منى زيدو تكتب: أردوغان حينما يقتل المحامين

  • 9/1/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قبل أيام توفيت المحامية آبرو تيمتك في السجون التركية بعد اضراب عن الطعام لمدة 238 يومًا. معركة الأمعاء الخاوية المستمرة في السجون التركية منذ أكثر من ثلاثة عقود لها رسالة واضحة وهي أنّ العدالة في تركيا غير متواجدة، وأن معظم من في السجون والمعتقلات التركية تم اعتقالهم لأنهم رفضوا أن ينبطحوا ويخنعوا لسياسات أردوغان الاقصائية. تركيا التي كان يفتخر بها أردوغان على أنها بلد الديمقراطية والاقتصاد الواعد في المنطقة، تحولت في الفترة الأخيرة بشكل فاضح إلى سجن كبير للشعب التركي بشكل عام. ويتم اعتقال كل من يرفض الاملاءات التي يتم فرضها على الشعب من قبل أردوغان وحاشيته.بعد أن قام أردوغان بتغيير القضاء والاستيلاء عليه وذلك بتعيين قضاة وظيفتهم الوحيدة هي التوقيع على كل ما يشرعه أردوغان بنفسه للقضاء على أية معارضة تقف بوجه تحويل المجتمع إلى مجتمع نمطي متجانس يكون فيه الكل مثل الروبوتات ينفذون ما يقال لهم فقط. ينفذون فقط من غير أن يفكروا، ومن يحاول التفكير سيكون مصيره السجون والاعتقال. أردوغان بحاجة لأشخاص أو مجتمع ينفذ ما هو مطلوب منه ويستهلك ما يتم تقديمه لهم ويضحك حينما يضحك الزعيم ويحزن ويبكي ويلطم حينما يأمر السلطان بذلك، وغذا فكر بالزواج حينها سيكون اردوغان هو الشاهد على عقد القران هذا وحتى أنه إذا فكر أحد بالانتحار من أعلى كوبري كان، فسترى أردوغان ظهر فجأة ومن دون قصد يهرول لينقذ المنتحر الذي بدوره يشكر أردوغان على إنقاذه من الموت ويقبل يديه، مسرحيات كثيرة من هذا القبيل قام بها السلطان أردوغان ليجعل من نفسه المخلص والمنقذ بالنسبة للذين يعيشون اليأس والقنوط. أما لمن يفكر ويدرك حقيقة أردوغان فستحل عليه لعنة السلطان ويموت من دون أن يسأل عنه أحد وبقدرة الرب يختفي المنقذ ولا يراه أحد. آبرو المحامية ليست المرأة الأولى التي تتوفى في السجون ولن تكون الأخيرة بكل تأكيد. فقد سبقتها قبل خمسة أشهر هيلين بولاك بعد إضراب عن الطعام استمر نحو 300 يوم ضمن معركة الأمعاء الخاوية التي أعلنتها مع زميلها في فرقة يوروم الموسيقية إبراهيم غوكتشك، وأيضًا كان قبلهم النائبة ليلى كوفن التي بدأت إضرابًا عن الطعام في 2018 مع أكثر من ثلاثة آلاف معتقل آخر، رافضين شروط وأسباب وأساليب اعتقالهم التعسفية ودعوا إلى تطبيق العدالة في تركيا عامة وليس في السجون فقط، لأنه حسب قولهم أن تركيا بجغرافيتها حولها اردوغان إلى سجن كبير لا يمكن العيش فيه بحرية. ولكنها بنفس الوقت حديقة لكل من يصفق للسلطان اردوغان وحتى إن ارتكب الكبائر من المحارم كالزنا والقتل والاتجار بالبشر والمخدرات، كل ذلك يتم العفو عن مرتكبيها بالسجون الاردوغانية.السجون في تركيا هي أماكن اعتقال كل من يرفض السلطة ومن يتربع عليها في تركيا، وهذا الأمر ليس بجديد حيث اعدام دنيز كجميش وحتى حالات الانتحار والحرق والموت وخاصة في أعوام الثمانينيات في سجون ديار بكر، والتي أرادت تركيا تحويل السجون لأماكن ترويض الثوريين، إلا أنهم حولوها إلى أكاديميات للمقاومة كما فعلها مظلوم دوغان ورفاقه حينما اطلقوا شعار "المقاومة حياة". بهذه الروح المقاومة لم تعد السجون ترعب وترهب من يعارضون أردوغان وسياساته الفاشية من الشعب التركي والكردي في تركيا.آبرو ربما كانت المحامية التي تبحث عن العدالة في تركيا أصبحت ضحية اللا عدالة في دولة السلطان اردوغان الذي يدعي الايمان وأنه المنقذ والمخلص بالنسبة للقطيع المنافق الذي يسير خلفه. والعدالة أهم من الايمان بكثير لأنه بالعدالة يحيا الانسان والعدالة هي أساس الحياة ومعناها وبعد ذلك تأتي المصطلحات الأخرى من قبيل الايمان والدين والحرية والكرامة والاقتصاد. فلا قيمة لهذه المصطلحات من دون عدالة.فحينما توجه أصحاب الرسول عليه السلام إلى الحبشة لم يكن فيها ملك مؤمن، بل كان فيها ملك عادل. ولهذا نقول لكل من يعشق ايمان ودين وصلاة وسلطنة وخلافة أردوغان بأن يبحثوا عن عدالته وليس عن ايمانه. وفي هذه النقطة بالذات ينخدع القطيع ولا يفرقون ما بين العدالة والايمان. وشتَّان ما بينهما، وبنفس الامر شتَّان ما بين الحر الثائر الذي سيبحث عن العدالة ويكون ضحية لها وما بين الذين يبحثون عن الايمان ويكونون قطيعًا فيه.

مشاركة :