يبدو أن دونالد ترامب قد تمكن من خطف الأضواء في السباق إلى البيت الأبيض، بعد أن أصبح اسمه يتصدر العناوين، وبات يقدم مادة دسمة لمقدمي البرامج السياسية الساخرة، كما أفقد زملاءه الجمهوريين هدوءهم. ومنذ إطلاق حملته في 16 من يونيو (حزيران) الماضي، بدأ قطب العقارات والملياردير الفاحش الثراء في جذب اهتمام آلاف المواطنين كل يوم تقريبا، وخصوصا عندما هاجم المهاجرين المكسيكيين بكلمات قاسية، والسيناتور جون ماكين، أسير الحرب السابق. وقبل أيام فقط وصف منافسه الجمهوري ليندسي غراهام «بالوزن الخفيف كليا»، وقام في خرق واضح للقواعد السياسية المتعارفة، بتلاوة رقم هاتفه الجوال علنا أمام الجمهور. كما سخر من الحاكم السابق لولاية تكساس ريك بيري بقوله إن «قيامه بوضع نظارات هو تصرف (لكي يعتقد الناس أنه ذكي)، أكثر من كون الأمر يتعلق بتدهور بصره». ليس هذا فحسب، بل إنه هاجم حتى المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، ووصفها بـ«أسوأ وزير خارجية في تاريخ بلادنا.. وستنهزم وأنا من سيهزمها». ويجد بعض الأميركيين في تلك التصريحات العنيفة تسلية، بينما تجعل البعض الآخر يستشيط غضبا، وفي هذا الصدد قال عدد من الناخبين العاديين الذين ضاقوا ذرعا بالإدارة في واشنطن، إن ترامب يتحدث بصوتهم، بينما تواصل شبكات تلفزيون الكابل بمتابعة كل خطواته. ومن بين أبرز المؤيدين لترامب نجم كرة السلة السابق دنيس رودمان، الذي لفت أنظار الأميركيين إليه بلباسه الصارخ وبعد زيارته إلى كوريا الشمالية، حيث أعلن صراحة دعمه لرجل الأعمال الأشقر في السباق نحو البيت الأبيض. وكتب في تغريدة على «تويتر» تلقاها نصف مليون متتبع إن ترامب «صديق عظيم منذ سنوات عدة. نحن لا نحتاج لسياسي آخر، بل إلى رجل أعمال مثل السيد ترامب»، الذي أنهى أسبوعا جديدا متصدرا لاستطلاعات الرأي. وأظهر آخر استطلاع نشره موقع «يوغوف»، أول من أمس الجمعة أن نسبة التأييد لترامب بلغت 28 في المائة، متقدما بذلك بعدة أشواط عن أقرب منافس جمهوري له، حاكم ويسكونسن سكوت ووكر، مع 13 في المائة بين ناخبي الحزب. ويرى مراقبون ومحللون سياسيون أن تعليقات المرشح ترامب الوقحة، ومبادراته الغربية لا تفسح المجال لتصريحات المرشحين الآخرين، سواء كانوا جمهوريين أو ديمقراطيين. وبهذا الخصوص قال مؤسس نشرة روثنبرغ وغونزالس السياسية إن «دونالد ترامب يشفط الأكسجين من الغرفة عن جميع الموجودين». وبثت قناة «سي إن إن» قبل ثلاثة أيام مباشرة مشاهد وصوله بطائرة خاصة، كتب عليها اسمه بأحرف كبيرة ذهبية، إلى الحدود بين ولاية تكساس مع المكسيك لإدانة الهجرة غير الشرعية، والإعلان عن حبه لمواطني أميركا اللاتينية. وعلى النقيض من ذلك، فعندما أعلن حاكم أوهايو جون كاسيتش ترشحه بالكاد حظي بالانتباه. أما راند بول، المرشح الجمهوري أيضا، فقد كان مسعاه لاستعادة بعض الأضواء عقيما عندما نشر فيديو يظهره وهو يحرق كتاب قانون الضرائب المؤلف من 70 ألف صفحة. ولا يعرف الجمهوريون كيف يمكنهم ردع منافس شعبوي لا يمكن التنبؤ بأفعاله. وفي هذا الشأن قال تشاك تود، المسؤول في قناة «إن بي سي» إن «هذا ما تسعى الحملات الجدية إلى معرفته.. وهم قلقون لأنه كلما زادوا الهجوم عليه وحاولوا تهميشه، أصبح أقوى». والرجل الذي يطلق عليه «ذا دونالد»، ويقول إن ثروته تفوق عشرة مليارات دولار، يمول بنفسه حملته، ويبدو أنه يستمتع بلفت انتباه الإعلاميين إليه، حيث قال جون ستيورات، الذي يعتبر أشهر مقدمي البرامج السياسية الساخرة في تاريخ أميركا المعاصر، «شكرا دونالد ترامب لأنك جعلت الستة أسابيع الأخيرة لي أفضل ستة أسابيع في برنامجي». ويخشى بعض الجمهوريين ما ستكون عليه لهجة المناظرة المقررة في 6 من أغسطس (آب)، والتي دعي إليها أول عشرة مرشحين، بحسب الاستطلاعات. لكن بإمكان الاستراتيجيين السياسيين أن يهنئوا في نومهم، حيث أظهر استطلاع «يوغوف» أن 10 في المائة فقط من الناخبين المسجلين على لوائح الحزب الجمهوري يعتقدون أنه بإمكان ترامب الفوز بترشيح الحزب له للسباق الرئاسي. بينما يرى 36 في المائة منهم أن جيب بوش، الحاكم السابق لفلوريدا ونجل الرئيس الأسبق جورج بوش وشقيق رئيس أيضا، هو الذي يمكنه أن ينال شرف الترشيح هذا.
مشاركة :