رواية شجرتي شجرة البرتقال الرائعة، للكاتب خوسيه ماورو دى فاسكونسيلوس، بترجمة إيناس العباسي. يكتب دى فاسكونسيلوس في هذه الرواية نيابة عن كل البرازيليين الأصليين الذين تجري الإنسانية في دمائهم، يكتب بإحساس مرهف يتبعه من القسوة والظلم ما يجب على الإنسان القيام به في ظروف الحياة القاسية. يندلعُ الأسى منذ الصفحة الأولى من خلال سرد حكاية أسرة «زيزا»، الأب الفقير والإخوة القلقين للغاية والعم إدموندو البعيد عن أطفاله، وما تبعه من تغيير المسكن بسبب تراكم الأجور الشهرية، فضلاً عن سهرات تمضي تحت ضوء الشموع الحالة محل الكهرباء التي تم فصلها، على خلفية تراكم التأخر في السداد، ومن ثم تنتهي بانسحاب الأم إلى غرفتها للبكاء، وفشل زيزا في الحصول على هدية ليلة الميلاد ليصرخ: «ما أشقى أن يكون للمرء أب فقير»! الطفل (زيزا) أو (الشيطان الصغير) ذو الخمس سنوات والذي نسجت الرواية حوله خيوطها، يوصف بقط المزاريب، والطفل الذي يحمل في قلبه عصفوراً يغني!!، الذي يضربه الجميع على شيءٍ بدا منه وأشياء لم يعلم بها وبفاعلها، وعندما تعرف على بورتوجا، الأكبر منه بأكثر من أربعين عاماً، أحس معه بالحنان الذي افتقده في أسرته، من خلال أخذه في فسحات كثيرة، وتعليمه أشياء كثيرة أدخلت في قلبه البهجة والسرور، «شجرتي شجرةُ البرتقال الرائعة» تدفع بنا إلى تبني انطباع خاص يليق بهذا العمل، أن المتعة ليست كافية في الكتابة والقراءة، بل يجب أن تكون الأشجار على دراية بالأحداث، لا بل أن تكون جزءاً لا يتجزأ من أي عمل، وكشخصيات رئيسة تتدخل وتسرُد، ثم الإيجاز والاقتضاب في ذاك السرد: «لا تبكِ، يا صغيري. سنحصل على بيت كبير جداً، ونهر حقيقي يمر خلفه مباشرة، يوجد الكثير من الأشجار، وهي ضخمة جداً. ستكون كلها لك. تستطيع أن تصنع أراجيح». عندما نقرأ رواية مختلفة باطنياً عن الروايات التي سبق لنا قراءتها، يتملكنا الإصرار والفضول لمعرفة الكاتب والبيئة التي نما فيها لإنتاج هذا الكم من الإبداع. رواية جميلة سلسة، لا تحوي على التعقيد، ما يجعلها رواية رائعة ومناسبة لجميع الأعمار، فأفكارها تدخل في القلب من دون استئذان، وترسم على الوجه ابتسامة طفولية رائعة. رواية تعيدك إلى ذكريات الطفولة، نتذكر بها ألاعيب الصبا المؤذية، وجهلنا بالضرر الذي من الممكن إحداثه دون علم. خالد المخضب
مشاركة :