أثارت الزيارة التي قام بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، إسماعيل هنية، الكثير من التساؤلات حول توقيتها وأهميتها، فضلًا عن الدوافع وراء لقاء هنية بالأمين العام لحزب الله اللبناني وما الذي يمكن أن يقدمه الحزب وقائده لحماس أو للقضية الفلسطينية بمجملها في الوقت الراهن؟.. خاصة وأن لبنان يمر بظروف اقتصادية وسياسية عصيبة فيما أن حزب الله بات بسلوكه يشكل أحد المعضلات الرئيسية للأزمة اللبنانية الأمر الذي يستلزم أن يعدل منه؛ حتى لا يكون عقبة أمام جهود الإصلاح في لبنان ومن ثم فما الذي ينتظر منه ليقدمه للآخرين؟بحث أوضاع الفلسطينيين: يحاول البعض أن يفسر أسباب زيارة هنية التي تعد الزيارة الأولى منذ ثلاثين عامًا بأنها جاءت كمحاولة من الحركة ورئيس مكتبها السياسي لبحث أوضاع الفلسطينيين في لبنان والذين يبلغ عددهم نحو 180 ألفًا ينتشرون في عدد من المخيمات خاصة وأن هؤلاء باتوا يعانون أشكالًا متعددة من المعاناة ففضلًا عن اللجوء ومشكلاته المعروفة جاءت جائحة كورونا وانتشارها بين مخيمات اللاجئين ثم تردي الأوضاع الاقتصادية في لبنان الذي أدخل البلاد كلها في معاناة مركبة، وهو ما دفعه إلى القيام بزيارة مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان. وأوضح هؤلاء أن الهم الوطني أحد أسباب هذه الزيارة، حيث حرص هنية على أن يبحث التوافق بين الفصائل الفلسطينية على خارطة طريق لمواجهة خطط الضم الصهيونية لأراض من الضفة الغربية، مستدلين على ذلك بلقاء هنية للأمناء العامين لهذه الفصائل.توجيهات تركية وإيرانية: ربما كان من الممكن القبول بالأسباب السابقة لتفسير تلك الزيارة غير أن ثمة قرائن أخرى تشير إلى أن هناك أشياء أخرى وراء هذه الزيارة منها أن هنية كان في تركيا قبل أن يحط به الرحال في بيروت حيث حظي بكل الترحاب من قبل رئيسها رجب طيب أردوغان ومن ثم فليس من المستبعد أن تكون زيارة هنية للبنان وحرصه على لقاء الأمين العام لحزب الله هو جزء من الترتيبات التركية- الإيرانية في التعاطي مع الضغوط الأمريكية والغربية التي تمارس في الوقت الحالي بحق الحزب في إطار الجهود التي تبذل لتشكيل حكومة تكون قادرة على الخروج بلبنان من مأزقه السياسي التي كان الحزب السبب الرئيس فيها.ماذا ينتظر هنية من حزب الله؟ ويبقى السؤال الأهم ما الذي تنتظر حماس أن يقدمه حزب الله اللبناني إلى حماس أو حتى للقضية الفلسطينية؟ وقد أكدت الأحداث بل اعترافات الحزب وقادته أنه لا يعمل إلا وفق أجندة الولي الفقيه والمصلحة الإيرانية الأمر الذي كشف عن أن الصراع مع الكيان الصهيوني لم يكن إلا وسيلة سياسية فجة أرادت بها إيران وذراعها حزب الله لتحقيق مصالح سياسية في لبنان وغيرها من دول المنطقة فيما أنها لم تقدم دعمًا حقيقيًّا يمكن أن يكون ذا تأثير حقيقي على مسار الصراع. ولعل ما تم كشف عنه قبل سنوات نائب السابق لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق في تسجيل مسرّب يدلل على ذلك؛ إذ علق أبو مرزوق على ما يتردد من حديث حول دعم إيران لحماس قائلًا: “القصة ليست كما يذكرون وهؤلاء من أكثر الناس باطنية وتلاعبًا بالألفاظ وحذرًا بالسياسة.. من 2009 تقريبًا لم يصل منهم أي شيء وكل الكلام الذي يقولونه كذب وكل ما وصل لأحبائنا لم يكن من قبلهم جزء من طرف صديق وأطراف أخرى بسبب الأوضاع في المنطقة وكله بجهد الأنفس.. لم يقدموا شيئًا في هذا المجال وكل ما يقولونه كذب”. وأوضح أبو مرزوق أن إيران كانت تشترط لدعم “حماس” أن تتدخل هذه الأخيرة لتحسين علاقات طهران مع دول مثل السودان وغيرها، واصفًا الإيرانيين بالقول: “هم مكذبة وفاتحينها بهذا المجال”. وأشار لما وصفها بأكاذيب الإيرانيين، حول إرسال السفن للمقاومة في غزة بالقول: “من 2011 كل سفينة تضيع منهم يقولوا كانت رايحة إلكم، في سفينة ضاعت بنيجيريا قالوا كانت إلكم رايحة، قلت لهم هو احنا فش ولا سفينة بتغلط وبتيجينا كل السفن اللي بتنمسك هي إلنا”.
مشاركة :