انطلق العام الدراسي في إيران السبت لنحو 15 مليون تلميذ بقي كثيرون منهم خارج الصفوف، في ظل المخاوف من تفشي فيروس كورونا المستجد، وسط تأكيد السلطات اعتماد كل الاجراءات الوقائية لتفادي "كوفيد-19". وشهدت ثانوية نوجوانان في شمال طهران، حضورا رسميا وإعلاميا مع بدء السنة المدرسية الجديدة، في يوم تخللته رسالة مسجلة عبر الفيديو للرئيس حسن روحاني الذي عادة ما كان يفتتح العام الدراسي بحضور مباشر. ومر الداخلون الى المدرسة عبر جهاز تعقيم، وخضعوا لفحص قياس درجة الحرارة، قبل ان يتوزعوا في باحتها محافظين على التباعد الاجتماعي. ويأتي انطلاق العام التربوي بعد نحو ستة أشهر من إقفال المدارس على خلفية تفشي "كوفيد-19" الذي تعد إيران أكثر الدول تأثرا به في الشرق الأوسط. وتسببت الجائحة بوفاة أكثر من 22 ألف شخص في الجمهورية الإسلامية، وإصابة أكثر من 382 ألفا. وبحسب آخر الأرقام الرسمية التي أعلنتها وزارة الصحة الإيرانية السبت، سجلت في الساعات الأربع والعشرين الماضية وفاة 110 اشخاص و1894 إصابة جديدة بالفيروس. وقال وزير التربية والتعليم محسن حاجي ميرزائي بعد قرع جرس بدء العام الدراسي "آمل أن تثق بنا عائلاتنا العزيزة وتتأكد من ان الوزارة ستتخذ أقصى درجات الحيطة لمحاولة ضمان تطبيق كل البروتوكولات اللازمة". وسيتم هذا العام اعتماد سلسلة إجراءات احترازية، منها ألا تمتد الحصص الدراسية لأكثر من 35 دقيقة، مع إبقاء مسافة متر على الأقل بين كل تلميذ وآخر، وإلزام الجميع وضع الكمامات الواقية، بحسب لجنة مكافحة "كوفيد-19" في إيران. وفي حين سيعود العديد من التلامذة الى الصفوف، سيبقى كثيرون، لاسيما صغار السن منهم، خارجها، مواصلين التعلم من بعد. - انضباط... وانتقاد - وفي الرسالة المصورة التي بثت أمام التلامذة والمسؤولين الحاضرين في نوجوانان، شدد روحاني على أهمية الالتزام الصارم بالاجراءات الصحية الاحترازية، داعيا الى "انضباط" في تطبيقها يوازي "انضباط الجنود في معسكرات التدريب للقوات المسلحة". على رغم ذلك، لم يسلم روحاني من سهام الانتقادات على خلفية اقتصار مشاركته في احتفالات بدء العام الدراسي، على رسالة مصورة عبر الفيديو بسبب المخاوف من "كوفيد-19"، بينما تتم دعوة التلامذة للحضور مباشرة الى المدارس والصفوف. وكتب الصحافي الاصلاحي مازيار خسرافي عبر موقع "تويتر"، "روحاني قرع جرس (بدء العام الدراسي) من بعد، ويتوقع مني أن أرسل ابني (الى المدرسة)؟". من جهته، سأل المنتج السينمائي المحافظ محمود رضائي عبر "تويتر"، "كيف لهم ان يتوقعوا وثوق الناس ببروتوكولات لا يثق الرئيس نفسه بها، وأن يرسلوا أحباءهم الى المدرسة!". وكانت الحكومة قد وجدت نفسها محط انتقادات على خلفية إعادة التلامذة الى الصفوف مع بدء العام الدراسي. وكان من أبرز المنتقدين محمد رضا ظفرقندي، رئيس المجلس الطبي في إيران، وهي هيئة غير حكومية تقوم مقام نقابة الأطباء، وتتولى الترخيص وتسجيل العاملين في مجال العناية الصحية، باستثناء الممرضين. ورأى ظفرقندي في رسالة مفتوحة نشرت السبت، أن الاجراءات المعتمدة "متعارضة" بعض الشيء، محذرا من أن التلامذة قد يكونون حاملين لفيروس كورونا من دون ان تظهر عليهم أي عوارض، ويتسببون تاليا بنقل العدوى. - "جميعنا قلقون" - وأبدى عدد من الأستاذة وذوي التلامذة قلقهم من حضور الصفوف بشكل مباشر، خشية ان يتسبب ذلك بتفشي الفيروس. وقالت مديرة المدرسة نسرين موبيني لوكالة فرانس برس "السيطرة (على تفشي كوفيد-19) صعبة جدا"، ويجب "تعليم التلامذة سبل اتباع البروتوكولات الصحية والتباعد الاجتماعي". وتابعت "جميعنا قلقون. زملائي، الأهالي، الجميع". من جهته، رأى أستاذ الأدب أميري (66 عاما) ان العودة الى الصفوف "تتسبب بضغط"، لكنه أقر بضرورة إقامة الحصص الدراسية الأولى على الأقل بشكل مباشر، ليتمكن الأساتذة والتلامذة من التعرف بعضهم الى بعض. أما والدة أحد التلامذة، والتي اكتفت بذكر اسم عائلتها آذرخش، فأشارت الى ان "القلق والضغط" يرافقانها مع إحضار ابنها الى المدرسة اليوم. وأشارت الى انها تفضل الحضور المباشر في الصفوف شرط التطبيق الفعلي والصارم للإجراءات الوقائية. وبدا التلامذة سعيدين بالعودة الى المدرسة، على رغم استشعارهم بخطر احتمال التقاط العدوى أو نقلها. وقال التلميذ آسخان البالغ 14 عاما "نحن سعداء لأن المدارس عاودت فتح أبوابها"، مقرا في الوقت عينه بأن الوضع "لا يزال خطرا بالنسبة إلينا وللآخرين". واعتبر ان الحصص المدرسية "يجب ألا تكون بالحضور المباشر بالكامل، ولا عبر الانترنت بالكامل. يجب ان يكون ثمة مزج بين الأمرين".
مشاركة :