاه المشروع الديمقراطي لسوريا الذي سيكون النظام والمعارضة على حد سواء مشاركين فيه». وأردف الدالاتي لـ«الشرق الأوسط»: «عاجلا أم آجلا الحل سينضح ويتبلور، وبالتالي فإن أي خطوة باتجاه لملمة صفوف السوريين مرحب بها». ولكن في المقابل، وصفت مصادر بالمعارضة السياسية العفو بـ«المصيدة الجديدة لحثّ شباب سوريا على المشاركة بقتل الشعب السوري». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن أحدا من أبنائنا لن يقع في هذه المصيدة بعدما بات الجميع على يقين بأن الأسد كان ولا يزال يعمل تحت شعار (الأسد أو نحرق البلد)، وهو لذلك استقدم آلاف المرتزقة وأنشأ الميليشيات لحماية كرسيه بعدما رفض العديد من شبان سوريا التجاوب معه وفضلوا الفرار من الخدمة الإجبارية».
مشاركة :