أكدت مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية أن اكتشافات الغاز التي أعلن عنها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لن تحقق الاكتفاء الذاتي من الطاقة لتركيا كما ادعى رئيسها، ولن تحولها إلى مصدر رئيسي للطاقة، متوقعة أن تتفاقم الأزمة في منطقة شرق المتوسط نتيجة لذلك. فبعد أشهر من المواجهات التي أثارها أردوغان مع تركيا وقبرص والاتحاد الأوروبي؛ بسبب نشاط سفن التنقيب التركية في منطقة شرق البحر المتوسط بحثًا عن مصادر الطاقة، وإبحارها في مياه متنازع عليها، أعلن أردوغان العثور على مخزونات للغاز في البحر الأسود، كما أوضحت المجلة، في تقرير «ترجمته عاجل». وفي الواحد والعشرين من أغسطس، أعلن أردوغان العثور على 32 مليار متر مكعب من الغاز، وهو الاكتشاف الأكبر في تاريخ تركيا، معتبرًا أن الاكتشاف يضع تركيا أمام «مرحلة بناء الدولة الحديثة»، وتعهد أن يبدأ الإنتاج بالعام 2023. وفيما أعلن أردوغان أن الاكتشاف يمثل «بداية حقبة جديدة»، تصبح فيها تركيا مصدرًا رئيسيًا للطاقة في المنطقة، إلا أن «ذي إيكونوميست» أكدت أن هذا الإدعاء غير صحيح وأن الاكتشاف الجديد لن يحقق الاكتفاء الذاتي لتركيا كما يزعم الرئيس. كما اعتبرت المجلة إدعاء الرئيس التركي «حلم بعيد المنال»، وقالت إن تركيا تستورد 98% تقريبًا من احتياجاتها من الغاز، فيما يحمل المحللون شكوكًا جدية بشأن حقيقة حجم حقل الغاز المكتشف، لاسيما وأنه من الصعب التحقق من البيانات التي أعلنتها تركيا بشكل منفصل. كما شكك محللون ومتابعون، تحدثت اليهم المجلة، في قدرة تركيا على استخراج الغاز في فترة ثلاث سنوات فقط، مع شكوك بشأن جدوى المشروع التجارية ككل، وقالت المجلة: «البحث والتنقيب عن الغاز في البحر أمر ذو تكلفة مرتفعة للغاية، كما أن أسواق الطاقة تعثرت في الآونة الأخيرة نتيجة انخفاض الطلب وفرة العرض، ما دفع أسعار الغاز للانخفاض». الاعتماد على الموردين وفيما يبدو رقم 32 مليار متر مكعب من الغاز ضخم للكثيرين، وربما يكفي للوفاء باحتياجات تركيا من الغاز لمدة سبعة سنوات تقريبًا، لكنه لن ينهي اعتمادها شبه الكامل على الموردين من الخارج. كما أن الإعلان عن اكتشاف الغاز لم يثر شهية المستثمرين، لاسيما وأن العملة المحلية، الليرة، قد تراجعت من جديد أمام الدولار الأمريكي، عقب الإعلان مباشرة، ما يكشف تراجع ثقة المستثمرين في الاقتصاد التركي. وقالت المجلة إن الاكتشاف التركي في البحر الأسود إنما «ورقة مقايضة» جيدة يستخدمها الرئيس التركي في المفاوضات المستقبلية مع شركات الطاقة الروسية والإيرانية، التي أبرمت معها أنقرة صفقات تنتهي مدتها خلال سنوات قليلة. وفي هذا الشأن، يقول محمد أوجوتكو، رئيس تجمع «البوسفور» الصناعي للطاقة: «قللت تركيا بالفعل اعتمادها على روسيا، التي وفرت 21% من احتياجات الغاز لتركيا، في النصف الأول من العام، مقارنة بحوالي 52% العام 2017، وتحولت أنقرة إلى أذريبيجان لاستيراد الغاز المسال. واكتشاف البحر الأسود سيساعد في هذه المفاوضات بالمستقبل». توترات شرق المتوسط وفيما يتعلق بالموقف المتأزم في منطقة شرق البحر المتوسط، قالت المجلة البريطانية إن «أي آمال في أن يؤدي هذا الاكتشاف إلى تهدئة التوترات في البحر المتوسط قد تحطمت بالفعل». وأضافت موضحة: «في الثلاثين من أغسطس، مع وصول جنود يونانيين إلى جزيرة كاستيلوريزو، محل خلاف أساسي بين أثينا وأنقرة، فيما طالبت تركيا بانسحاب القوات، معلنة إجراء تدريبات بحرية جديدة قرب قبرص». ومع استعراض اليونان القوة الخاصة بها، في تدريبات مع قبرص وفرنسا وإيطاليا والإمارات، أعلنت القوات الجوية التركية اعتراض ست طائرات مقاتلة يونانية كانت متجهة إلى قبرص في إطار التدريبات وأجبرتها على العودة.
مشاركة :