«الرجل الصخرة».. عندما تتحول العضلات إلى عظام!

  • 9/4/2020
  • 02:34
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن خيالاً محضاً سيناريو فيلم (الخارقون الأربعة) الذي عرض في العام 2005 ويحكي قصة أربعة شبان تعرضوا لأشعة كونية غريبة أثناء مهمة خطيرة في الفضاء، تسببت في تحولهم إلى أربعة خوارق ذوي قدرات غير عادية، إذ تحول أحدهم إلى (الرجل الصخرة) ليصبح ذا قوة مهولة. والأعجب أنه بعد عرض الفيلم بعام واحد فقط، اكتشف الأطباء «متلازمة الرجل الصخرة»، ولا يزال الطب يجري اختبار 3 أدوية تجريبية على البشر كعلاج محتمل للمرض، ما يبعث أملاً جديداً للأشخاص الذين يعانون من الاضطراب الوراثي النادر الذي يحوّل الأنسجة إلى عظام.وعلى الرغم من التقدم الطبي المذهل في الوقت الحالي، إلا أن هناك بعض الأمراض لا علاج لها حتى الآن، ولا تزال تخضع للعديد من التجارب، وينفق عليها المليارات من أجل التوصل إلى علاج، ومنها متلازمة «الرجل الصخرة».وهو مرض شديد الندرة يصيب النسيج الضام، وتحدث طفرة في طريقة إصلاح الضرر بالنسيج الضام بما فيه العضلات، الأوتار والأربطة إذ تتحول الأنسجة إلى عظم في حال إصابتها أو تضررها، وفي كثير من الحالات، تتسبب الإصابات في المفاصل بتوقف المفصل تماماً عن الحركة، وتفشل عمليات إزالة العظم الجديد الزائد في علاج الحالة ويقوم الجسم «بمعالجة نفسه» بتكوين عظم جديد في مكان الجرح.الأعراض والعلامات ودواء سمك القرشتؤكد استشارية المخ والأعصاب الدكتورة حصة العتيبي أن سبب المرض غير معروف، إذ يولد الأطفال المصابون بتشوهات في إبهام القدم، فقد يكون غائباً تماماً أو موجوداً مع نتوء ملحوظ وما يساعد على تشخيص المرض واستبعاد الكثير من أمراض العمود الفقري الأخرى، وتبدأ أعراض الخلل غالباً قبل سن العاشرة، ويبدأ تكوين العظم الجديد من أعلى الجسم إلى أسفله، تماماً كترتيب عملية تكوين العظم أثناء الحياة الجنينية، ويعاني الطفل المريض من تكوين عظام جديدة بدءاً من الرقبة، الكتفين، الذراعين، فالصدر ثم الساقين، ويقع الضرر على منطقة محور الهيكل العظمي ثم ينتقل إلى الأطراف، وليس من الضروري أن تحدث الإصابة بهذا التسلسل، فأحياناً تظهر بعض النتوءات في أماكن إصابة العظام والمفاصل بشكل مفاجئ ما يُفقد المفصل المصاب قدرته على الحركة، بما في ذلك مفاصل الفكين ويسبب صعوبات في الأكل والكلام.وتضيف العتيبي أن تكوين عظام جديدة حول ضلوع القفص الصدري يتسبب في تضييق حركة الصدر وكثير من أمراض الرئة والتنفس. والمثير أن عضلات الحجاب الحاجز، اللسان، العضلات المحركة للعين، عضلات القلب والعضلات الملساء تظل سليمة تماماً. وبسبب ندرة المرض فإن الكثير من الحالات يتم تشخيصها بشكل خاطئ كسرطانات أو تليفات، ما يجعل الطبيب يلجأ إلى طلب عينة من مكان الإصابة، والذي بدوره قد يزيد من تكوين العظم وتدهور حالة الجزء المصاب، والخلل يحدث بسبب جين سائد موجود على الصبغي الجسدي، وفي الحالة الطبيعية يتوقف عمل الجين المسؤول عن تكوين العظام بعد تمام تكوين عظام الجنين، وفي هذا المريض يبقى الجين نشطاً بعد الميلاد، والخلل الجيني نادر جداً ويحدث في 1 من كل 2 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وتحدث معظم الحالات بسبب طفرة تلقائية بالأمشاج، ولا يظهر في التاريخ الأسري لمعظم المرضى، ومعظم المرضى يختارون ألا ينجبوا أطفالاً كي لا ينقلوا المرض وراثياً.