كما ذكرنا عدة مرات في السنة السابقة، كان أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح يدلون بتصاريح تتعلق برفع أسعار الفائدة في عام 2015، وذلك من أجل عدم التسبب في هلع يالأسواق والمخاطرة في تعرض الأسواق العالمية إلى مفاجأة تامة، وذكر الخطاب الأخير لرئيسة المجلس جانيت يلن أن سوق العمل قد تحرك بشكل واضح باتجاه وضع أكثر طبيعية، وهو سبب يرجّح أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة في المدى القريب هذه السنة. بدت رئيسة المجلس متحمسة لبدء عملية التضييق، ولكن بحذر، قائلة إن التحرك أسرع مما يجب قد يهدد الانتعاش، فيما الانتظار طويلاً قد يهدد بانتعاش كبير ويرفع معدل التضخم بسرعة. وبعد أن أبقى مجلس الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة عند الصفر لنحو سبع سنوات، فإن اهتمامه الرئيسي هذه السنة هو الحفاظ على مسار الاقتصاد، وفي الوقت نفسه منع أسعار الفائدة من الارتفاع بشكل كبير وتفادي ارتفاع قيمة الدولار بشكل يؤذي الشركات الأمريكية. وفيما يبقى باقي العالم في أجواء نقدية تسهيلية، فإن المعضلة التي يواجهها المجلس هي كيف سيحاول أن يحقق نمواً بطيئاً ومعدلاً للتضخم مع ارتفاع تدريجي للدولار. وبعد أن تجنب العالم كابوس خروج اليونان من منطقة اليورو، تحولت أنظار العالم نحو العملية السياسية في أثينا مع مفاوضات البرنامج الثالث لآلية الاستقرار الأوروبي. وباختصار، يجب التعهد بالتزامات إصلاح مالية وهيكلية إضافية من أجل التوصل لبرنامج ناجح لآلية الاستقرار الأوروبي. وبما أن الوضع يتسم بالكثير من عدم اليقين بشأن السياسة المحلية، فإن المخاطر التي تواجه التنفيذ تبقى مرتفعة حتى القيام بتغييرات سياسية أكبر وتحقيق تحسن اقتصادي في اليونان. ومن ناحية الصرف الأجنبي، ارتفع الدولار الأمريكي قليلاً هذا الأسبوع بعد ارتفاع مبيعات التجزئة وأرقام التوظيف. وكما ذكرنا أعلاه، فمع انصراف الأسواق عن الوضع اليوناني، بدأ اليورو الأسبوع عند مستوى 1.0829، ليرتفع بعدها إلى 1.1018 بعد تصديق البرلمان اليوناني على المجموعة الأولى للإجراءات التي ستسبق بدء المفاوضات على برنامج الإنقاذ الجديد. وأنهى اليورو الأسبوع عند 1.0984. المملكة المتحدة في المملكة المتحدة، ركزت الأسواق هذا الأسبوع على محاضر اجتماع بنك إنجلترا. وبالفعل، ارتفع الجنيه الإسترليني قليلا بعد صدور هذه المحاضر التي بينت تقييم بعض الأعضاء لمخاطر ارتفاع معدل التضخم. وتبعاً لتعليقات رئيس بنك إنجلترا مارك كارني الأسبوع الماضي بأن الوقت يقترب لرفع أسعار الفائدة، قدمت المحاضر دليلاً واضحاً للمستثمرين على مدى شمولية هذا التحول ضمن الأعضاء. آسيا وفي آسيا، استمر التداول بالين الياباني مقابل الدولار ضمن نطاقه المعتاد ما بين 123.57 و124.48. ومع الانخفاض الموسمي لحجم التداول وذهاب المستثمرين في إجازات، يبدو أن المستثمرين في الغالب ينتظرون ليروا ما سيكون عليه التحرك التالي لمجلس الاحتياط الفيدرالي قبل البدء بتحركهم. ومن ناحية السلع، تبقى أساسيات سوق النفط ضعيفة. فبسبب عدم قيام أوبك بخفض الإنتاج أو وقف الإمداد، من الأرجح أن تبقى أسعار النفط تحت الضغط خاصة مع بقاء النمو العالمي ضعيفا والأسواق الآسيوية تحت الضغط. أمريكا مع خلق نحو ثلاثة ملايين وظيفة في السنة الماضية، ومعدل بطالة بنسبة 5.3%، فإن انخفاض أسعار الطاقة الذي شهدناه هذه السنة عزز القدرة الشرائية للمستهلكين الأمريكيين بمساعدة أسعار الفائدة على القروض السكنية التي بقيت قرب أدنى مستوى لها على الإطلاق انخفضت طلبات البطالة الأولية في الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من 41 سنة، ما يشير إلى أن نمو الوظائف بقي قويا مع دخول فصل الصيف. وانخفضت طلبات إعانة البطالة بمقدار 26.000 لتصل إلى 255.000 في