اختفى المئات من الصحافيين في سوريا والعراق ولبنان في السنوات الماضية، وبينما بقي مصيرهم مجهولا، تلاحق عائلاتهم أي خبر أو معلومة لمعرفة ما حلّ بهم، فجاءت حملة #مفقودون_وليسوا_منسيين لإعادة قضيّتهم إلى الواجهة والضغط على الحكومات لمتابعتها ومحاولة الكشف عن مصيرهم. نيويورك - أطلقت لجنة حماية الصحافيين الدولية حملة #مفقودون_وليسوا_منسيين للضغط على السلطات للتحقيق في حالات ما لا يقل عن 64 صحافياً تعرضوا للاختفاء القسري في العالم، خصوصاً الذين اختفوا في العراق وسوريا ولبنان خلال النزاعات والفوضى في السنوات الأخيرة ويشكلون حوالي ثلث مجموع الصحافيين المختفين في العالم. وأكدت اللجنة أن “نقص المساءلة في حالات اختفاء الصحافيين هو أمر مخيف لحرية الصحافة ومدمّر لأسر الصحافيين”، إذ أن إفلات الجناة من العقاب لطالما كان حافزا للجهات المعادية للصحافيين لارتكاب الجرائم ضدهم. وتنشر الحملة الدولية خارطة تفاعلية تُبرِز الصحافيين الذين اختفوا في الشرق الأوسط، إحياءً لليوم الدولي للمختفين الذي يصادف 30 أغسطس من كل عام. وتركز على عائلات الصحافيين المفقودين، إذ غالبًا ما تُترك الأسر دون دعم أو أي معلومة من قبل الجهات الحكومية المعنية. وتبقى أسئلة أهلهم دون إجابة، يلهثون وراء الشائعات لسنوات بحثًا عن أحبائهم، وبحثًا عن الحقيقة حول ما حدث لهم. وتعرض لجنة حماية الصحافيين إحدى قصص الصحافيين المختفين في كل يوم من أيام الحملة التي تمتد 19 يوماً. وبدأت بقصة المصور الصحافي اللبناني سمير كساب الذي اختفى مع المراسل الموريتاني إسحاق مختار في سوريا سنة 2013 بينما كان يغطي الأخبار من مدينة حلب. وكان الصحافيان يقومان بواجبهما المهني لصالح قناة “سكاي نيوز عربية” ويعدّان تقريراً عن عيد الأضحى في مدينة حلب. ومنذ العام 2013، تبذل جهود حثيثة لتحديد ملابسات ما حصل معهما ومن قبض عليهما، ولإطلاق سراحهما، دون نتيجة بحسب ما ذكرت عائلة كساب. وفي أكتوبر الماضي أطلقت عائلة كساب، نداءً جديداً للحصول على معلومات عن مصيره ومكان وجوده بعد مرور ست سنوات على اختفائه. وقد رفعت لوحتين إعلانيتين كبيرتين في بيروت ومحيطها لتجديد جهود البحث عنه. وقالت والدته ماغي كساب “كانت هذه السنوات الست مؤلمة جدا منذ آخر اتصال بسمير. ستة أعوام من الانتظار والأمل. نريد فقط أن نعرف أين ابننا وأن نعيده إلى منزله آمنا”. وأوضحت كروتني رادستش، مديرة قسم الدعوة والمناصرة في لجنة حماية الصحافيين “ستسلط حملة #مفقودون_وليسوا_منسيين الضوء على صحافيين شجعان من قبيل سمير كساب، وستضغط على السلطات لإجراء تحقيقات، إذ يحق لأسر الصحافيين أن تعرف الحقيقة”. عائلات الصحافيين المفقودين تلهث لسنوات وراء الشائعات بحثا عن أحبائها، وبحثا عن حقيقة ما حدث لهم وأضافت “نتيجة لاختفاء الصحافيين تظل قصص مهمة كثيرة دون تغطية صحافية. أما الحكومات، فمن خلال ترك العديد من الأسئلة دون إجابات، فإنها ترسل رسالة واضحة إلى الصحافة العاملة بأنه يمكن إسكاتها هي أيضاً”. ونتج عن النزاع في سوريا والعراق عدد كبير من حالات اختفاء الصحافيين وسجنهم وقتلهم. فمنذ عام 2011، قُتل ما لا يقل عن 137 صحافياً في سوريا، في حين قُتل ما لا يقل عن 189 صحافياً في العراق منذ عام 2003. كما أُجبر عشرات الصحافيين على العيش في المنفى. ومعظم حالات اختفاء الصحافيين هي لأولئك المختفين داخل بلدانهم، ولكن سوريا سجلت أعلى عدد من الصحافيين الأجانب المختفين. وفي العراق يتواصل حتى الآن اختفاء الصحافيين بعد انطلاق المظاهرات العراقية، ومنذ مارس الماضي ما يزال مصير الصحافي توفيق التميمي مجهولا. ويعمل التميمي صحافيا ومسؤول صحف المحافظات في جريدة الصباح شبه الرسمية. وقبل يومين من اختفائه، نشر على صفحته على فيسبوك صورة لنفسه مع الناشر والكاتب مازن لطيف، الذي اختفى في 1 فبراير 2020 ودعا إلى إطلاق سراحه. كما أعرب التميمي عن دعمه للاحتجاجات العراقية، وقبل اختطافه بقليل، انتقد سوء الإدارة الاقتصادية للحكومة. وفي 9 مارس، كان التميمي ذاهباً للعمل صباحا برفقة سائقه، عندما أوقفهما مسلحون مجهولون يرتدون ملابس مدنية ومقنعين. وسرقوا هواتفهما المحمولة واختطفوا التميمي تحت تهديد السلاح، وأجبروه على دخول إحدى سياراتهم. ثم اقتيد إلى مكان مجهول بينما أطلق سراح سائقه. وعلى الرغم من أن عائلة التميمي لم تتلق أي معلومات تتعلق بالجناة المسؤولين عن اختفائه القسري، إلا أنها تعتقد أنه اختطف من قبل ميليشيا تعمل بتفويض أو دعم أو موافقة أو إقرار من الدولة نتيجة للتعليقات التي أدلى بها على فيسبوك. في 10 مارس 2020، قدمت عائلة التميمي شكوى في مديرية مكافحة الجريمة، ولكن من دون جدوى. في نفس اليوم، أعرب سفير المملكة المتحدة لدى العراق ستيفن هيكي عن قلقه بشأن اختطاف التميمي على تويتر. وعلى الأخص حث السلطات العراقية على إجراء تحقيق فوري. وقد ظلت لجنة حماية الصحافيين تدعو إلى إجراء تحقيقات بشأن حالات الاختفاء هذه، بما في ذلك دعوات موجهة إلى الأمم المتحدة، وأثناء المهمات الدولية التي قامت بها اللجنة. ويوفر قسم الطوارئ التابع للجنة حماية الصحافيين نصائح بشأن السلامة ويساعد الصحافيين الذين يواجهون ظروفاً حرجة، وعمل مؤخراً على تقديم المساعدة لحوالي 60 صحافياً سورياً وأفراد عائلاتهم للنجاة من أوضاع خطيرة وإعادة توطينهم في أوروبا.
مشاركة :