باريس - يغيب نجوم هوليوود هذه السنة عن مهرجان البندقية السينمائي بسبب جائحة كوفيد – 19، مما يتضارب مع طموحه ليصبح منصة انطلاق نحو جوائز الأوسكار، هو الذي شهد في دوراته السبع والسبعين مرور كبار الممثلين والمخرجين الأميركيين على سجادته الحمراء، كمارلون براندو ومارتن سكورسيزي وروبرت دي نيرو. وسيكون مهرجان البندقية، وهو أقدم مهرجان سينمائي في العالم، أول حدث سينمائي ذي حجم دولي يقام منذ بداية الأزمة الصحية العالمية، بعد إلغاء أهم المهرجانات، وبينها مهرجان كان، المنافس المباشر له، في مايو الفائت. وانطلاقاً من أهمية هذا الحدث السينمائي العالمي السنوي، يشارك في افتتاح المهرجان مديرو أكبر ثمانية مهرجانات في أوروبا التي تتنافس سنويا لجذب أفضل الأفلام، بينها مهرجانا كان وبرلين، تعبيراً عن “التضامن مع صناعة السينما العالمية” في خضمّ الأزمة التي تعانيها. ويتنافس 18 فيلماً على انتزاع جائزة “الأسد الذهبي” التي حازها فيلم “جوكر” لتود فيليبس عام 2019، قبل أن يفوز بعد خمسة أشهر بجائزتي أوسكار، إحداهما جائزة أفضل ممثل لخواكين فينكس. وبين الأفلام المتنافسة في البندقية، واحد فرنسي، وآخر هندي، وأربعة أفلام إيطالية… أما الأفلام الأميركية فقليلة جداً. وليس في لائحة المتنافسين أيّ من أسماء هوليوود الكبيرة، إذ يقتصر تمثيل الولايات المتحدة على مخرجتين فحسب. فالصينية الأميركية كلويه زهاو، صاحبة الفيلم المستقل “ذي رايدر”، ستقدم في البندقية فيلمها “نومادلاند”، وهو فيلم عن بدوية من العصر الحديث في نيفادا، تؤدي دورها الممثلة الحائزة على جائزة أوسكار فرانسس ماكدورماند، في حين تقدم مخرجة أقل شهرة هي النرويجية مونا فاستفولد فيلم “ذي وورلد تو كوم”. عودة المهرجان لها ثمنها، إذ ستتخذ إجراءات أمنية وصحية غير عادية ستطبق بصرامة لضمان سلامة جميع المشاركين عودة المهرجان لها ثمنها، إذ ستتخذ إجراءات أمنية وصحية غير عادية ستطبق بصرامة لضمان سلامة جميع المشاركين ومن خارج المسابقة، يبرز فيلم “وان نايت إن ميامي” من إخراج الممثلة الأميركية الأفريقية ريجينا كينغ، ويتناول بدايات الملاكم كاسيوس كلاي (الذي سيصبح اسمه محمد علي) ومالكولم إكس. وتكمن أهمية الفيلم في تزامنه مع موجة الاحتجاجات والتظاهرات التي تهز الولايات المتحدة ضد العنصرية وعنف الشرطة بحق السود، قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية الأميركية. ومع أن نجمة هوليوودية هي الأسترالية كيت بلانشيت تتولى رئاسة لجنة التحكيم هذه السنة، ثمة اختلاف كامل مع العام الفائت، حين استقطب مهرجان البندقية، إضافة إلى “جوكر”، فيلم الرحلة الفضائية “أد أدترا” للمخرج جيمس غراي مع براد بيت، وفيلم “ذي لاوندرومات” لستيفن سودربرغ. وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، سيتيح مهرجان البندقية لعالم السينما متابعة مرور النجوم مجدداً على السجادة الحمراء، وستشهد صالات جزيرة ليدو عودة العروض العالمية الأولى. لكنّ لهذه العودة ثمنها، إذ ستتخذ “إجراءات أمنية غير عادية، ستطبق بصرامة لضمان راحة البال لجميع المشاركين من دون أي مخاطرة” وفق قول المدير الفني للمهرجان ألبرتو باربيرا. ولاحظ باربيرا مهندس “قصة الحب” بين مهرجان البندقية وهوليوود في السنوات الأخيرة، أن “بعض الأفلام المهمة ستغيب، إذ تحول دون مشاركتها تدابير الحجر التي لا تزال تلقي بثقلها على برمجة إطلاق الأفلام الهوليوودية المنتظرة”. وأضاف “لن يتمكن بعض أعضاء فرق عمل الأفلام المشاركة من الحضور، بل سيتاح لهم الإدلاء بمداخلات تبث عبر تقنية الفيديو”. وأشار باربيرا إلى أن “المكوّن النسائي كان يقتصر إلى الآن على نسبة مخجلة”، آملا بالتأكيد في وضع حد للجدل الذي شهدته الدورات السابقة للمهرجان. وتعرض الأفلام السينمائية على المنصات الأميركية للبث التدفقي أو الفيديو على الطلب كمنصة “نتفليكس”، وهو ما ينتقده قسم من العاملين في المهنة. ويندرج مهرجان البندقية في روزنامة المهرجانات التي تسبق موسم الجوائز الإنجلوساكسونية، وكان يُعتَبَر بمثابة “غرفة انتظار” لجوائز الأوسكار، إذ يقام كمهرجان تورونتو في توقيت مثالي في سبتمبر، في حين أن مهرجان كان يقام في توقيت مبكر بالنسبة إلى هذه الجوائز، بينما توقيت مهرجان برلين متأخر، إذ يقام في فبراير. ومن الأفلام التي عرضت أو نالت جوائز في البندقية قبل أن تفوز بجوائز أوسكار بعد أشهر، “غرافيتي” و”روما” لألفونسو كوارون، و”لالا لاند” لداميان شازيل، و”ثري بيلبوردس” لمارتن ماكدوناه. ولكن هذه السنة، بين القيود الصحية على السفر، وصالات السينما التي أقفلت على مدى ثلاثة أشهر في الولايات المتحدة، باتت لدى شركات الإنتاج هموم أخرى. وفي ظل هذا الركود، أرجئ إطلاق كل الإنتاجات السينمائية الكبرى، وفي مقدمها “تينيت” لكريستوفر نولن، الذي أطلق هذا الأسبوع في أكثر من 70 بلدا بعد طول انتظار، وفيلم جيمس بوند الجديد، والجزء التاسع من “فاست أند فوريوس” وكذلك “ووندر وومن 1984”. أما شركة “ديزني” فأعادت توجيه فيلمها “مولان” نحو منصات البث التدفقي، في حين أرجئ احتفال توزيع جوائز الأوسكار إذ سيقام في 25 أبريل 2021. وشاءت سخرية القدر أن مهرجان كان المنافس لمهرجان البندقية، والذي اضطر إلى إلغاء دورته الميدانية، تمكن من استقطاب إنتاجات هوليوودية إلى برنامجه هذه السنة، بينها الفيلم التحريكي “سول” من إنتاج شركة “بيكسار”، وفيلم “ذي فرنش ديسباتش” لويس أندرسون، اللذان أدرجا ضمن اللائحة الرسمية لمسابقته.
مشاركة :