قبل فترة وجيزة غاب عن سماء الدبلوماسية العالمية والعربية والخليجية نجم شع فيها فترك له أثراً هو عبارة عن بصمة من الضوء تعَلَّمَ منها الكثير ممن يمارسون هذه المهنة ويعرفونها، عن ابن الملك الشهيد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل أتكلم.. نعم حضر في القرن الماضي ومطلع هذا القرن ثم غاب بقدر الله وقضائه ولكنه إذا غاب بجسمه وشخصه فإنه لم يغب بروحه وعبقه العطري الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، فرحمك الله ياابن الفيصل وحفيد المؤسس وحامل لواء التوحيد والصدق والحنكة والإخلاص في هذا العمل الصعب [الدبلوماسية] لفظاً ومعنى؟! يقول الدكتور محمد نادر عطار عن كلمة دبلوماسية: الدبلوماسية كلمة حديثة قديمة، فهي حديثة بالمعنى المتعارف عليه حالياً وهي قديمة ككلمة ذات معنى يضرب جذوره في التاريخ. وعندما نطل على التاريخ القديم مثل التاريخ الروماني سنرى أن هذه المفردة مقتبسة من اليونانية. فما هو منشأ كلمة الدبلوماسية؟ لقد كانت الوثائق التي تتضمن الاتفاقيات بين الشعوب تسمى في العهد الروماني ديبلوما وهي كلمة مقتبسة أصلاً من اليونانية، كانت احدى مشتقات فعل (الازدواج) وعندما مر الزمان على هذه الوثائق في الدواوين، وتطورت الكتابة بحيث أصبح من الصعب على الأفراد العاديين قراءة هذه الاتفاقيات، أصبح المختصون بكتابتها وقراءتها والتأكد من أصالتها يسمون بالدبلوماسيين. وجاء في الموسوعة العربية الميسرة أن (كلمة ديبلوماسية مشتقة من الفعل اليوناني (يطوي) ففي أيام الامبراطورية الرومانية كانت جوازات السفر وجوازات المرور في طرق الامبراطورية تدمغ على قطع مزدوجة، ثم تطوى هذه القطع على شكل معين ويطلق عليها كلمة (ديبلوماسي) ثم أصبح هذا اللفظ يطلق على الأوراق الرسمية، وبخاصة الوثائق التي تمنح بمقتضاها امتيازات معينة أو تشتمل على أحكام معاهدات أجنبية، وعندما تكاثر عدد هذه الوثائق أصبح من الضروري استخدام فترة طويلة يطلق عليها باللاتينية (ديبلوماتيكا)، وقد اطلقت تسمية الديبلوماسي على ممثل الدولة الأجنبية في القرن الثامن عشر الميلادي. وهذا الرجل الذي غيبته الأقدار عن عالم الفناء إلى عالم البقاء سعود بن فيصل بن عبدالعزيز آل سعود دبلوماسياً فمن يكون هذا العلم الرفيع الشأن الذي نعته أكبر الدول في العالم (الولايات المتحدة) إذ قال رئيسها باراك اوباما في بيان من البيت الأبيض: أجيال من القادة الأمريكيين والدبلوماسيين استفادت من رؤية الأمير سعود الثابتة ومن شخصيته وهدوئه وموهبته. ونعته أصغر دولة خليجية (مملكة البحرين) التي نعاه ملكها بقوله: إن السعودية فقدت برحيل الأمير سعود الفيصل أحد رجالاتها المخلصين الذين عملوا بكل أمانة وإتقان. ناهيك عن مجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي اللذين عبرا في بيان عن حزنهما لوفاة الأمير سعود الفيصل الذي أفنى حياته في خدمة قضايا وطنه وأمتيه العربية والإسلامية لأربعة عقود. والأزهر الشريف الذي أكد في بيان أن التاريخ سيسطر بحروف من نور مواقفه التاريخية حيال قضايا أمتيه العربية والإسلامية، شيخ الأزهر أحمد الطيب الذي أشاد بحنكته وخبرته الدبلوماسية التي ساهمت في تقدم ورخاء المملكة العربية السعودية، ودعم واستقرار العالمين العربي والإسلامي، كما أن الشعب المصري لا يمكن أن ينسى وقفاته التاريخية مع مصر. كما نعته كل من مصر والباكستان والكويت وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي والإمارات وقطر وعمان ولبنان والأردن والمغرب.. ومن يريد معرفة شيء من جوانب سعود الفيصل المشرفة فهذه بعض الاشراقات: فحينما يركب طائرته المحلقة يومياً من دولة لأخرى والمستغرقة على أقل تقدير 14ساعة فهو لا ينام منها سوى ساعتين ان حدث ونام هذا بحسب ما يقول الوفد المرافق له. يقضي وقته في الطائرة بقراءة قضية أو ملف سياسي سيذهب إليه، حينما يقود سيارته.. فلا حيلة لأهله ومرافقيه سوى الدعاء له بالوصول سالماً.. يقود سيارته بسرعة جنونية.. معتبراً أن الوقت قد يضيع في هذه الثواني وهو لايملك وقتاً اضافياً! لدرجة أن الوفد المرافق والحراس الشخصيين يستغرقون وقتا ليس قليلاً حتى يلحقوا بسيارته! بل ويتعبوا في ذلك. رحمه الله برحمته الواسعة.
مشاركة :