وتواصل استشارية المخ والأعصاب: لا يوجد علاج شافٍ لهذه الحالة، وأي محاولات لإزالة العظم المتكون حديثاً قد يزيد من تدهور حالة الجزء المصاب وتكوين عظام أكثر، ففي عام 1999 اكتشف مجموعة من العلماء أن مادة (سكوالامين) المستخلصة من أنسجة بعض أنواع أسماك القرش، تمنع تكوين عظام جديدة في أجسام أسماك القرش، وفي 2002 أعلن عن بدء تجربة فعالية هذه المادة، ولكن التجارب توقفت عام 2007 ولم تثبت فعالية العديد من الأدوية في علاج خلل التنسج الليفي المعظم المترقي (متلازمة الرجل الصخري) بينما تركت تغيرات في حالة بعض المرضى الذين خضعوا لتجارب العلاج بهذه الأدوية بعضاً من الغموض المحيط بنتيجة هذه التجارب، وشهر أبريل عام 2013 أعلن عن إنتاج دواء يتيم لعلاج هذا المرض.800 مصاب في العالم.. أمريكا في الصدارةذكرت الجمعية الدولية لخلل التنسج الليفي المعظم أن 800 شخص حول العالم أصابهم متلازمة الرجل الصخرة، وأن الولايات المتحدة سجلت وحدها 285 حالة، ووصف بعض المصابين المرض بأنه مرعب، وشيء لا تستطيع السيطرة عليه، إذ يسيطر على الجسد تماماً، ويفقد الإنسان القدرة على تحريك الرقبة أو الذراع، وقد لا يستطيع أن يجلس إلا في اتجاه اليمين فقط لأن النظر إلى اتجاه آخر يتطلب منك أن تقوم بتحريك جسدك بالكامل، ولا يستطيع المصاب التقاط أي شيء من على الأرض، لأن كافة أنسجة الجسد تحولت إلى عظام، وأن المرض يتنشر بالجسد وقد يصل إلى الوجه ما يؤدي إلى إغلاق الفك.ويقول الباحثون إن السبب في تحول الأنسجة إلى عظام هو التعرض لصدمة أو سكتة دماغية أو السقوط، وبعض الأسباب قد تكون مجهولة حتى الآن.ومع ذلك فإن أكثر المصابين يحاولون التعايش مع المرض بتناول بعض العقاقير المسكنة وإن كانت لا تجدي أي نفع فالآلام التي يشعر بها المصاب من الصعب التغلب عليها.ويضيف الباحثون أنه أمكن ترميز البروتين الخاص بهذا الجين وهو عبارة عن إنزيم يتفاعل أساساً على تشكيل العظام وإعادتها في حالة إصابتها بالكسر، وينشط هذا الإنزيم في المرضى الذين يعانون من هذا المرض لأنه يكون نشيطاً جداً ويتم إنتاجه بشكل مستمر.ووصف الأطباء المرض بأنه يسرق الطفولة وعادة ما يبدأ في الظهور من سن الخامسة، وهو أسوأ أمراض العظام على الإطلاق، وأن الغالبية العظمى من الأطباء لا يعرفون شيئاً عن هذا المرض، وأحياناً يقوم البعض منهم بتسميته «مرض النمو غير الطبيعي للعظام» وأنه من الممكن أن يقوم أحدهم بأخذ عينة من المصابين بواسطة إبرة تساعد في تفاقم الورم ليؤدي إلى مزيد من نمو العظام، وهذا يُعد بمثابة صدمة مثل السقوط أو السكتات الدماغية.< Previous PageNext Page >

مشاركة :