مساحيق التفتيح تسمم بشرة السودانيات وأفكارهن | | صحيفة العرب

  • 9/2/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

دشّن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حملات توعوية لمحاربة ظاهرة انتشار مساحيق تفتيح البشرة في الأسواق السودانية، لاسيما وأن أغلبها مغشوشة وتحمل أضرارا غير متناهية على صحة السودانيات، وتسعى جل المبادرات إلى إقناع الفتيات بالإقلاع عن استخدام المبيضات وتثبيت الهوية السودانية التي تعج بدرجات الألوان الداكنة. الخرطوم - امتدح الغناء الشعبي لسنوات طويلة البشرة السمراء بوصفها العلامة الحصرية للجمال، لكن مؤخرا غزت الأسواق السودانية مساحيق تبييض البشرة، وانتشرت كالنار في الهشيم، ما أنتج ظاهرة مزعجة ومقلقة، أفرزت أضرارا صحية ونفسية على الفتيات. ويندر خلال العقود الماضية أن تجد فنانا أو شاعرا سودانيا، لم يزهو ويتغنى باللون الأسمر لمحبوبته، غير أنه في الوقت الحالي من الصعوبة بمكان، خلو الأسواق السودانية، من محل لبيع مساحيق التبييض. واللافت جدا، وجود فتيات في الشارع، أو المواصلات العامة، شوَّهت بعض مساحيق التبييض وجوههن، وجعلت بشراتهن “خاطفة لونين”، ما يُثير الشفقة والسُخرية في أعين الناظرين. والمُشكلة ليست فقط في انعدام ثقة الفتيات في لونهن، بل إن أغلب المساحيق “مغشوشة”، وتتسبب في أضرار صحية ونفسية بالغة التعقيد. من المعروف أن السودان يضم قبائل عربية وأفريقية، إلا أن تاجر مساحيق التجميل، حمزة آدم، أرجع أسباب إقبال الفتيات على مساحيق تفتيح البشرة، إلى نظام “المؤتمر الوطني” (النظام الحاكم السابق). ناشطون على مواقع التواصل يدشنون حملات لإقناع الفتيات بالإقلاع عن استخدام مساحيق تفتيح البشرة وقال آدم إن الحزب “كرَّس التفرقة والعنصرية بين أبناء الوطن الواحد، ما جعل المجتمع السوداني يُفضل ألوان البشرة البيضاء دون بقية الألوان الأخرى”. وأضاف أن “القبول للوظائف في عهد نظام المؤتمر الوطني ارتبط بشكل الشخص ولونه وجهته، وليس إمكانياته وقدراته ومهاراته”. ولفت آدم إلى أن “مجالات الإعلام والفن والموسيقى في السودان، دائما ما تشترط على الفتيات اللون الأبيض للبشرة، وليس الإمكانيات والقدرات للالتحاق بالوظيفة”. ولا توجد أي أرقام رسمية عن نسبة استعمال تلك المساحيق في السودان، كما أن أغلبها لا يخضع لرقابة، ما يجعل من الصعب حصر حجم المبيعات. وتنتشر في كل مدن البلاد محال تُعرف شعبيًا باسم “قدر ظروفك” تبيع مساحيق التبييض بأسعار زهيدة، لكنها في الغالب مغشوشة، ولا يعرف حتى جهة تصنيعها. والأكثر ضررا في هذه المحال، أن أغلب أصحابها يقومون بوضع التركيبة بأنفسهم، من دون أي معايير علمية ومعملية، مستغلين أنها تحظى برواج عند زبائنهم، من دون أي اعتبار للضرر الذي تسببه. أصحاب المحال يضعون التركيبة بأنفسهم دون أي معايير علمية ومعملية أصحاب المحال يضعون التركيبة بأنفسهم دون أي معايير علمية ومعملية ورغم المكافحة الرسمية لهذه المساحيق، إلا أنها تجد طريقها إلى البلاد بالتهريب، لاسيما من دول غرب أفريقيا. وبحسب إحصاءات رسمية، استقبل مستشفى الخرطوم للأمراض الجلدية، خلال عام واحد، نحو 21 ألف حالة تشوهات بسبب تلك المساحيق. وخلال منتدى سابق نظمته وزارة الصحة السودانية لمناقشة القضية، قدَّر استشاري الأمراض الجلدية صافي الدين علي النور، نسبة استعمال مساحيق التبييض وسط الفتيات والنساء بـ50 إلى 70 في المئة. وأوضح الاستشاري أن “النسبة المفزعة تزيد في المناطق التي تتدنى فيها مستويات الوعي مثل الأرياف والأحياء الشعبية”. وأشار النور إلى أنه من