تعود الحصون والقلاع الأثرية في قمم جبال منطقة عسير بذاكرة السياح والزوار إلى مراحل التاريخ الذي عاشته المنطقة، وتجسّد الحياة الاجتماعية والثقافية التي كان يعيشها أهالي عسير؛ كونها ارتبطت بحضارة إنسانية ضاربة في أعماق التاريخ، وبرزت تلك التفاصيل في التنوع الذي شكّله البناء الهندسي لتلك الحصون والقلاع، فبدت كلوحة فنية فائقة الجمال امتزجت بألوان الجبال والطبيعة الخلابة التي تشتهر بها المنطقة.اهتمام حكوميوتحظى الحصون والقلاع باهتمام حكومي من أعلى المستويات الرسمية، حيث وجّه صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال أمير منطقة عسير، مؤخرًا، أمانة المنطقة وبلدياتها بتنفيذ أعمال تطوير القلاع والحصون التاريخية في جميع مدن ومحافظات ومراكز منطقه عسير، وذلك بإعادة مسمياتها التاريخية، وتنفيذ مشروعات الإنارة لها.ووصف سموه الحصون والقلاع بأنها «في القمة حارس القرية الذي لا ينام، وشعار قوتها بين الأنام، وفي الوادي مخزن البر، ومستودع السنابل، وحامي الحقول».حجز الزاويةويمثل الأهالي حجز الزاوية في إعادة إعمار تلك الحصون العريقة، التي يصل بعضها إلى 6 أو 7 أدوار، حيث شهدت السنوات الأخيرة توجّهًا كبيرًا من مالكي بعض الحصون والبيوت الأثرية لإعادة إعمارها حسب الإمكانات المتاحة والاستعانة بمعماريين من أصحاب الخبرة.مقاومة العدوانويشير الباحث في التراث المعماري د. علي مرزوق، إلى أن بناء الحصون في منطقة عسير يرمز قديمًا إلى الدفاع ضد أي عدوان يواجه المنطقة التي يوجد بها هذا الحصن، أو تخزين الحبوب والعلف وإيواء الأنعام وما شابهها، كذلك تعتبر رموز ملكية للأراضي الرعوية والزراعية التي تُبنى عليها، إضافة إلى أنها علامات طرق للمسافرين، وقد تستخدم لمراقبة المزارع وحراستها، إضافة إلى السكن، كما يؤكد عدد من الباحثين في التراث العمراني أن إعمار بعض هذه الحصون والقلاع يعود إلى أكثر من 300 عام، ورغم ذلك لا تزال صامدة أمام تغيّرات الزمن بكل شموخ، وهو ما جعل الكثير من الأجيال الحالية تتساءل: كيف تمّ بناء هذه الروائع العمرانية؟
مشاركة :