كشفت دراسة جديدة أن البصل الإيراني، المعروف باسم الكُراث الفارسي، يساعد في تعزيز عمل المضادات الحيوية ويقلل من مقاومة الدواء، وفق ما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”. ويعتقد الباحثون أن المواد المضادة للبكتيريا المستخلصة من ذلك البصل صغير الحجم والذي يشبه فصوص الثوم الكبيرة ويشتهر باسم الكُراث الفارسي، يمكنها زيادة فعالية أدوية المضادات الحيوية الموجودة حاليا لعلاج مرض السل. وقالوا إن هذا قد يساعد في “عكس اتجاه” مقاومة الجسم لأدوية مرض السل، الذي أصاب 490 ألف شخص في العالم خلال 2016، بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية. لكنهم قالوا إن الأبحاث مازالت في مراحلها المبكرة وهناك حاجة لإجراء تجارب سريرية لتأكيد هذه النتائج. وأجرى فريق الباحثين من كلية بيربيك في جامعة لندن وجامعية كوليدج لندن، اختبارات على أربعة جزيئات مختلفة من الشالوت أو الكراث الفارسي، الذي يستخدم بصورة أساسية في المطبخ الإيراني. ووجدوا أن الجزيئات الأربعة أظهرت انخفاضا ملحوظا في وجود البكتيريا المقاومة للأدوية المضادة للسل Multidrug-Resistant TB، مما يجعل هذه الجزيئات مرشحة بقوة للاستخدام في إعاقة نمو خلايا السل المعزولة بنسبة أكثر من 99.9 في المائة. وخلص الفريق إلى إمكانية استخدام المركبات الكيميائية مع المضادات الحيوية الموجودة لمحاربة سلالات السل التي تطور مقاومتها للأدوية المضادة للبكتيريا. وقال الدكتور سانجيب باكتا، من إدارة العلوم البيولوجية في بيركبيك، إنه على الرغم من الجهود العالمية الكبيرة للحد من انتشار مرض السل، إلا أن هذا لم يمنع من وجود 10 مليون إصابة جديدة ووفاة مليوني شخص بسبب المرض، في 2016. وأوضح أنه في إطار البحث عن مضادات جديدة للبكتيريا، نتجه للتركيز على الجزيئات القوية بصورة كافية لتطويرها تجاريا لتصبح أدوية جديدة مستقلة بذاتها. وأضاف أنهم في هذه الدراسة أظهروا أنه من خلال تعطيل عمل خصائص المقاومة الرئيسية لدى مرض السل، فإن “إحدى الجزيئات يمكنها زيادة تأثير المضادات الحيوية الموجودة وعكس الاتجاه السائد حاليا لمقاومة الأدوية”. ومن جانبه يوضح البروفيسور سيمون جيبسون، مشارك أخر في الدراسة ورئيس إدارة المنتجات الدوائية والكيمياء البيولوجية في جامعة كوليدج لندن، أن المنتجات الطبيعية المستخلصة من البناتات والميكروبات لديها إمكانيات هائلة كمصدر للمضادات الحيوية الجديدة. وقال: “من المرجح أن نباتات مثل الكُراث الفارسي تنتج هذه المركبات الكيميائية كوسيلة دفاعية ضد الميكروبات الموجودة في بيئته الطبيعية”. وتعد قضية مقاومة الأمراض للمضادات الحيوية هامة وحساسة، وطالب خبراء وباحثون قادة العالم بأخذ هذه القضية على محمل الجد ومواجهة تنامي مخاطر مقاومة المضادات الحيوية. ويقول خبراء إن هذه الأدوية تستخدم بصورة كبيرة جدا، ويموت سنويا في أوروبا 25 ألف شخص جراء العدوى المرتبطة بمقاومة الأدوية. وأعرب الباحثون عن أملهم في أن تساهم المركبات التي جرى اختبارها معمليا، في العمل مع المضادات الحيوية الموجودة لتكوين مركب طبي جديد يقضي على مرض السل.
مشاركة :