المؤسف أن هذه المحال “تبيع نحو 100 صنف تحتوي مواد سامة ويستغل تجارها جهل الفتيات لإقناعهن بأنها طبيعية”. ووفقا لاستشاري الأمراض الجلدية، فإن مادة (توكسيك) وهي من بين المواد السامة، “تحدث الأثر المطلوب في التبييض، خلال أيام معدودة، لكنها شديدة السمية، وكذلك مادة الزئبق ومركبات الكورتزون والهيدروكوينون”. ولفت إلى أن “بعض المصانع العالمية، التي منعت من استخدام الزئبق، حولت صناعتها إلى أفريقيا لانعدام الرقابة”. PreviousNext ودشن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، حملات توعوية لمحاربة ظاهرة استخدام مساحيق تفتيح البشرة، لأضرارها غير المتناهية على صحة جسد الفتيات في السودان. وأطلق الناشط أحمد عبدالرحمن، مبادرة عبر إنشائه غروب “ما تفسخي يا بتنا” على فيسبوك، بهدف حماية بشرة البنات السودانيات وتشجيعهن على المحافظة على بشرتهن على طبيعتها. وتهدف المبادرة أيضا إلى نشر التوعية والإرشادات والمحافظة على السِحنة والهوية السودانية. وأفاد عبدالرحمن أن المبادرة “تهدف لإرجاع الثقة للفتيات السودانيات، في لونهن الأسود، أو درجات الألوان الداكنة باعتبارها ألوانا جميلة ولا تحتاج إلى تغيير، مهما كانت الضغوط المجتمعية التي يتعرضن لها عند الدخول إلى الجامعات، أو التقدم في مسيرة الحياة العملية”.ونوّه إلى أن فكرة المبادرة، “عبارة عن تغيير اجتماعي، تحتاج إلى زمن وجهد من كل المؤسسات الرسمية والمدنية”. حملة واسعة للمحافظة على السِحنة والهوية السودانية حملة واسعة للمحافظة على السِحنة والهوية السودانية ولفت عبدالرحمن إلى أن الحملة “وجدت تجاوبا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وحصدت في اليوم الأول لإطلاقها ألف إعجاب ‘لايك’، ووصلت إلى 65 ألف متابع في السودان ومصر والولايات المتحدة وبقية الدول الأخرى”. وتابع أن الحملة “وجدت انتشارا كبيرا، لاسيما في العاصمة الخرطوم، وكان التلويح من المواطنين من داخل المواصلات العامة بعلامة رفع الإصبع بإشارة (لايك)، وتعني الإعجاب بالحملة”. ويعتبر عبدالرحمن أن الأسباب التي تدعو الفتيات لتغيير لون بشرتهن، “تتمثل في الترويج الكبير في التلفزيونات ومواقع التواصل الاجتماعي، بأن اللون الأبيض يمثل رقم واحد في العالم”. وترى الناشطة النسوية رؤى ماهر، أن “هدف مبادرة (ما تفسخي يا بتنا) جميل ونبيل، خاصة وأن الفتيات بدلا من اللجوء لتفتيح ألوان بشرتهن درجة أو درجتين نسبة لأجواء السودان الحارة، يلجأن إلى التبييض، ما يجعل اللون غريب جدا”. وأضافت ماهر أن المبادرة “توضح بشكل كبير أسباب تفتيح البشرة التي ترتبط بعدم الثقة في النفس والهوية والعرق الأفريقي، خاصة وأن السودان يضم ألوانا متعددة”. جمال السمراء تغنى به كبار الشعراء جمال السمراء تغنى به كبار الشعراء وقالت “نحن في السودان لدينا أشخاص لديهم عقدة اللون الأبيض، فالغالبية تريد تغيير لونها إلى الأجمل، لكن التغيير إلى درجة سلخ الجلد مسألة غير جيدة”. وتابعت ماهر “أنا ضد تغيير لون البشرة، لأنها تحتوي على آثار جانبية وتؤثر على صحة الفتيات وتسبب السرطانات في المستقبل، وأنا مع الاهتمام بالبشرة لكن بمساحيق طبيعية”. وسبق أن دشنت طالبات في كلية الصيدلة بجامعة الخرطوم، مبادرة عنوانها “بشرتي لونها لون الذهب”، لمكافحة ظاهرة استخدام مساحيق التبييض، والمحافظة على البشرة الطبيعية. ورغم الاستجابة التي حظيت بها المبادرة الحالية، والمبادرات الأخرى، إلا أنها تبقى محدودة، ولا يزال هناك الكثير لفعله من أجل إقناع الفتيات بالإقلاع عن استخدام المبيضات كما يأملن طالبات الصيدلة.

مشاركة :