وعرفت المدينة المنورة بتعدّد جبالها وأوديتها، التي ارتبطت بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أهم هذه الجبال "جبل أحُد"، الذي يطلّ بمكانته التاريخية الكبيرة على المدينة المنورة، من الجهة الشمالية، متباهياً بشواهد نبوية عظيمة، تمثلّت في خطى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي مشى على سفحه وصحبه الكرام، وتقع إلى جواره مقبرة "شهداء أحد"، التي تضم قبور 70 شهيداً من الصحابة رضوان الله عليهم، استشهدوا خلال معركة أحد، حيث يعدّ الجبل معلماً بارزاً في السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي . وشهد الجبل تلك الغزوة التي تعد الملحمة الفاصلة في بداية انتشار الإسلام وهجرة النبي - محمد صلى الله عليه وسلم - من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وقال عنه المصطفى عليه الصلاة والسلام : (أُحُدٌ جبلٌ يُحبُّنا ونُحبّه وعلى باب من أبواب الجنة). صحيح البخاري، ويعدّ من أكبر جبال المدينة المنورة، وسُمي بهذا الاسم لتوحده وانقطاعه عن غيره من الجبال. ويبرز في الجهة الجنوبية للمدينة المنورة "جبل عير" ، الذي يعد أحد المعالم الجغرافية البارزة التي تميّزت بها المدينة المنورة، فهو جبل عظيم وشامخ، ويعد حدا لحرم المدينة من الجهة الجنوبية الغربية، حيث جعله النبي صلى الله عليه وسلم معلما لحدود هذا الحرم، ففي الصحيحين من حديث إبراهيم التيمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (المدينة حرمٌ ما بين عير إلى ثور ). ومن جبال المدينة المنورة التي عرفها التاريخ "جبل سلع"، الذي يقع غربي المسجد النبوي على بعد 500 متر تقريباً من سوره الغربي، ويبلغ طوله نحو كيلو متر تقريباً، حيث يصل ارتفاعه إلى 80 متراً وعرضه ما بين 300 إلى 800 متراً، ويمتد من الشمال إلى الجنوب ويتفرع منه أجزاء في وسطه على شكل أجنحة قصيرة باتجاه الشرق والغرب . ولجبل سلع مكانة تاريخية متميزة، حيث وقعت على سفوحه أو بالقرب منه عدة أحداث مهمة، أهمها "غزوة الخندق" أو غزوة "الأحزاب"، حينما تجمّع المشركون في جهته الغربية وكان يفصل بينه وبينهم الخندق الذي حفره المسلمون في السنة الخامسة للهجرة، وكان سفح جبل "سلع" مقراً لقيادة المسلمين، فقد ضربت خيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورابط عدد من الصحابة في مواقع مختلفة منه، وسكنت عند قاعدة الجبل منذ العهد النبوي قبائل عدة . وتمتد بين سفوح جبال المدينة المنورة أودية تشرّف ثراها بملامسة أقدام خير الورى عليه أفضل الصلاة والسلام ، وشهدت بطون تلك الأودية حضارات قديمة استوطنت المدينة المنورة، أو مرت بها، وذُكر بعضها في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أو اكتشفها إنسان هذا العصر من خلال النقوش والرسومات التي برزت على صخورها، كعلامات دلالية لكائنات عاشت على أرض الجزيرة العربية في عصور ما قبل الإسلام وبعده . ويعد "وادي العقيق" أو " الوادي المبارك" من أهم هذه الأودية، فقد جعله الله تبارك وتعالى من البقاع الطيبة، وذكر النبي عليه الصلاة والسلام هذا الوادي في أحاديث كثيرة، تبيّن فضله وجمال طبيعته، حيث كان صلى الله عليه وسلم يخرج إليه يستمتع بهوائه وجوّه اللطيف، إضافة إلى "وادي بطحان" المعروف عند أهل المدينة المنورة بـ "سيل أبو جيدة"، فعندما يسيل يدخل المدينة، ويعمّ الخير ويفرح أهلها بمقدمه، ومصدر هذا الوادي من منطقة الحلابين، ثم "وادي جفاف" ويجري هذا الوادي في ضاحية بطحان الجنوبية، ثم ينحدر لوسط المدينة المنورة حتى يتصل بوادي العقيق في الجهة الشمالية الغربية من المدينة، ثم يتّحدان في مجرى واحد، ينتهي في الغابة بمجمع السيول . ويعد "وادي قناة " أحد أهم أودية المدينة المنورة وأكبرها ، حيث عُرف عند أهلها بسيل سيدنا حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه، كونه يمر من منطقة سيد الشهداء، ومصادر هذا الوادي كثيرة منها القريبة كتلك الشعاب والأودية المنحدرة من الجبال والحرات، ومنها البعيدة مثل وادي وجّ بالطائف . ونزلت العديد من القبائل العربية على ضفاف "وادي الرانوناء" بالمدينة المنورة، حيث أرسى دعائم التطور الحضاري، وظلّت ضفافه مزدهرة وعامرة بالسكان حتى عهد العصر النبوي، حيث امتدت إليه منازل بعض القبائل الأخرى، فشغلت معظم أجزاء الوادي حتى كانت المزارع تغطي أجزاء كبيرة من مساره، ووادي الرانوناء في الجهة الجنوبية الغربية من الحرة الجنوبية المعروفة بحرة شوران . ومن أودية الحرة الجنوبية "وادي مهزور" ، الذي نزلت على ضفافه القبائل القديمة، وقامت حضارة عريقة كانت جزءاً مهماً من أجزاء حضارة المدينة المنورة قبل الإسلام، وذكر هذا الوادي في الأحاديث النبوية الشريفة. وتضم المدينة المنورة أيضاً "وادي مذينب" الذي عرف بأنه شعبة من بطحان، وذلك لاتحاد مصادر مياههما في أكثر الأجزاء إضافة إلى انتهاء الوادي بالاتصال بوادي بطحان بالقرب من المدشونية، ليكوّنا وادي بطحان الذي ينتهي إلى الشمال الغربي من المدينة المنورة حيث يلتقي بوادي العقيق ومنها إلى مجمع الأسيال. // انتهى // 10:03ت م 0019 www.spa.gov.sa/2130117
مشاركة :