"المملكة تعيد صياغة الاقتصاد العالمي "

  • 9/5/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

إن الرئيس الصيني فاجأ العالم عندما اطلق مبادرة "الحزام والطريق" التي تهدف لإحياء طريق الحرير الذي كان ينقل الحرير من الصين إلى العالم القديم، ولكن الطريق هذه المرة سيكون وفقًا لإمكانيات الصين الآن التي تعد أكبر اقتصاد في العالم، فبكين التي تعتبر مصنع العالم ، بدلاً من أن تنتظر أن يأتي إليها العالم، تنتقل إليه بمنتجات زهيدة الثمن، لأن تكلفة الانتاج في الصين رخيصة، وعندما تصل هذه المنتجات إلى الدول الأوروبية ستكون منافسة جدًا. وفي إطار سعي المملكة لزيادة حصة الصادرات غير النفطية من 16 لـ50%، ورفع مرتبة الاقتصاد لـ 15 عالميًا وفقًا لرؤية 2030، حرصت المملكة على أن يكون لها دور جوهري في هذا المشروع الذي يعد أهم مشروعات القرن العشرين، خاصة أنه سيُعيد صياغة العلاقات التجارية بين الدول، ويربط تجاريا بين 60 دولة باستثمارات متوقعة تتراوح بين 4 و8 تريليونات دولار، ويستهدف المشروع تعزيز التجارة بين آسيا وأوروبا وأفريقيا . وحتى لا يكون الكلام نظريًا بعيدًا عن الواقع، فقد سعت بلادنا إلى تحقيق هذا الحلم إلى واقع ملموس على الأرض، من خلال تأسيس شركة "طريق الحرير السعودية" كإحدى الأذرع الاقتصادية الجديدة للمملكة لتعزيز التجارة البحرية من ميناء جازان، وفي هذا السياق صرح مدير ميناء شنقهاي الصيني، بأن بكين تنوي تحويل ميناء جازان الاقتصادي الى أكبر مركز تصدير للصناعات الصينية بالشرق الأوسط، وسيكون أكبر ميناء يحوي البضائع الصينية بعد ميناء شنغهاي، لتصبح المملكة أكبر ممر لوجستي بين الشرق والغرب، لدعم طريق الحرير البحري ورؤية 2030وفقا لما ذكر في السعودية نيوز24. ولك أن تعلم أن مساحة مدينة جازان الاقتصادية المخططة تبلغ 103 كيلومترات مربعة، مخصصة لاستيعاب 156 ألف نسمة وتوجد في المدينة الآن 14 صناعة، ومن المتوقع أن يبلغ عدد الصناعات العاملة في المدينة 33 صناعة، وحسب التخطيط فإن مناطق المدينة من الجنوب إلى الشمال بالترتيب هي كالآتي: منطقة الصناعة الثقيلة، ومنطقة الصناعة التحويلية، ومنطقة الصناعة الخفيفة، ومنطقة الخدمات اللوجستية، والمنطقة الاحتياطية ومنطقة الإسكان، وقد تم تزويد منطقة الصناعة الثقيلة بالماء والكهرباء والطرق وغيرها من البنية التحتية، فيما تكون مصفاة النفط والميناء وقناة المياه وغيرها من المشروعات قيد التنفيذ. إن الصين استثمرت في هذا المشروع منذ 2013 حتى الآن ما يقرب من 80 مليار دولار، بالإضافة إلى أن المصارف الصينية قدمت قروضًا للدول التي يمر بها الطريق بقيمة تتراوح ما بين 175لـ 265 مليار دولار، وفقًا لفرانس 24، وشرط هذه القروض أن تنفذ المشاريع الشركات الصينية لتحريك عجلة الاقتصاد الصينية، ورغم ايجابية هذا المشروع للشرق الأوسط بشكل عام وللصين بشكل خاص، إلا ان هناك قلقًا غربيًا من هذا المشروع. إن ما يزعج الغرب من هذا المشروع ، أنه سيوفر المنتجات الصينة في الأسواق الغربية، بأسعار لا تقبل المنافسة بسبب رخص الأيدي العاملة الصينية، بالإضافة إلى أن بكين تعمل على الحد من وصول المنتجات الأوروبية إلى داخل أراضيها، فالأوروبيين لا يستطيعون الاستفادة من حجم السوق الصيني الكبير الذي يقدر بـ 1.3 مليار نسمة، ليس هذا فقط بل أن استثمار الصين في قطاعات حساسة في أوروبا مثل القطاع النووي، وقطاع الطائرات، وقطاع الالكترونيات، خاصة شبكة الجيل الخامس بالإنترنت، يثير القلق لدى الأوروبيين. إن الصين تحتل المركز الثاني اقتصاديًا على المستوى العالم بإنتاج يصل لـ 13 ترليون سنويًا أي 13 ألف مليار دولار، وعندما تكون دولة بهذا الحجم على المستوى الاقتصادي والسكاني ولديها القدرة الاقتصادية والعسكرية، ويصبح لديها التكنولوجيا الغربية والعلم، فماذا بعد؟ .. من يملك العلم والهيمنة الاقتصادية سيكون لديه الهيمنة السياسية، وربما تكون الهيمنة عسكرية أيضًا، وهذا ما يقلق الغرب كثيرًا. وأخيرًا وليس آخرًا، فأن فكرة تحول العالم من أحادي القطبية تتحكم فيه الولايات المتحدة الأمريكية بمفردها إلى عالم متعدد الاقطاب تحتل فيه الصين وروسيا وأمريكا والعديد من الاقطاب الاقتصادية الأخرى، مركزًا هامًا في صناعة القرار العالمي أصبحت قريبة جدًا، وعلينا كعرب بشكل عام، ودول الخليج بشكل خاص أن نساهم في تشكيل وصياغة هذا العالم الذي بدأت ملاحمه الآن تتبلور بشكل كبير للغاية، حتى لا نكون مجرد دولاً على الخريطة، لا تملك من رأيها شيئًا.

مشاركة :