الأسبوع الماضي، وهو المستوى الأدنى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 1973. ويبقى انخفاض الأسبوع الماضي استثناء ويبالغ في قوة سوق العمل، حيث إن الطلبات تكون متقلبة في الصيف حين يغلق صانعو السيارات عادة مصانع التجميع. ولكن من المثير للاهتمام أن نلاحظ أن تحسن أرقام سوق العمل تأتي بموازاة تقارير أخرى تظهر أقوى مستويات لمبيعات المساكن وارتفاع إنفاق المستهلكين بعد شتاء ضعيف. ويعني انخفاض طلبات البطالة أن معدل البطالة، حاليا عند نسبة 5.3%، سيستمر في الانخفاض، ويحتمل أن يسبب انخفاض معدل البطالة إلى ما دون 5%، أي أقل من نسبة ما قبل الأزمة المالية. أوروبا مع انحسار اهتمام الأسواق عن اليونان بعد الاتفاق وإجراءات البرلمان هذا الأسبوع، لم يعد البنك المركزي الأوروبي هو محور الاهتمام، مع تقليل رئيس البنك ماريو دراغي من أهمية التضييق الأخير في الأوضاع المالية لمنطقة اليورو. ولكن سيكون هناك رد في حال المزيد من التدهور. ووافق البنك المركزي الأوروبي أيضاً على زيادة قدرها 900 مليون يورو لمساعدة السيولة في حالات الطوارئ، تسمح للبنوك اليونانية بأن تعيد فتح أبوابها مع سحب أقصى بمقدار 420 يورو في الأسبوع وغيرها من الخدمات المحدودة المقدمة إلى الزبائن. وبشكل موازٍ، صرفت أوروبا أيضاً 7.2 بليون يورو وفق اتفاق تمويل قرض مؤقت لآلية الاستقرار المالي الأوروبية، استخدم أكثر من 6 بلايين يورو منه فوراً لدفع سند اليونان المستحق للبنك المركزي الأوروبي عن شهر يوليو/تموز، والمتأخرات المستحقة لصندوق النقد الدولي والقرض المستحق لبنك اليونان. بيانات صينية مربكة ارتفع تقرير بنك اليابان لشهر يونيو/حزيران للصادرات الحقيقية بنسبة 1.0%على أساس شهري وانخفض بنسبة 3.6% على أساس ربع سنوي بين إبريل/نيسان ويونيو/حزيران. وإضافة لذلك، أفاد التقرير الشهري للبنك الخاص بالتطورات المالية والاقتصادية الأخيرة لشهر يوليو/تموز أن الصادرات والإنتاج الصناعي قد ارتفعا رغم بعض التقلبات. وفيما يتعلق بالمستقبل الاقتصادي، يتوقع أن ترتفع الصادرات بشكل معتدل، وبشكل رئيس على خلفية الانتعاش في الخارج. ورغم أن تدهور السوق الصيني يشكل خطراً رئيساً للصادرات اليابانية، فإن الإنفاق الاستهلاكي الأمريكي يبقى أكثر أهمية بكثير بالنسبة لبنك اليابان إلى جانب انخفاض أسعار السلع والطاقة. انخفض مؤشر مديري الشراء في الصين إلى أدنى مستوى له منذ 15 شهراً في يوليو/تموز، ويرجع بعض المحللين ذلك إلى الانهيار الأخير في سوق الأسهم وتراجع الصادرات. فقد انخفض المؤشر إلى 48.2 مقابل توقعات بلغت 49.7، أي أقل بكثير من مستوى 50 الفاصل بين النمو والانكماش. وتشير هذه القراءة على الأرجح إلى أن تحسن الاقتصاد الذي شهدناه مؤخرا قد لا يكون استمر حتى بدء الربع الثالث وأن مخاطر تراجع النمو تبقى مرتفعة. وبالإضافة لذلك، فإن هذا الرقم يتضارب مع الأرقام الرسمية الصادرة الأسبوع الماضي والتي تظهر أن الاقتصاد الصيني ينمو بنسبة جيدة تبلغ 7%. وبالنتيجة، يتوقع المستثمرون أن يرفع البنك المركزي الصيني من إجراءاته ويستمر في خفض أسعار الفائدة والمعدل المطلوب للاحتياط في البنوك، وذلك من أجل تعزيز الاقتصاد المتباطئ. بنك إنجلترا تستمر معضلة بنك إنجلترا بعد بيانات مبيعات التجزئة البريطانية المخيبة للآمال في يونيو/حزيران. فقد انخفضت المبيعات بنسبة 0.2 % على أساس شهري مقابل توقعات السوق بزيادة نسبتها 0.4%. وحتى مع تباطؤ معدل النمو السنوي من 4.7% إلى 4.0% فإننا نعتقد أن إنفاق المستهلكين البريطانيين يبقى قويا بفضل انخفاض أسعار الغذاء والطاقة، وعلى صعيد آخر، أظهرت محاضر اجتماع بنك إنجلترا لشهر يوليو أن عددا من الأعضاء شعروا بأن خطر التضخم يرتفع، وبالنسبة للبعض، فإن قرار سياسة البنك أصبح متوازنا بشكل أدقّ.
مشاركة :